السَّادات – وما حالِي إلاَّ كجالِب المسْك إِلى أرضِ التُّرك، أو العُود إِلى بلادِ الهنُود، أوِ العنْبر إِلى البحْرِ الأخضَر – كانتْ هذِه المقَالات.
وما مقصدِي إلاَّ: أنْ أحرزَ دقائقَها، وأبرزَ حقائقَها، وأعمرَ دِمَنَهَا، وأُقَرِّبَ قُنَنَهَا، وأقنصَ شواردَها، وأنظمَ قلائدَها، وأُرْهِفَ مَخَاذِمَ البَرَاعَة، وَأُرْعِفَ مَخَاطِمَ اليَرَاعَة (24)؛ لأحفظَ للعلمِ حرمتَه، ولِلَقَبِهِ هيبتَه.
وما منشدِي إلاَّ: أنَ أكونَ بالمقصودِ وافياً، وللغليلِ شافياً. وليعذرْني الواقفُ علَى هذِه المقالاَت؛ فنتائجُ الأفكارِ علَى اختلافِ القرائحِ لا تتناهَي، غيرَ أنَّ اللهَ لا يكلفُ نفساً إلاَّ ما آتاهَا.
هذَا ... " فإنْ حَلِيَ بعينِ الناظرِ فيه والدَّارس، وأحلاَّهُ محلَّ القادِح لدَى القابِس. وإلاَّ فعلَى اللهِ تعالَى أجرُ المجتهِد، وهوَ حسْبي وعليْه أعتمِد" (25).
وبعدُ ... فقبلَ أن أشرعَ فِي ذكرِ مفرداتِ هذهِ الألقَاب – توضيحاً وتنقيحاً - فإنِّي أشفعُ مَا سبقَ بمبحثينِ عزيزَين، تبينُ بهمَا هذِه المقدمةُ أيَّمَا بيْن. وهمَا إِجمالاً:
-المبحَث الأوَّل: مسائلُ علميةٌ حولَ هذهِ الألقَاب (26).
-المبحَث الثَّاني: حقائقُ منهجيةٌ حولَ هذِه المقالاَت (27).
تم بحمد الله
وَكتب
أبُو إسحاقَ بنُ حامدٍ الفُتَيْنِيُّ
مكَّة 25
9
1424
(1) درجَ علَى هذَا الصَّنيعِ جملةٌ منَ العلماءِ فِي صدورِ كتبِهم؛ تيمناً بإجابةِ الدعاءِ فِي هذَا المقامِ. وبهذَا عملنَا هاهنَا؛ إحياءً لهذهِ السُّنةِ الصناعيَّةِ. انظرْ فِي ذلكَ [زادَ المسيرِ، لابنِ الجوزيِّ، (1/ 11)]، وَ: [شرحَ أصولِ اعتقادِ أهلِ السنةِ والجماعةِ، للاَّلكائيِّ، (1/ 11)]، وَ: [فتحَ المغِيثِ، للسخاويِّ، (1/ 15)].
(2) هذهِ الصيغةُ منْ صيغِ التحملِ عنْ طريقِ الإجازةِ، وقدْ اصطلحَ علَى هذَا قومٌ منَ المتأخرينَ، واختارهُ الحافظُ المتقنُ أبُوبكرٍ البيهقيُّ. انظرْ فِي ذلكَ: [علومَ الحديثِ، لابنِ الصلاحِ، (ص/171)]، وَ: [تدريبَ الراوِي، للسيوطيِّ، (ص/477)]، وَ: [قواعدَ التحديثِ، للقاسميِّ، (ص/208)].
(3) ج: 3، ص: 36.
(4) هذَا الإسنادُ الذِي رُوِّيناهُ، مثبتٌ فِي: [مجمعِ الأسانيدِ ومظفَّرِ المقاصيدِ، للهرريِّ، (ص/170)].
(5) لفظةُ: (هذَا) خبرٌ لمبتدأٍ محذوفٍ، أيْ: الأمرُ هذَا، أوْ مبتدأٌ والخبرُ محذوفٌ، أيْ: هذَا كمَا ذكرَ. وهُو للانتقالِ منْ كلامٍ إلى آخرَ، ويُسمَّى: (الاقتضابَ)؛ لعدمِ الملائمةِ بينَ المُنْتَقَلِ عنهُ والمُنْتَقَلِ إليهِ، فإنْ كانتْ مناسبةٌ سُمِّيَ: (تخلصاً). انظرْ فِي ذلكَ: [حليةَ اللُّبِّ المصونِ، للدَّمنهوريِّ، (ص/10)].
