تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ومن الأدلة التي استدل بها من قال بوجوب النقاب الحديث الذي رواه البخاري:" لا تَنْتَقِبُ المرأة المُحرِمة ولا تلبس القفازين " حيث قالوا: أن مفهوم الحديث يدل على لبس النقاب والقفازين في غير الحج. وهذا غير صحيح لأن كثيراً من الفقهاء استدلُّوا بهذا الحديث على أن الوجه واليدين ليسا بعورة وهي دلالة منطوق وما احتجوا به هو دلالة مفهوم وقد اتفق كل علماء أصول الفقه على أن دلالة المنطوق تقدم على دلالة المفهوم وإلا لما أوجِبَ كشفُهُما ويدل هذا الحديث على أن النقاب والقفازين كانا معروفين عند بعض النساء اختياراً منهن فبيَّنَتِ السنة أن إحرامهن في كشف وجوههن.

وأما الذين قالوا بأن الوجه والكفين ليسا بعورة فهو الذي تؤيده الأدلة من الكتاب والسنة وجاء الإجماع موافقا لذلك كما سيأتي بيانه.

فصل

الحجاب في كتاب الله عز وجل

يقول المولى عز وجل:" وَقُل لِّْلمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ .... " [6] فقد جاء عن ابن عباس رضي الله عنهما وعن عائشة رضي الله عنها أنهما فسرا قوله تعالى:" وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا " بالوجه والكفين ذكره الشيخ زكريا الأنصاري [7] وابن حجر الهيتمي [8]

وذكر ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى:" وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا " (أي لا يُظْهِرْنَ شيئا من الزينة للأجانب إلا ما لا يمكن إخفاءه قال ابن مسعود: كالرداء والثياب، يعني على ما كان يتعاطاه نساء العرب من المُقنعة التي تجلل ثيابها وما يبدو من أسافل الثياب فلا حرج عليها فيه لأن هذا لا يمكن إخفاءه ونظيره في زي النساء ما يظهر من إزارها وما لا يمكن إخفاؤه وقال بقول ابن مسعود الحسن وابن سيرين وأبو الجوزاء وإبراهيم النخعي وغيرهم وقال الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما:" وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا " قال: وجهها وكفيها والخاتم.

وروى عن ابن عمر وعطاء وعكرمة وسعيد بن جبير وأبي الشعثاء والضَّحَّاك وإبراهيم النخعي وغيره نحو ذلك وقال " إن الوجه والكفين هو المشهور عند الجمهور ") ا. هـ.

وذكر القرطبي في تفسيره عند قوله تعالى:" وَلاَ يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا " (أمر الله سبحانه وتعالى النِّساء بألاَّ يُبْدِينَ زينَتَهُنَّ للنَّاظرين إلا ما استثناه من الناظرين في باقي الآية حذراً من الافتتان، ثم استثنى ما يظهر من الزينة واختلف الناس في حدّ ذلك فقال ابن مسعود: ظاهر الزينة والثِّياب وزاد ابن جُبَير الوجه، وقال سعيد بن جُبَير أيضا وعطاء والأوزاعي: الوجه والكفان والثياب، وقال ابن عباس رضي الله عنهما وقتادة والمسور بن مخرمة: ظاهر الزينة هو الكُحُلُ والسَّوَاد والخِضَاب إلى نصف الذراع والقرطة، ونحو هذا مباحٌ أن تُبْدِيَه المرأة لكل من دَخل عليها من الناس، وذكر الطبري عن قتادة عن معنى نصف الذراع حديثاً عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وذكر آخرَ عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر إذا عركت - حاضت – أن تُظهر إلا وجهها ويديها إلى هاهنا " وقبض على نصف الذراع.

· قلت: وهذا قول حسن: إلا أنه لمّا كان الغالب من الوجه والكفين ظهورهما عادة وعبادة وذلك في الصلاة والحجّ فيصلُح أن يكون الاستثناء راجعا إليه. ") أ. هـ

قال الإمام المجتهد ابن جَرير الطبريّ في تفسيره [9] ما نَصُّه: (حدَّثنا ابن بشَّار قال حدَّثنا ابن عديّ وعبد الأعلى عن سعيد عن قتادة عن الحسن في قوله: "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها" قال الوجه والثياب وأَولَى الأقوال في ذلك بالصواب من قال: عُنِيَ بذلك الوجه والكفان، يدخل في ذلك إذا كان كذلك: الكُحْلُ والخاتم والسوار والخضاب، وإنما قلنا ذلك أولى الأقوال في ذلك بالتأويل لإجماع الجميع أن على كلِّ مصلٍّ أن يستر عورته في صلاته، وأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفيها في صلاتها وأن عليها أن تستر ماعدا ذلك من بدنها إلا ما رُويَ عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه أباح لها أن تبدي من ذراعها إلى قدر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير