تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فالمرأة في الإسلام مثل الجوهرة مصونة محفوظة لا يحق لأحد المساس بها بدون حق، ومن أهم هذه الحصون ... الحجاب الذي هو َمكْرُمَةُ المرأة وشَعار عِفَّتِهَا، وعدمُ التزامها بالحجاب َمْدعاة لإثارة الشهوات عند الآخرين، مما يجعلها في مرمى سهام الساقطين، لذلك لا يجوز للمرأة أن تبدي زينتها وجمالها لغير المحارم، إلا ما ظهر منها؛ ومن المعلوم َبَداهة أن التكليف الشرعي لا يكون إلا بعقل وبلوغ، وبناءً عليه إذا وصلت الأنثى سن البلوغ وجب في حقها الحجاب أمام الأجانب [1]، وحد البلوغ بالنسبة للأنثى يكون بنزول دم الحيض عليها أو عندما تبلغ من العمر خمس عشرة سنة عند الشافعية،فَبِتَحَقُقِ أحد هذين الأمرين يَحْرُمُ عليها أن تُبدي أو تُظهر أي شيء من جسدها إلا الوجه والكفين لأنهما ليس بعورة.

فصل

في أن الحجاب يختلف عن النقاب

وقد يخلط البعض بين الحجاب والنقاب، فالواجب في حق المرأة إذا ما بلغت الحجاب كما تدل عليه الآيات والأحاديث، وصورته عند السادة الشافعية أن تستر المرأة جميع جسدها بحيث لا يُرَى لون البشرة مِنْ فوق اللباس، ويُستثنى من ذلك الوجه والكفان.

وحدُّ الوجه من مُبتدأ الجبهة إلى أسفل الذقن، ويحرم عليها أن تظهر الجيب وهو الرقبة وأعلى الصدر، وحد الكفين من رؤوس الأصابع حتى الكوعين أي الرسغين، وأما النقاب الذي هو ستر الوجه ما عدا العينين فهو غير واجب شرعا في حق عموم النساء ما عدا زوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

وقد ذهب البعض إلى القول بوجوب النقاب على عموم النساء وهذا قول لا تقوم به حُجّة وليس عليه دليل إلا ما تشابه من الآيات ومن النصوص وما كان خاصًّا لزوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلّم، وأقوى ما يستدلُّون به في وجوب النِّقاب قوله تعالى: "يَا أيَهُّا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وبَنَاَتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيهِنَّ مِنْ جَلاَبِيِبِهنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلاَ يُؤْذَيْنَ " [2]

رَوَى المفسرون في سبب نزول هذه الآية الكريمة أن الحُرَّة والأَمَة كانتا تخرجان ليلا لقضاء الحاجة في الغيطان وبين النخيل من غير تمييز بين الحرائر والإماء وكان في المدينة فُسَّاق، لا يزالون على عادتهم في الجاهلية يتعرّضون للإماء وربما تعرّضوا للحرائر، فإذا قيل لهم يقولون: حَسِبْنِاُهَّن إماءً، فأُمِرَت الحرائر أن يخالفن الإماء في الزيّ فيستترن ليحتشمن ويُهَبْنَ فلا يطمع فيهن ذوو القلوب المريضة.

وقال ابن الجوزيّ [3]:" سبب نزولها أنَّ الفسّاق كانوا يؤذون النساء إذا خرجن بالليل فإذا رأوا المرأة عليها قناع تركوها وقالوا هذه حرّة، فإذا رأوها بغير قناع قالوا: أمة فآذوها فنزلت الآية قاله السُّدي ".

فلا يستلزم من قوله تعالى يدنين عليهن من جلابيبهن ستر الوجه لغةً وشرعاً، ولم يرِد باستلزام ذلك دليل من كتاب ولا سنة ولا إجماع وما جاء عن بعض المفسرين مثل ابن عباس رضي الله عنه فإنه معارَضٌ بما جاء عنه أيضا في تفسيره الآية:" إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا" وكذلك يعارِضُه ما ورد عن الصحابة في تفسير معنى الحجاب وما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم من وقائع تدل على عدم وجوب ستر الوجه.

· وأما من استدل على وجوب النقاب بالآية:

" وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَابٍ " [4]

وسبب نزول [5] هذا الآية أن الصحابة كانوا يدخلون على بيوتات النبي صلى الله عليه وآله وسلم من غير استِئْذان وكان صلى الله عليه وآله وسلم يتأذى من ذلك وهذه الآية لا يصح الاستدلال بها على الحجاب الذي هو غطاء الرأس أو النقاب الذي هو غطاء الوجه لأن الحجاب المقصود في الآية هو الستر وهذا لما رواه الطبري في تفسيره عند قوله فاسألوهن من وراء حجاب يقول: "وراء ستر بينكم وبينهن، لأن سؤالكم إياهن المتاع إذا سألتموهن ذلك من وراء حجاب أطهر لقلوبكم وقلوبهن" فالاستدلال بهذه الآية على وجوب النقاب ليس له وجه من الوجوه، ناهيك على أن هذا الخطاب خاص بزوجات النبي صلى الله عليه وآله وسلم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير