أما كتاب عمرو بن حزم فقد رواه ابن حبان والحاكم والبيهقي والدارقطني من طريق الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة عن سليمان بن داود عن الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده.
وقد اختلف في سليمان المذكور:
فقيل هو سليمان بن أرقم وهذا ما رجحه أبو داود والنسائي وأبو زرعة الدمشقي وصالح جزرة وأبو الحسن الهروي. وسليمان بن أرقم قال فيه أبو حاتم والترمذي وابن خراش وغير واحد متروك الحديث، وقال أبو زرعة ضعيف الحديث ذاهب الحديث، وقال الجوزجاني ساقط، وقال بن عدي عامة ما يرويه لا يتابع عليه، وضعفه احمد وابن معين.
وقيل هو سليمان بن داود اليمامي وهو ضعيف.قال ابن معين ليس بشيء وقال البخاري منكر الحديث وقال ابن حبان ضعيف، وقال أبو حاتم:هو ضعيف الحديث منكر الحديث ما اعلم له حديث صحيحا.
وقيل هو سليمان بن داود الخولاني وهذا ما رجحه ابن حبان والحاكم وابن عدي وغيرهم، وسليمان بن داود الخولاني أثنى عليه أبو حاتم وأبو زرعة والدارمي وغيرهم.
وقد رواه مالك في الموطأ من طريق عبد الله بن أبي بكر مرسلا ورواه عنه الشافعي.
وقد ضعف الحديث ابن معين، وضعفه أبو داود بسليمان بن أرقم وسبق أنه الخولاني.
وضعفه ابن حزم بعلة الإنقطاع.
وذهب كثير من أهل العلم إلى قبوله والاحتجاج به كالشافعي وعمر بن عبد العزيز وابن عبد البر وصححه الزهري واسحاق بن راهويه وابن حبان والحاكم والبيهقي والعقيلي وغيرهم.
وقال أحمد: أرجو أن يكون صحيحاً.
وقال أيضاً: لا أشك أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - كتبه.
وقال يعقوب بن سفيان: (لا أعلم في جميع الكتب المنقولة أصح منه كان أصحاب النبي والتابعون يرجعون إليه ويدعون آراءهم)
وقال ابن عبد البر في التمهيد (17/ 339): (لا خلاف عن مالك في إرسال هذا الحديث بهذا الإسناد وقد روي مسندا من وجه صالح وهو كتاب مشهور عند أهل السير معروف ما فيه عند أهل العلم معرفة تستغني بشهرتها عن الإسناد لأنه أشبه التواتر في مجيئه لتلقي الناس له بالقبول والمعرفة قال ويدل على شهرته ما روى بن وهب عن مالك عن الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب قال وجد كتاب عند آل حزم يذكرون أنه كتاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -)
وقال ابن تيمية: (وهذا الكتاب ذكر هذا فيه مشهور مستفيض عند أهل العلم وهو عند كثير منهم أبلغ من خبر الواحد العدل المتصل وهو صحيح بإجماعهم) شرح العمدة (2/ 101)
ويؤيد هذا القول أنه قول سعد بن ابي وقاص 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كما عند عبد الرزاق في المصنف وسلمان 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - كما عند الدارقطني وابن عمر رضي الله عنهما ولا مخالف لهم من الصحابة:
قال ابن تيمية: (وهذا هو المعروف عن الصحابة سعد وسلمان وابن عمر) مجموع الفتاوى (21/ 288)
وقال ايضاً: (وهو أيضا قول سلمان الفارسي وعبدالله بن عمر وغيرهما ولا يعلم لهما من الصحابة مخالف) (21/ 266)
وقال ايضاً: (وكذلك جاء عن خلق من التابعين من غير خلاف يعرف عن الصحابة والتابعين وهذا يدل على أن ذلك كان معروفا بينهم) شرح العمدة (1/ 382)
ويؤيده قوله تعالى: {لا يمسه إلا المطهرون} على التفسيرين فإن قيل هو المصحف فالاحتجاج ظاهر وإن قيل هو اللوح المحفوظ أو ما في أيدي الملائكة فهذا من باب التنبيه والإشارة إذا كانت الصحف التي في السماء لا يمسها إلا المطهرون فكذلك الصحف التي بأيدينا من القرآن لا ينبغي أن يمسها إلا طاهر.
ويؤيده أيضاً حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو " متفق عليه وفي رواية لمسلم مخافة أن يناله العدو " وهذا لعلة النجاسة في الكافر لأنهم لا يتحرزون عنها والنيل المذكور عام يشمل الإهانة ومن ذلك مسه مع عدم طهارتهم.
ويؤيده أيضاً: انه الأحوط والأبرأ للذمة.
¥