19. في رواية (ولم يسجد حتى يقنه الله تعالى): يعني جزم بأن الصلاة ناقصة, لكن هذه الزيادة منكرة, ولو ثبتت لما عمل بغلبة الظن, كونهم قالوا له (نعم) هذا يورث عنده عليه الصلاة والسلام غلبة ظن يعارض به ما عنده من شك فيعمل بغلبة الظن, لكن قوله (حتى يقنه الله تعالى) يعني حتى يجزم ويقطع بأنه سلم عن نقص, ولذا حكم أهل العلم على هذه الزيادة بأنها منكرة.
20. أفرد القاضي عياض لفوائد حديث ذي اليدين مجلداً.
21. من سلم عن نقص ثم جاء بهذا النقص فإنه يكون سجوده بعد السلام, وهناك في حديث عبد الله بن بحينة ترك واجباً فيكون سجوده قبل السلام.
22. الاختلاف في موضع سجود السهو:
بعض أهل العلم - المالكية - يرون أن السجود عن نقص يكون قبل السلام, والسجود عن زيادة يكون بعد السلام لأنه في حديث ذي اليدين زاد السلام الأول والكلام والقيام, والسبب في كون السجود قبل السلام إذا نقص من الصلاة هو جبر هذا النقص بأن يزيد في الصلاة من جنس الصلاة ما يجبرها, والسبب في كون السجود بعد السلام إذا زاد في الصلاة هو لئلا تتضمن الصلاة زيادات أكثر غير الزيادة التي حصلت في الصلاة.
وبعضهم يرى أن سجود السهو يكون قبل السلام مطلقاً - وإلى هذا يميل الشافعية - وأن مثل هذا الحديث وما جاء من الأحاديث من كونه عليه الصلاة والسلام سجد بعد السلام كله منسوخ.
ومنهم من يطرد فيرى أن السجود كله بعد السلام لأن الخلل الذي وقع في الصلاة لا يزاد عليه زيادة أخرى, فتؤدى الصلاة بزيادتها أو نقصها ويُفرَغ منها ثم تُجبر بعد السلام بسجودٍ يجبر هذا الخلل.
ومنهم من قال تُنزَّل النصوص منازلها.
ومنهم من يرى أنه كله قبل السلام إلا في صورتين وهما (إذا سلم عن نقص وإذا بنى على غالب ظنه) فيكون بعد السلام وما عدا ذلك كله قبل السلام.
ومنهم من يرى أنه بالخيار, لأن النصوص جاءت بهذا وهذا, ولا يمكن ضبطها وتقعيدها.
ومنهم من يرى أنه قبل السلام, وما جاء من الصور بعد السلام يقتصر عليها.
وعلى كل حال الأمر فيه سعة, وهم يتفقون على أن من سجد للسهو قبل السلام في جيمع الصور فصلاته صحيحة, ومن سجد للسهو بعد السلام فصلاته صحيحة, لكن الخلاف في الأفضل.
23. حديث عمران بن حصين (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسها فسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم): قال الترمذي في بعض النسخ (حسن غريب صحيح) , وقوله (والحاكم وصححه) المقصود بذلك أصل الحديث من غير قوله (ثم تشهد).
24. ذكر التشهد بعد سجود السهو في الحديث شاذ, فهذه اللفظة حكم عليها أهل العلم بالشذوذ لمخالفتها لما جاء في أحاديث السهو كلها, فلا يشرع التشهد بعد سجود السهو لأنه زيادة في الصلاة, والصلاة التي حصل فيها الخلل لا يضاف إليها خلل آخر.
25. حديث أبي سعيد (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثاً أم أربعاً فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم ليسجد سجدتين قبل أن يسلم, فإن كان صلى خمساً شفعن له صلاته, وإن كان صلى تماماً كانتا ترغيماً للشيطان): الشك هو الاحتمال المساوي من غير مرجح, لكن إن ترجح أحدهما فالراجح ظن والمرجوح وهم.
26. قوله (وليبن على ما استيقن): المتيقن هو الأقل, لأن ما زاد على الأقل مشكوك فيه والأصل العدم.
27. في باب الوضوء إذا شك هل غسل العضو مرتين أو ثلاثاً فإنه على مقتضى قول الحنابلة وغيرهم يبني على الأقل, لكن هناك في الوضوء الوضع يختلف عنه في الصلاة, لأنه في الوضوء إذا قلنا إنه يجعلهما اثنتين ويزيد ثالثة فإنه يحصل التردد بين الثلاث والأربع إذا زاد, والأربع بدعة, فيخرج بذلك إلى حيز البدعة, لكن لو جعلها ثلاثاً وهي في الحقيقة اثنتان فالوضوء صحيح, بل سنة أن يتوضأ مرتين مرتين, فإذا بنى على الأقل رجع إلى سنة, وإذا بنى على الأكثر فإنه يحتمل أن يقع في بدعة. بينما في باب الصلاة إذا بنى على الأقل وزاد ثالثة فالحل في الحديث (يسجد سجدتين) فإن طابق الواقع كانتا ترغيماً للشيطان, وإن كان قد زاد على ذلك شفعن له صلاته, لكن لو بنى على الأكثر في الصلاة وصارت في الحقيقة أقل فإنه يكون حينئذ قد نقص من الصلاة فتكون باطلة, فليس هذا مثل الوضوء حيث أنه ببناءه على الأكثر يكون في حيز السنة والمشروع, بل هو هنا في حيز البطلان لو بنى على الأكثر بخلاف الوضوء.
¥