ومراد المحدثين بها: ترجيح الراوي الموصوف بها ولو كان أقل من الثقة، بحيث لو تعارضت رواية الصدوق الفقيه البدن، مع رواية الثقة غير الفقيه: قدمت رواية الصدوق المذكور. . ".
قلت: ومن هذا المعنى قول بعضهم في أبي حفص عمر بن محمد الشيرزي الآتية ترجمته: " لو فصد عمر لجرى منه الفقه مكان الدم " كما في " معجم البلدان ": 5: 322.
ـ[أبو عبدالله النجدي]ــــــــ[30 - 03 - 04, 08:25 م]ـ
فقيه البدن كما أفهمه: هو من يفقه المسائل بالطبع متى شاء، ويجيب عنها متى سئل، لا يحتاج إلى مراجعة كتاب، أو استئناف بحث، بل هو فقيهٌ بالملَكة.
أي أن المعلومات اجتمعت له، فهي كالمختزنة، إذا شاء رجع إليها، ومتى رجع تمكن منها.
وإضافة الفقه إلى البدن تارةً، وإلى النفس أخرى؛ كإضافة الفصاحة إلى اللسان، والحفظ إلى الصدر. فكأنهم جعلوا الفقه له ملكة راسخة رسوخاً بدنياً نفسياً، بخلاف من يكون فقيهاً بكتبه.
وتجدهم كثيراً ما يقابلون فقيه البدن أو النفس بفصيح اللسان، وذلك أن محل الفصاحة اللسان، فيجعلون البدن أو النفس محل الفقه، مقابل جعل اللسان محل الفصاحة.
ويشبهه قول المحدثين: حفظ صدر، وحفظ سطر.
والملكة تقابل: الصناعة والتكلف والاستعداد.
فهذا فقيه بالملكة وفقيه نفس، وذاك بالصناعة.
ونحوه: هذا فقيه بالفعل، وذاك فقيه بالقوة القريبة من الفعل، أو بالقوة البعيدة أيضاً.
ويقابله في الشعراء: هذا شاعر مطبوع، وذاك متصنع.
فالأول: يقرض الشعر بالسجية والفطرة، والثاني: يقوله بالتهذيب الصناعي، كقولهم: هذا شعر فقيه.
وقول الفلاسفة: متعقلٌ بالفعل، أو بالقوة القريبة من الفعل: يشبه أن يكون أصلاً لما نحن فيه، وإن كان للفلاسفة تفصيلاً فنياً لا يلتزمه علماء الإسلام لهذه الألفاظ.
على أن سائر الألفاظ المشار إليها أعلاه غير مترادفة على التحقيق، وتتفاوت في اصطلاح كلٍّ.
بل إن "الملكة" نفسها اصطلاحٌ منطقي، وهي التعقل الحاصل بالارتياض والتمرن.
فالعلم عندهم: أوله صناعة، ثم يصير علماً بالقوة القريبة، ثم يصبح ملكة بالارتياض.
كما أن من درس علوم الحديث لم يصر محدثاً عند علماء الفن، حتى يرتاض على التخريج والتعليل .... الخ
هذا ما يظهر لي على عجل، مما سمح به الخاطر المكدود.
والله تعالى أعلم.
ـ[عمر المقبل]ــــــــ[30 - 03 - 04, 11:49 م]ـ
الإخوة الكرام المشايخ الفضلاء: ابن وهب، خليل، النجدي ..
أسأل الله تعالى ألا يحرمكم الأجر والثواب على هذه الفوائد ...
ـ[هيثم حمدان.]ــــــــ[12 - 12 - 04, 12:41 ص]ـ
في (سير أعلام النبلاء):
* وقال ابن بكير: كان الليث فقيه البدن عربي اللسان يحسن القرآن والنحو ويحفظ الحديث والشعر حسن المذاكرة فما زال يذكر خصالاً جميلة ويعقد بيده حتى عقد عشرة: لم أر مثله.
* وقال يعقوب بن شيبة عن يحيى بن آدم: ثقة كثير الحديث فقيه البدن.
* وروى تميم بن محمد القيرواني عن أبيه قال: كان أبو عمرو المغامي ثقة إماماً جامعاً لفنون العلم عالماً بالذب عن مذاهب أهل الحجاز فقيه البدن عاقلاً وقوراً قل من رأيت مثله في عقله.
قلت: لعل (فقيه البدن) تعني: اختلط الفقه بلحمه ودمه. والله أعلم.
ـ[ابن وهب]ــــــــ[12 - 12 - 04, 12:46 ص]ـ
شيخنا الحبيب
جزاكم الله خيرا
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=18310&highlight=%DD%DE%ED%E5+%C7%E1%C8%CF%E4
ـ[هيثم حمدان.]ــــــــ[12 - 12 - 04, 01:06 ص]ـ
أحسنت شيخنا ابن وهب ... الله المستعان يبدو أنني خالفت بعض ضوابط الملتقى:)
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=19878
ـ[ابن وهب]ــــــــ[12 - 12 - 04, 02:27 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
في المجموع
(الحالة الثالثة) ان لا يبلغ رتبة أصحاب الوجوه لكنه فقيه النفس حافظ مذهب إمامه عارف بادلته قائم بتقريرها يصور ويحرر ويقرر ويمهد ويزيف ويرجح لكنه قصر عن أولئك لقصوره عنهم في حفظ المذهب أو الارتياض في الاستنباط أو معرفة الاصول ونحوها من أدوانهم: وهذه صفة كثير من المتأخرين إلى أواخر المائة الرابعة المصنفين الذين رتبوا المذهب وحرروه وصنفوا فيه تصانيف فيها معظم اشتغال الناس اليوم ولم يلحقوا الذين قبلهم في التخريج وأما فتاويهم فكانوا يتبسطون فيها تبسط اولئك أو قريبا منه ويقيسون غير المنقول عليه غير مقتصرين على القياس الجلى ومنهم من جمعت فتاويه ولا تبلغ في التحاقها بالمذهب مبلغ فتاوى أصحاب الوجوه *) انتهى
فهنا اطلق عليه فقيه النفس رغم أنه قاصر عن الطبقة الثانية في حفظ المذهب
فليتأمل
وفي المجموع
(الحالة الرابعة) ان يقوم بحفظ المذهب ونقله وفهمه في الواضحات والمشكلات ولكن عنده ضعف في تقرير أدلته وتحرير أقيسته فهذا يعتمد نقله وفتواه به فيما يحكيه من مسطورات مذهبه من نصوص امامه وتفريع المجتهدين في مذهبه وما لا يجده منقولا ان وجد في المنقول معناه بحيث يدرك بغير كبير فكر انه لا فرق بينهما جاز الحاقه به والفتوى به: وكذا ما يعلم اندراجه تحت ضابط ممهد في المذهب وما ليس كذلك يجب امساكه عن الفتوى فيه ومثل هذا يقع نادرا في حق المذكور إذ يبعد كما قال امام الحرمين ان تقع مسألة لم ينص عليها في المذهب ولا هي في معنى المنصوص ولا مندرجة تحت ضابط: وشرطه كونه فقيه النفس ذا حظ وافر من الفقه: قال أبو عمرو وان يكتفى في حفظ المذهب في هذه الحالة والتى قبلها بكون المعظم على ذهنه ويتمكن لدربته من الوقوف على الباقي على قرب)
انتهى
وهذا أيضا موضع تأمل
وفي المجموع أيضا
(* فصل شرط المفتى كونه مكلفا مسلما ثقة مأمونا متنزها عن أسباب الفسق وخوارم المرؤة فقيه النفس سليم الذهن رصين الفكر صحيح التصرف والاستنباط متيقظا سواء فيه الحر والعبد والمرأة والاعمى والاخرس إذا كتب أو فهمت اشارته)
فليتأمل
¥