3. معرفة اللغة العربية، و المُشْترَطُ العلمُ بما يتعلَّقُ بنصوص الأحكام.
قال الطُّوْفي _ يرحمه الله _[شرْح مختصر الروضة 3/ 581]: و يُشترَط أن يعرف من النحو و اللغة ما يكفيه في معرفة في معرفة ما يتعلَّق بالكتاب و السنة مِنْ: نصٍّ، و ظاهرٍ و مجمَلٍ، و حقيقةٍ و مجازٍ، و عامٍ و خاص، و مُطْلَقٍ و مقيَّدٍ، و دليل الخطاب و نحوه كـ: فحوى الخطاب، و لحنه، و مفهومه، لأن بعضَ الأحكام يتعلَّق بذلك و يتوقَّف عليه توقفاً ضرورياً. ا، هـ. انظر: البحر المحيط 6/ 202، التحبير _ للمرْداوي _ 8/ 3875.
4. معرفة مواقع الأجماع، و ذلك لأمرين:
أ _ التحرُّز من القول بما يُخالفه، و يُلْحق بذلك: إحداثُ قولٍ ثالث.
ب _ التحرُّز من القول بالخلاف أو القول المهجور المتروك.
انظر: المستصفى 2/ 351، البحر المحيط 6/ 201.
فائدة: قال الإمامُ الزركشي _ يرحمه الله _[البحر المحيط 6/ 201]: و لابُدَّ معَ ذلك أن يعرفَ الاختلاف. ا، هـ.
5. معرفة الناسخ و المنسوخ، حتى لا يستدل بنصٍّ منسوخ.
انظر: البحر المحيط 6/ 203، التحبير 8/ 3873.
6. معرفةُ أصول الجرح و التعديل. قال المرْداوي _ يرحمه الله _[التحبير 8/ 3875]: لكنْ يكفي التعويلُ في هذه الأمور كلها في هذه الأزمنة على كلام أئمة الحديث كأحمد، و البخاري، و مسلم، و أبي داود، و الدارقُطْني، و نحوهم؛ لأنهم أهل المعرفة بذلك، فجازَ الأخذ بقولهم كما نأخذ بقولِ المُقَيِّمين في القيم. ا، هـ.
انظر: البحر المحيط 6/ 203، التحبير 8/ 3875.
7. معرفة أصول الفقه. انظر: المحصول 2/ 36، إرشاد الفحول _ للشوْكاني _ ص 234، التحبير 8/ 3870.
فائدتان مُتَمِّمَتان:
• الأوْلى: قال الصَيْرَفي _ يرحمه الله _: و مَنْ عرَفَ هذه العلوم فهو في المرتبة العليا، و من قَصر عنه فمقدارُه ما أحسن، و لن يجوز أن يُحيطَ بجميع هذه العلوم أحدٌ غير النبي _ ص_ و هو مُتفرِّقٌ في جملتهم.
و الغرضُ الّلازم مِن علمِ وصفت ما لا يقدرُ العبد بترك فعله، و كلما ازداد علماً ازداد منزلةً. قال _ تعالى _: {و فَوْقَ كلِّ ذيْ علمٍ عليمٍ}. ا. هـ[البحرُ المحيط 6/ 203].
• الثانية: قال الشوكاني _ يرحمه الله _: و منْ جعل المقدار المُحتاجَ إليه من هذه الفنون هو معرفةُ مُختصَرَاتُها، أو كتابٍ متوسِّطٍ من المؤلفات الموضوعة فيها فقد أبعدَ، بل الاستكثارُ من الممارسة لها و التوسع في الإطلاع على مطولاتها مما يزيد المجتهد قوةً في البحثِ، و بصراً في الاستخراج، و بصيرةً في حصول مطلوبه.
و الحاصلُ: أنَّه لابُدَّ أن تَثْبُتَ له الملَكَةُ القوية في هذه العلوم، و إنما تثْبُتُ هذه الملَكَةُ بطولِ المُمَارَسة، و كثرة المُلازمة لشيوخ هذا الفن. ا، هـ[إرشاد الفحول ص 234].
و بعدَ ذكرِ هذه الشروط المُؤَهِّلَةِ للتصدُّر للاستنباط في الشريعة نعرِفُ عِظَمَ الأمر، و خطورة الإقدام على مثل هذا.
و المُتصدِّرُ للحكمِ على الأحاديث _ صحةً و ضعفاً _ في هذا الزمان هو ممن لم يتوفر فيه القدرُ الواجب في واحدٍ من هذه الشروط _ فضلاً عن كمالِه و تمامه _، و الميزانُ ظاهرٌ و الأعمال منشورة. و هذه الشروط تتعلَّقُ بِمَنْ تصدَّرَ للحكم استقلالاً دون تبعيةٍ لأحدٍ من العلماء المُتَّبَعِيْن، و أما من يتَّبِعُ غيرَه في الحكم فهذا له ما يُحْكِمُهُ، و ذلك من خلال ما يلي:
1) أن يكون القول و الحكم المأخوذ معمولاً به محفوظاً عند أهل الفن، فإنه قد تَرِدُ و تُذكرُ أحكامٌ، و قواعد على بعض المسائل في التصحيح و التضعيف لكنها لا تعدوْ أن تكونَ غيرَ مُعوَّلٍ عليها عند المحققين من المحدثين، لأنه ما مِن ريبٍ أن المحققين من المحدثين ممن تأخرَ قد اطَّلَعوا على ما نُقِلَ عن السابقين فسبروا ذلك و حققوه، و أثبتوا ما عليه التعويلُ و الاعتماد. قال الحافظُ ابنُ حجرٍ _ يرحمه الله _[النكت 2/ 726]: و بهذا التقرير يَبِيْنُ عِظَمُ كلامِ المتقدمين، و شدة فحصهم، و قوة بحثهم، و صحة نظرِهم، و تقدُّمهم بما يُوْجِبُ المصيرَ إلى تقليدهم في ذلك، و التسليم لهم فيه. ا، هـ. وكلامُ الحافظ _ هذا _ يُفِيْدنا فائدتين:
-الأولى: أنه سبَر كلام المتقدمين في المصطلح و أصول الحديث.
-الثانية: أنه اعتمد ما هو محفوظٌ معمولٌ به لدى أهل الفن، فلمْ يكن التعويل على قولٍ لم يُوافقْ عليه قائلُه، أو شذَّ به عن جادة الصواب. فتنَبَّه.
2) أن يكون الاعتماد على المُعْتَمَدُ من روايةٍ عن الحافظ، و من نسخةٍ معتمدة لتلك الرواية المُعتمدة، فعندنا شيئان:
-الأول: روايةٌ معتمدةٌ.
-الثاني: نسخةٌ معتمدةٌ.
فإن الرواياتِ للكتبِ منها ما هو معتمَدٌ و منها ما ليس بذاك، فكان المُعوَّلُ على المُعتمد لازماً، كذلك نُسخُ تلك الروايات شأنها شأن الروايات سواءً.
و في هذا يقول الحافظ العراقي _ يرحمه الله _ في ألفيته:
و أخذُ متْنٍ لكتابٍ لِعمل .... أو احتجاجٍ حيثُ ساغَ قد جُعِل
عرْضاً له على أُصُولٍ يُشترَط .... و قال يحي النووي: أصلٌ فقط
قال السَّخاوي _ يرحمه الله _[فتح المُغيث 1/ 86_96]: إذ الأصلُ الصحيحُ تحصُلُ به الثقةُ التي مدارُ الاعتماد عليها صحةً أو احتجاجاً. ا، هـ. ثمَّ بعد هذا كلِّه يتضِّحُ لكل ذي عينين عدمُ توفُّرِ هذه الأشياء في كثيرٍ ممن تصدَّى لمهمة التصحيح و التضعيف، و الأدهى أن بُنِيَتْ على أحكامهم أحكامٌ شرعية، و أُظْهِرَتْ أحكامٌ، و غير ذلك من ويلاتٍ و بلياتٍ. فلزومُ الجادةِ التي سار عليها أهل التحقيق في الفن أسلمُ من التصدِّي لِماَ ليس للمرءِ فيه طرفٌ صالح، و الحمدُ لله أن الحالَ في سلوكهم سبيلُ استقامةٍ و فلاحٍ و ظَفَرٍ.
و الله المُوفِّقُ لا ربَّ سواه، و صلى الله و سلَّم على سيدنا محمد و على آله و صحبه.
حرَّرَها
عبد الله بن سُليمان العُتَيِّق
19/ 8/1424هـ
¥