(6) هذا اقتباسٌ منْ: [سورةِ: الزخرفِ، آيةَ: 19].
(7) ج: 6، ص: 34.
(8) قالَ الثعالبيُّ فِي: [فقهِ اللغةِ، (ص/43)]: "القَهْبُ: الجبلُ العظيمُ، عنْ أبِي عمرٍو ... الفيلقُ: الجيشُ العظيمُ ". قلتُ: وكلاهمَا كنايةٌ عنِ العظمةِ.
(9) انظرْ إليهِ مثبتاً فِي: [إغاثةِ اللهفانِ، لابنِ القيمِ، (ص/236)].
(10) يقولُ ابنُ قتيبةَ فِي: [أدبِ الكاتبِ، (ص/46)]: "يقولونَ: (هوَ: ابنُ بجدتِها)، يُقالُ: (عندَهُ بَجْدَةُ ذلكَ)، أيْ: عِلْمُ ذلكَ، وَ (هوَ عالمٌ ببجدةِ أمرِك)، أيْ: بدِخْلَتِهِ ".
(11) هذَا تضمينٌ منْ: [معالِم الكتابةِ وَمغانِم الإصابةِ، لابنِ شِيث، (ص/23)]. ولفظةُ (دَارج) الأُولى بمعنَى: دبَّ، أولِ مشْيه. ولفظةُ (دَارج) الثانيةُ بمعنَى: منحرِف. وقولهُ: (عنْ سبيلِهَا): متعلقٌ بِـ: (دَارج) الثانيةِ، وفيهُ تقديمٌ للمتعلقِ. (12) هذَا مثلٌ يُضربُ إذَا رجعَ الحق إلى أهلهِ، والنَّزَعَةُ: الرُّمَاةُ. انظرْ: [مجمعَ الأمثالِ، للميدانيِّ، (2/ 23)].
(13) هذِه الأبياتُ للأميرِ الصنعانيِّ، كمَا هيَ مسطرةً فِي: [ديوانِه].
(14) انظرْ: [رسائلَ ابنِ حزْمٍ، (2/ 101، 102)].
(15) ج: 2، ص: 384، 385.
(16) لمْ تعملْ (لاَ الَّتِي لنفيِ الجنْسِ) – هُنَا – عملَهَا؛ لأنهُ فُصِلَ بينهَا وبينَ اسمِها، وإذَا فُصلتْ أُلْغيتْ؛ كقولهِ تعالىَ: + لاَ فِيهَا غَوْلٌ ". انظرْ فِي ذلكَ: [شرحَ ابنِ عقيلٍ، (1/ 361)]، وَ: [أوضحَ المسالِك، لابنِ هشامٍ، (1/ 194)].
(17) هذَا تضمينٌ مِنْ شعرٍ لأبِي الحسنِ الفاليِّ. انظُر: [الكاملَ، لابنِ الأثيرِ، (8/ 79)]، وَ: [معجمَ الأدباءِ، لياقُوت الحمويِّ، (12/ 226)].
(18) انظرْ إليهمَا مثبتينِ فِي: [السُّلوكِ فِي طبقاتِ العلماءِ والملوكِ، للسَّكسكيِّ، (1/ 65)].
(19) ساقَ هذهِ الأبياتَ مسندةً إِلى قائلِها ابنُ أبِي الدُّنيا فِي: [الإِشرافِ فِي منازلِ الأشرافِ، (ص/280)].
(20) ج: 1، ص: 275، 276.
(21) ج: 1، ص: 4.
(22) ج: 1، ص: 127.
(23) ص: 10.
(24) المرادُ منْ ذلكَ كُلِّهِ: تقريبُ مَا كانَ عزيزاً، وتذليلُ مَا كانَ عسيراً.
(25) هذَا تضمينٌ منْ: [درَّةِ الغوَّاصِ، للحريريِّ، (ص/41)].
(26) وهوَ عنوانُ المقالةِ الثانيةِ – إنْ شاءَ اللهُ تعالَى -.
(27) وهوَ عنوانُ المقالةِ الثالثةِ – إنْ شاءَ اللهُ تعالَى -.
¥