فالأول كقول أبى سعيد (كنا نعزل والقرآن ينزل فلو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن) فهذا لا يحتاج إلى أن يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم، لكن هذا المأخذ قد ذكره أبو سعيد ولم أر الأصوليين تعرضوا له.
وأما الثاني: فيحتاج إلى بلوغ النبي صلى الله عليه وسلم وفيه الأقوال الثلاثة.
والشاهد من كلامه هو الأول الذي رجح شيخ الإسلام فيه أنه لا يحتاج إلى أن يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم.
فإن قيل: أن حكم العزل لا دلالة فيه على ما نحن بصدده لثبوت بلوغ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فعن أبي سعيد الخدري (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيا من سبي العرب فاشتهينا النساء واشتدت علينا العزبة وأحببنا العزل فأردنا أن نعزل وقلنا نعزل ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا قبل أن نسأله فسألناه عن ذلك فقال ما عليكم أن لا تفعلوا ما من نسمة كائنة إلى يوم القيامة إلا وهي كائنة) متفق عليه وفي حديث جَابِرٍ عند مسلم (قال كنا نَعْزِلُ على عَهْدِ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَبَلَغَ ذلك نَبِيَّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فلم يَنْهَنَا) ويوجد روايات متعددة بنحو ما سبق
فالجواب: أن الحجة ليس في بلوغ ذلك للنبي صلى الله عليه من عدمه في هذه المسألة بل الحجة في فقه جابر رضي الله عنه وهو ما أشار إليه ابن القيم رحمه الله، حيث قال جابر (والقرآن ينزل ولو كان شيء ينهى عنه لنهانا عنه القرآن)، وأذكر أن الشيخ العثيمين رجحه في الشرح الممتع.
أما حديث سبيعة الأسلمية لولا ضيق الوقت لشاركت معكم في الجواب عنه ولعل الله ييسر ذلك فيما بعد ولكن أقول على عجالة أن المسألة السابقة يحتمل أن يكون له علاقة بحديث سبيعة ويحتمل عدم ذلك ووجهه أن صيغة سؤال سبيعة للنبي صلى الله عليه وسلم هي التي تحدد ذلك
فالاحتمالات الواردة في صيغة استفتائها أنها قالت له ما يلي:
الاحتمال الأول: يا رسول الله إني كنت تحت سعد بن خولة فتوفي عني فولدت قبل أن يمضي لي أربعة أشهر وعشر من وفاة فلما تعليت من نفاسي دخل علي أبو السنابل بن بعكك رجل من بني عبد الدار فرآني متجملة فقال: لها لعلك تريدين النكاح قبل أن يمر عليك أربعة أشهر وعشر؟
فعلى هذا الاحتمال لا يكون للمسألة السابقة علاقة في هذا الحديث لبلوغ ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم وعلمه بأن أبا السنابل هو المنكر
ويؤيد هذا الاحتمال قولها (فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ما قال أبو السنابل) ولكن دلالاته ضعيفة
الاحتمال الثاني: أنها قالت: يا رسول الله إني كنت تحت سعد بن خولة فتوفي عني فولدت قبل أن يمضي لي أربعة أشهر وعشر من وفاة فلما تعليت من نفاسي دخل علي رجل فرآني متجملة فقال: لها لعلك تريدين النكاح قبل أن يمر عليك أربعة أشهر وعشر؟ ويحتمل أنه قالت: فقيل لي في ذلك أو نحوه
فعلى هذا يكون للمسألة السابقة علاقة في هذا الحديث لعدم علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك الرجل.
فإن قيل: لا بد أن النبي صلى الله عليه وسلم علم بذاك الرجل
فالجواب: علم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك من عدمه ليس له علاقة بصلب الفتوى التي سألت عنها فلذا لا يلزم السؤال عنه.
ولعل أحد الإخوة يبحث في طرق الحديث ليعلم صيغة السؤال مع ظني الغالب أنه لا يعثر على أكثر ما عثر عليه العلامة الألباني رحمه الله.
و أرجو أني شاركت بما فيه فائدة.
ـ[أبو عزام بن يوسف]ــــــــ[24 - 12 - 09, 01:01 م]ـ
إضافة لما سبق:
قال ابن حجر في الفتح على حديث جابر: وقد أخرجه الإسماعيلي من طرق عن سفيان صرح فيها بالتحديث قال ... عن سفيان (على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) وزاد إبراهيم بن موسى في روايته عن سفيان أنه قال حين روى هذا الحديث أي لو كان حراما لنزل فيه وقد اخرج مسلم هذه الزيادة عن إسحاق بن راهويه عن سفيان فساقه بلفظ كنا نعزل والقرآن ينزل قال سفيان لو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن فهذا ظاهر في أن سفيان قاله استنباطا واوهم كلام صاحب العمدة ومن تبعه أن هذه الزيادة من نفس الحديث فادرجها وليس الأمر كذلك فإني تتبعته من المسانيد فوجدت أكثر رواته عن سفيان لا يذكرون هذه الزيادة وشرحه بن دقيق العيد على ما وقع في العمدة فقال استدلال جابر بالتقرير من الله غريب ويمكن أن
¥