تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقد أطلعني أحد إخواننا الأفاضل على ما كتبه – قديما - الشيخ عبد الله الزقيل جزاه الله خيرا .. في هذا الصرح السلفي المبارك " منتدى أهل الحديث "، وفي غيره، بشأن قضية مهمة جدا، ودار حولها جدل كبير، وهي:

هل يقال على المعين: فلان شهيد مع عدم وجود النص الشرعي؟

وقد كان جل بحث الشيخ الزقيل - حفظه الله - منقول عن كتاب " أحكام الشهيد في الفقه الإسلامي " تأليف: عبد الرحمن بن غرمان بن عبد الله، - وللأسف ومع شدة احترامي لشخصه - لم يكن دقيقا، فإنه لم ينقل من الكتاب إلا دليلا واحدا لمن قال بالنهي عن تسمية المعين بالشهيد .. وكذا لم يذكر الاعتراضات وجوابها، بينما توسع في ذكر الأدلة الأخرى وفتاوى لمن قال بالجواز ..

مع أن مؤلف الكتاب كان دقيقا في بحثه منصفا للغاية، بغض النظر عن النتيجة ..

وما فعله الشيخ الزقيل حيف ظاهر في نقل أدلة الطرفين ومناقشتهما بإنصاف ..

وكان أولى أن يقال له ما قاله هو في أول مقاله .... ما هكذا يا سعد تورد الإبل ..

ومع إبداء احترامي الشخصي لفضيلته فسأناقش بحثه فيما ذكره من أدلة، مع ما سنذكره من الجواب على ما استدل به الفريق الذي قال بجواز إطلاق لفظ الشهيد على المعين، بغض النظر عن موضوع الشيخ ياسين رحمه الله تعالى ..

وبإذن الله وعونه سنناقش فضيلته على ما أورده في بحثه أولا، ثم نعرض الأدلة المخالفة لما ذهب وجزم به ..

وتنحصر مشاركتي في النقاط التالية:

1 - الخلاف في المسألة

الخلاف قائم بين فريقين:

فريق ذهب إلى جواز قول فلان شهيد لمن علم صلاحه وتقواه ..

والفريق الآخر قال بمنع ذلك إلا بنص عن المعصوم ..

وقد حاول الكثير التوفيق بين الرأيين .. فمن محاولات التوفيق:

1 - قول من قال: القول أن فلان شهيد، لا يلزم أن يكون شهيداً في الآخرة، إنما يكون شهيداً في الدنيا بما يظهر للناس. اهـ

قلت: هذا التفصيل خلاف الظاهر، والكلمة عند الإطلاق، لا تعني إلا الشهادة ومرتبتها العظيمة في الآخرة، وهو المعلوم عند الإطلاق بداهة، وعلى من فرق أن يأتي بالدليل.

2 - أنَّ اسم الشهيد يجوز إطلاقُهُ اسمًا دنيويًّا، كما يُحكم له بجميع أحكام الدنيا، وأمَّا إطلاقُه اسمًا أخرويًّا فإن كان على وجه الجزم فهو المحرَّم الّذي جاءت فيه النصوص، وهو كالشهادة بالجنَّة له، وإن كان على وجه الفأل فالأولى تقييدهُ بالمشيئةِ احترازًا من توهُّم التزكيةِ الممنوعةِ. اهـ

قلت: هذا القول قريب مما سبقه، إلا أنه احترز أكثر فعلقه على المشيئة، وتعليقه على المشيئة لم يرد في السنة وفعل السلف، وإن كان هذا من أفضل الأقوال وأقربها إن شاء الله تعالى.

3 - قول من قال: إن مات بأحد أسباب الشهادة فيقال عنه شهيد.

قلت: الظاهر أن من يسمى شهيدا لا يسميه الناس بذلك إلا لأحد أسباب الشهادة، ومع ذلك فالأسباب كانت متحققة فيمن نفى عنه نبينا الشهادة في الأحاديث المشهورة الصحيحة كحديث صاحب الشملة .. وسيأتي.

2 - الردود على أدلة المجوزين

وأعني بها الأدلة التي ساقها الشيخ عبد الله زقيل - حفظه الله- فيما نقله من الكتاب المذكور وغيره ..

فأولا: لا شأن لنا بالفتاوى والآراء حتى ولو كانت لشيخ الإسلام لأننا نتعامل هنا مع النصوص الشرعية رأسا .. وإن كنا سنشير لها بإشارة.

ثانيا: قول الإمام ابن حجر: ولذلك أطبق السلفُ على تسميةِ المقتولين في بدرٍ وأحدٍ وغيرهما شهداء .. اهـ

قلت هذا صحيح: ولكن مع وجود النبي وإقراره على ذلك وهذا لا يعلم إلا بالوحي .. وإقراره سنة كالقول والفعل فلا يقاس عليه غيره بعد انقطاع الوحي ..

لذلك كلام جمهور أهل السنة: لا يقطع لأحد بالجنة إلا بالنص من المعصوم، كما سيأتي تقريره إن شاء الله تعالى.

فأما أهل بدر فقد قال صلى الله عليه وسلم: لعل الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم ..

وأما أهل أحد فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد .. وقال: أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة .. رواهما البخاري.

فهذان نصان لبدر وأحد خاصة، ولا يحتملا التأويل ولا يقاس عليهما لانقطاع الوحي.

ثالثا: حديث حرام بن ملحان، وقوله: فزت ورب الكعبة وتقرير النبي له ..

أولا: هذا وصف منه لحاله، وكفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة، أو بعد هذا شك؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير