تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[ماجد بن حسن]ــــــــ[24 - 10 - 09, 05:27 م]ـ

2 - الزيادة في الدين الثابت في الذمة:

وهذا النوع قال فيه الإمام أحمد رحمه الله: (إنه الربا الذي لا شك فيه) (1)، وأدخله ابن القيم رحمه الله ضمن ربا النسيئة ووصفه بأنه جلي فقال: (فأما الجلي: فربا النسيئة وهو الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية، مثل أن يؤخر دينه ويزيده في المال، وكلما أخره زاده في المال حتى تصير المائة عنده آلافا مؤلفة) (2).

وهذان النوعان محرمان وكلاهما من ربا الجاهلية وإن كان أحدهما أشهر من الآخر، وسأنقل شيئا من كلام العلماء على كونهما من ربا الجاهلية، ثم أذكر شيئا من الأدلة الخاصة على تحريمهما.

يقول الجصاص رحمه الله: (إنه معلوم أن ربا الجاهلية كان قرضا مؤجلا بزيادة مشروطة فكانت الزيادة بدلا من الأجل فأبطله الله تعالى) (3).

وقال إلكيا الهراسي: (والله تعالى حرم الربا فمن الربا ما كانوا يعتادونه في الجاهلية من إقراض الدراهم والدنانير بزيادة) (4).

وقال مجاهد رحمه الله في الربا الذي نهي عنه: (كانوا في الجاهلية يكون للرجل على الرجل الدين فيقول: لك كذا وكذا وتؤخر عني، فيؤخر عنه)

وقال قتادة: (إن ربا الجاهلية يبيع الرجل البيع إلى أجل مسمى فإذا حل الأجل ولم يكن عند صاحبه قضاء زاده وأخر عنه) (5).

وقال ابن حجر الهيتمي رحمه الله: (وربا النسيئة هو الذي كان مشهورا في الجاهلية لأن الواحد منهم كان يدفع ماله لغيره إلى أجل على أن يأخذ منه كل شهر قدرا معينا ورأس المال باق بحاله فإذا حل طالبه برأس ماله فإن تعذر عليه الأداء زاد في الحق والأجل) (6).

فإن قال قائل: الأثران الواردان عن مجاهد وقتادة رحمهما الله في تفسير ربا الجاهلية يدلان على أن الربا الجاهلي نوع واحد وهو الزيادة في الدين الثابت في الذمة، أما ربا القرض فلا يدخل في الربا المقطوع بتحريمه في القرآن، وعلى هذا فهو محرم في السنة تحريم وسائل فيجوز للحاجة (7).

فالجواب عن ذلك: أن ذكر السلف لأحد النوعين لا يدل على اختصاصه بالحكم، بل لكونه أشهر من غيره، فربا القرض الذي حددت فيه الفائدة مسبقا موجود عند أهل الجاهلية وإن كان أقل من الزيادة في الدين الثابت في الذمة، ومما يدل على وجوده قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ} (البقرة:278،279) فالجملة الأخيرة حصرت حق الدائن في رأس ماله الذي أقرضه، وأنه لا يستحق الزيادة مطلقا سواء شرطت في أصل العقد أو عند حلول الأجل (8).


(1) إعلام الموقعين (3/ 397).
(2) المرجع السابق.
(3) أحكام القرآن (2/ 184).
(4) أحكام القرآن للكيا الهراسي (1/ 254).
(5) أخرج هذين الأثرين ابن جرير في تفسيره (5/ 38).
(6) الزواجر عن اقتراف الكبائر (1/ 369).
(7) ينظر: الربا والمعاملات في الإسلام لرشيد رضا ص 137، مصادر الحق للسنهوري (3/ 244).
(8) ينظر: تفسير ابن كثير (1/ 432)، الربا والمعاملات المصرفية ص 183، الخدمات الاستثمارية في المصارف (1/ 603ـ606).

يتبع ..

ـ[ماجد بن حسن]ــــــــ[24 - 10 - 09, 05:34 م]ـ
أدلة تحريم ربا الديون:
دل على تحريم ربا الديون: الكتاب والسنة وآثار الصحابة والإجماع
أ- من الكتاب: كل آية تنهى عن تحريم الربا فهي دليل على تحريم ربا الديون، قال شيخ الإسلام رحمه الله: (ومن هذا الباب (1) لفظ الربا فإنه يتناول كل ما نهي عنه من ربا النساء، وربا الفضل، والقرض الذي يجر منفعة وغير ذلك، فالنص متناول لهذا كله) (2)، وذلك مثل قوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} (البقرة:275) {لاَ تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافاً مُّضَاعَفَةً} (آل عمران:130) {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} (البقرة:278)، وغيرها من الآيات فهي تدل على تحريم أي نوع من الربا، وذلك لأن (ال) في قوله (الربا) في الآيات السابقة إما أن تكون للعهد، وهذان النوعان من الربا معهودان في الجاهلية كما تقدم بيانه، أو تكون للعموم فيكون ربا
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير