تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ويرد عليهم ما أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (3\ 10): حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا يوسف بن عدي قال ثنا عبد الله بن إدريس عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة ?: أنها أنكحت رجلاً من بني أخيها، جاريةً من بني أخيها، فضربت بينهما بستر ثم تكلمت. حتى إذا لم يبق إلا النكاح، أمرت رجلاً فأنكح. ثم قالت: «ليس إلى النساء النكاح». قلت: و علة هذا الأثر كثرة تدليس ابن جريج، ولم يصرح بالسماع من عبد الرحمان. قال الطحاوي في مختصر اختلاف العلماء (2\ 249): «حديث ابن جريج فاسد. لأن أحمد بن حنبل يقول: أُخبِرتُ عن عبد الرحمن بن القاسم، فصار من بينه وبين عبد الرحمن مجهولاً. والأخرى أن ابن إدريس يرويه عن ابن جريج عن عبد الرحمن بن القاسم عن عائشة مرسلاً، لم يذكر فيه عن أبيه».

ويرد عليهم ما أخرجه الشافعي في مسنده (2\ 28) عن ابن عيينة عن هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة ?: «لا تُنْكِحُ (تُزَوِّجُ) المرأةُ المرأةَ. إنما البغيّ (الزّانية) تُنْكِحُ نفسَها». وقد روى ابن أبي شيبة (3\ 458) عن ابن علية عن أيوب عن ابن سيرين بنحوه. ورواه عن أبي أسامة عن هشام عن ابن سيرين بنحوه.

5– مذهب من أجاز للمرأة أن تعقد العقد بنفسها، لكن بشرط موافقة الولي. وقد نسبوا هذا القول لأبي ثور، ولا يصح عنه، فهو لا يجيز للمرأة أن تعقد العقد بنفسها. فلعل هذا القول غلط لا يقول به أحد. والله أعلم.

وقد مزج بعض العلماء (كالشافعي بين هذه المذاهب)، والسبب هو الخلاف في علة الإجبار. فقد قال البعض –ومنهم أبو حنيفة كما قد سلف– بأن العلة هي البلوغ (قياساً على التملك المالي). فالصغيرة (بكراً كانت أم ثيباً) يجوز للأب إجبارها بدون أخذ رأيها (لأنه لا رأي لغير بالغ). فأما اليتيمة فهناك خلاف في جواز أن يجبرها غير الأب، إلا أني لا أعلم خلافاً في وجوب تخييرها عند بلوغها عند من أجاز ذلك النكاح. أما لو أجبرها الأب، فقد أجازوا النكاح واختلفوا في تخييرها عند بلوغها. أما الكبيرة فلا يجوز إجبارها (بكراً كانت أم ثيباً). وقال البعض –ومنهم الشافعي– بأن العلة هي سبق الزواج (لأن المراد منه الخبرة). فيجوز للأب إجبار البكر (صغيرة كانت أم كبيرة)، ولا يجوز له إجبار الثيّب (صغيرة كانت أم كبيرة).

وخلاصة القول في هذا الموضوع: أنه لا خلاف بين العلماء في إجبار البكر الصغيرة (إلا عند ابن شبرمة)، ولا خلاف بينهم في عدم إجبار الثيب الكبيرة (إلا عند الحسن)، واختلفوا في غير ذلك اختلافاً بيناً. وأصح الأقوال أنه يجوز تزويج الصغيرة من قبل أقرب العصبة لها، من غير أخذ رأيها، لكن لا يجوز الدخول بها حتى البلوغ، حيث تخيّر، فإن قبلت جاز للزوج الدخول بها، وإلا كان ذلك طلاقاً. ولا يجوز إجبار الكبيرة على الزواج من أحد (بكراً كانت أم ثيباً). ولا تتولى بنفسها إنشاء العقد، ولكن توكل رجلاً. ولا يشترط موافقة أقرب العصبة لها إن زوجت نفسها كفء (والكفاءة تكون في الدين فقط، لا في اللون ولا في العرق ولا في المال). فإن لم يكن كفأً لها، كان لا بد من موافقة أقرب العصبة لها. فإن اشتجروا رفعوا أمرهم إلى السلطان. ومن يتوكل على الله فهو حَسبُه.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير