تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما الشرط الأول، فيتضمن أمران: 1 - ألا يعارض العمل بدليل الخطاب دليل شرعي خاص في المسالة نفسها فإنه يقدم عليه، وهذا لأن الدليل منطوق به في المسألة ودليل الخطاب يفهم منه فيكون المنطوق أقوى منه، لكن بشرط التساوي في الخصوص والعموم.

2 - ألا تظهر أولوية المسكوت عنه بالحكم أو مساواته فيه، وإلا استلزم ثبوت الحكم في المسكوت عنه، فكان مفهوم موافقة لا مخالفة [22]، وهذا لأن الثابت بالموافقة هو ثابت بالمنطوق ودلي الخطاب مفهوم من النطق فقط.

ب-ألا تظهر للقيد فائدة أخرى، وهذه الفوائد هي:

- ألا يكون القيد قد جاء لبيان الأعم الأغلب المعتاد، وهذا مثل قوله تعالى (وربائبكم الأتي في حجوركم من نسائكم الأتي دخلتم بهن) (النساء23)، فإن الغالب كون الربائب في الحجور، ومن شأنهن ذلك،فقيد به لذلك لا لأن حكم الاتي لسن في الحجور بخلافه [23].

- ألا يكون القيد قد جاء جوابا لسؤال، ولا لحادثة خاصة بالمذكور [24]،وهذا مثل أن يسأل إنسان الرسول صلى الله عليه وسلم هل في الذهب المخزون زكاة؟ فيجيبه النبي عليه الصلاة والسلام:في الذهب المخزون زكاة، فهذا لا يدل على أن الذهب غير المخزون –المتداول-ليس فيه زكاة.

- ألا يكون القيد قد جاء لتهويل الحكم وتفخيم أمره،كما في قوله تعالى حقا على المحسنين) (البقرة234) (حقا على المتقين) (البقرة240)،فإن ذلك لا يشعر بسقوط الحكم عمن ليس بمحسن ولا متق [25].

- ألا يكون القيد قد ذكر لأجل الامتنان،لا للتقييد، وهذا كقوله تعالى (وهو الذي سخر لكم البحر لتأكلوا منه لحما طريا) (النحل14) فالتقييد بالطراوة،لا يدل على منع أكل ما ليس بطري [26].

- ألا يكون القيد قد ذكر لأجل موافقة الواقع كقوله تعالى (لا يتخذ المومنون الكافرين أولياء من دون المومنين) نزلت كما قال الواحدي وغيره في قوم من المؤمنين والوا اليهود [27]، فنزلت الآية ناهية عن نفس الصورة الواقعة من غير قصد التخصيص بها [28].

- ألا يكون القيد للتأكيد والمبالغة كقوله تعالى (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) (التوبة100)،فالتقييد بالسبعين خرج مخرج التأكيد والمبالغة في عدم الغفران للمنافقين، فلا يل على أن النبي إذا زاد على السبعين ينفعهم،بل المراد أن استغفاره لهم لا ينفعهم ولو بلغ منتهى العدد [29].

وقد نظم الشنقيطي هذه الشروط تسهيلا لتداولها، وتعميقا لطالبها،فكانت كالتالي:

.\. ودع إذا الساكت عنه خافا

أو جهل الحكم [30] أو النطق انجلب للسؤال أو جرى على الذي غلب

أو امتنان أو وفاق الواقع والجهل والتأكيد عند السامع [31]

وهذه الشروط التي تواضع عليها أصوليو المالكية – والجمهور عموما – وسار عليها النهج الفقهي، بتفسيراته وتحليلاته، وتفريعاته، توضح بجلاء أن السبب في عدم تطبيق هذه الدلالة في تفسير بعض النصوص الشرعية – تتبعها النصوص القانونية في الحكم – يعود بالأساس إلى وجود مانع عدم توفر هذه الشروط أو هذه الضوابط التي يمكن اعتبارها بمثابة قواعد تخدم المذهب، فلا تجعله عرضة للفوضى من قبل المقلدين، لأنها أيضا تحدد زاوية العمل، وآلياته وحدوده.


[1]- من الذي ينكرون العمل به الحنفية والظاهرية الذين يردونه جملة. (ن) الفصول في الأصول، أحمد بن علي الرازي الجصاص 1\ 296 تحقيق:د.عجيل حاسم ط2\ 1414هـ.والإحكام في أصول الأحكام، ابن حزم الأندلسي 7\ 2 وما بعدها (د. ت).

- هذا إذا كان القيد في المنطوق لغرض بيان التشريع، وليس لغرض آخر،ككون القيد خرج مخرج الغالب أو جوابا لسؤال … .. [2]

- الوجيز في أصول الفقه، عبد الكريم زيدان ص 366 مكتبة القدس،ط6\ 1405هـ.1985. [3]

- الخطاب الشرعي وطرق استثماره،د. ادريس حمادي ص 260 المركز الثقافي العربي ط1\ 1994. [4]

[5]- علم أصول الفقه، عبد الوهاب خلاف ص 156، دار القلم ط12\ 1398هـ- 1978.

[6]- شرح تنقيح الفصول في اختصار المحصول ص55، دار الفكر ط1\ 1393هـ -1973.

[7]- مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول، ص79،دار الكتب العلمية بيروت –لبنان ط1\ 1417هـ - 1996.

[8]- الضروري في أصول الفقه، ص 119،تحقيق:جمال الدين العلوي،دار الغرب الإسلامي ط1\ 1994.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير