تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أوّلا: من الكتاب قوله تعالى: ?قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ? الآية [الأعراف:32]، وقوله تعالى: ?يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ? الآية [المائدة:4]، وقوله تعالى: ?قُل لاَّ أَجِدُ فِي مَا أُوْحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ ... ? الآية [الأنعام:145].

فهذه جملة من الآيات يخبر فيها الله عزّ وجلّ أنّه جعل الأرض وجميع ما فيها لبني آدم منافع، فهو دليل على أنّ الأصل في الأشياء المخلوقة الإباحة حتّى يقوم الدليل على النقل عن هذا الأصل، ولا فرق بين الحيوانات وغيرها ممّا ينتفع بِها من غير ضرر [25].

ثانيا: من السنّة قوله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة: «المسلمون عند شروطهم والصلح جائز بين المسلمين» [26].

وقوله صلى الله عليه وسلم من حديث عقبة بن عامر: «أحق الشروط ما استحللتم به الفروج» [27].

ثالثا الاستصحاب:

حيث استصحبوا عدم التحريم في بيع العربون لدخوله تحت باب الشروط التي الأصل فيها الحلّ حتّى يدلّ دليل على التحريم ولا تحريم [28].

أمّا استدلالهم بالسنّة على موضع الخلاف؛ فهو ما رواه زيد بن أسلم: «أنَّّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أحلّ العربان في البيع» [29] ووجهه ظاهر في إباحة العربان في البيع.

والجواب عنه قول ابن حجر: «وهذا الحديث ضعيف مع إرساله» [30].

وأمّا الاستصحاب فردّه الظاهريّة [31] بقولهم: هو أنّ الأصل في العقود والشروط المنع إلاّ ما أوجبه الشارع وأباحه بنصّ من قرآن أو سنّة ثابتة [32].

رابعا: من الأثر وهو ما رواه عبد الرحمن بن فروخ: «أنّ نافع بن الحارث اشترى دارا للسجن من صفوان بن أميّة بأربعة آلاف درهم، فإن رضي عمر فالبيع له، وإن عمر لم يرض فأربعمائة لصفوان» [33].

قال الأثرم [34]: «قلت لأحمد، تذهب إليه؟ قال: أيّ شيء أقول؛ هذا عمر رضي الله عنه، وضعّف الحديث المرويّ في بيع العربان» [35].

والحديث وإن ذكره البخاريّ معلّقا فإنّه وجد من وصله، كالبيهقيّ [36]، وابن أبي شيبة [37]، وعبد الرزّاق [38]، و لهذا صحّحه ابن حزم في المحلّى بقوله: «بأصحّ طريق وأثبته في أشهر قصّة وهي ابتياع دار للسجن بمكّة» اهـ[المحلّى لابن حزم (8/ 374)]

كما استدلّوا بالمعقول حيث قالوا: إنّ ذلك الثمن في صفقة العربان إنّما استحقّه البائع في مقابل الزمن وتأخير بيعه وتفويت الفرصة على البائع [39].

والجواب أنّ هذا لا يصحّ من وجهين:

الأوّل: أنّه لو كان عوضا عن ذلك لما جاز جعله من الثمن في حال الشراء [40].

الوجه الثاني: أنّ الانتظار بالبيع لا تجوز المعاوضة عنه ولو جاز لوجب أن يكون معلوم المقدار كالإجارة [41].

خاتمة البحث:

بعد ذكر الأقوال ونسبتها إلى قائله، وعرض أدلّة الفريقين ومناقشتها تبيّن لنا الدليل الذي يصلح به الاستدلال.

وعليه فإنّ القول الذي ترجّح لدينا هو قول جمهور الحنابلة، القائل بجواز ومشروعيّة بيع العربون، وهذا لقوّة وسلامة أدلّتهم وضعف أدلّة القول المخالف، كما هو مبيّن في ثنايا البحث بحيث لا يوجد نصّ صريح يدلّ على جواز أو تحريم بيع العربون، إذ الحديثان ضعيفان فلم يبق لنا إلاّ الاستدلال بالعمومات.

فالفريق الأوّل استدلّ على ما ذهب إليه بعموم قوله تعالى: ?وَلاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ?.

أمّا الفريق الثّاني فاستدلّ بعموم الآيات المبيحة للمنافع؛ ولا شك أنّ بيع العربون من بين المنافع إذ لو كان من قبيل أكل الأموال بالباطل لنصّ عليه من الشارع بخصوصه فعدم النصّ عليه دلّ على أنّه من قسم المباح ولهذا قال الدكتور وهبة الزحيليّ: «وفي تقديري أنّه يصحّ ويحلّ بيع العربون وأخذه، عملا بالعرف لانتشاره كثيرا بين الناس في الوقت الحاضر»، وقال أيضا: «وأصبحت طريقة البيع بالعربون في عهدنا الحاضر أساس الارتباط والتعامل التجاريّ الذي يتضمّن التعهّد بتعويض ضرر الغير عن التعطيل والانتظار ويسمّى ضمان التعويض عن التعطّل والانتظار في الفقه القانونيّ».

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير