31. ضعف الموصول ليس بشديد لأن ابن لهيعة ليس بشديد الضعف, وهل يتقوى بالمرسل لأن ضعفه غير شديد؟ الجواب: المرسل يتقوى وينجبر الإرسال لأن الساقط يغلب على الظن أنه صحابي, وإن كان الساقط تابعياً فمن الكبار, وخالد بن معدان لقي سبعين رجلاً من الصحابة, فالإرسال في مثل هذه الصورة ضعفه أيضاً ليس بشديد, فإذا كان التابعي من كبار التابعين ووُجِد ما يسنده من مرفوع متصل أو مرسل آخر يرويه غير رجال المرسل الأول أو يفتي به عوام أهل العلم أو يشهد له قول صحابي وكان المرسِل ثقة ولا يرسِل إلا عن الثقات فإن الشافعي يقبله وكذا غيره, ومعلوم أن الشافعي هو أول من رد المراسيل. والمقصود أن هذا يتقوى بذاك فيصل إلى ردجة القبول.
32. وعلى كل حال سورة الحج فضلت بالسجدتين عند جمع من أهل العلم.
33. حديث عمر (يا أيها الناس إنا نمر بالسجود فمن سجد فقد أصاب ومن لم يسجد فلا إثم عليه) وفيه (إن الله تعالى لم يفرض السجود إلا أن نشاء): فيه دليل على أن عمر رضي الله عنه لا يرى وجوب سجود التلاوة, ومادام موكولاً إلى مشيئة الشخص فإن شاء سجد وإن لم يشأ لم يسجد فليس بواجب.
34. حديث ابن عمر (كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه): يكبر للسجود ويكبر للرفع منه, فالتكبيرة الأولى للإحرام والثانية للرفع, وفي الحديث (كان يكبر مع كل خفض ورفع).
35. لكن رواية التكبير في الحديث مدارها على عبد الله بن عمر العُمَري المكبَّر وهو ضعيف عند أهل العلم, ولذا لفظ التكبير مضعف, وأما الحديث بدون تكبير فهو مروي في الصحيحين من طريق عبيد الله عن نافع عن ابن عمر. فالمضعف لفظ (كبر) وقد تمسك بهذا جمع من أهل العلم كالحنابلة, فيكبر عندهم للسجود ويكبر للرفع منه ويسلم لأنها صلاة يشترط لها ما يشترط للصلاة, تفتتح بالتكبير وتختتم بالتسليم وهذا هو حد الصلاة.
36. قوله (رواه أبو داود بإسناد فيه لين) يكون في إسناده لين إذا كان فيه ضعف يسير, واللين ضعف منجبر, لكن لم يوجد ما يشهد للفظة (كبر) , والحديث بدون هذا اللفظ مروي من طريق عبيد الله المصغَّر, وهو ثقة عند أهل العلم.
37. دل الحديث على أن المستمع حكمه حكم القارئ بخلاف السامع الذي يسمع من غير قصد, فالمستمع هو الذي يقصد الاستماع والانتفاع, والسامع هو الذي يصل الكلام إلى سمعه من غير قصد.
38. يقال في سجود التلاوة ما يقال في سجود الصلاة لعموم (اجعلوها في سجودكم) ويقول أيضاً ما ورد في السنن (سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته تبارك الله أحسن الخالقين اللهم اكتب لي بها أجرا وضع عني بها وزرا واجعلها لي عندك ذخرا).
39. حديث أبي بكرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جاءه أمر يسره خر ساجداً لله): الحديث صحيح لغيره.
40. دل على مشروعية السجود عند تجدد النعم.
41. يخر للسجود من قيام إن كان واقفاً, ويسجد إن كان جالساً.
42. سجود الشكر مثل سجود التلاوة فيه خلاف هل هو صلاة أو ليس بصلاة, فالخلاف واحد.
43. حديث عبد الرحمن بن عوف (سجد النبي صلى الله عليه وسلم فأطال السجود ثم رفع رأسه وقال إن جبريل أتاني فبشرني فسجدت لله شكراً): صحيح وهو شاهد لما قبله.
44. يؤخذ من الحديث أن من فعل فعلاً يُظَنُّ بأنه عبادة أن يبين السبب لئلا يظن بعض الحاضرين أن هناك عبادة وسجود مستقل لا لشكر ولا لتلاوة ولا لصلاة, لأن السجود له سبب.
45. جاء تفسير البشرى بأنه تعالى قال (من صلى عليك صلاة صلى الله عليه بها عشراً) وهذه نعمة بالنسبة له عليه الصلاة والسلام.
46. المصنفات في باب الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام كثيرة, ومن أنفسها وأعظمها (جلاء الأفهام في الصلاة والسلام على خير الأنام) لابن القيم و (الصلات والبُشَر في الصلاة على خير البشر) للفيروز آبادي و (القول البديع في الصلاة والسلام على الحبيب الشفيع) للسخاوي. حديث البراء بن عازب (أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث علياً إلى اليمن - فذكر الحديث – قال: فكتب علي رضي الله عنه بإسلامهم فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكتاب خر ساجداً): النعم تشمل نعم الدين ونعم الدنيا, والنعم المتعلقة بالدين أعظم من نعم الدنيا, فإذا بلغ الإنسان ما يسره في دينه من انتصار للمسلمين أو هزيمة للكفار أو دخول أقوام في الإسلام أو استقامة بعض الأشرار أو صدور قرار ينفع الإسلام والمسلمين فمثل هذه النعم يُسجد لله شكراً عند حصولها.
47. الحديث أصله في البخاري وهذا اللفظ عند البيهقي.
48. سجد كعب بن مالك لما أنزل الله توبته وأقره النبي عليه الصلاة والسلام.
تم الشروع في تقييد فوائد هذا الشرح المبارك صبيحة يوم السبت الرابع من شهر ربيعٍ الثاني عام ثمانيةٍ وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية المباركة, وتم الفراغ من تقييد فوائده بعد زوال شمس اليوم نفسه, وكان ذلك قرب برلين في مدينة من مدن الكفار الحقيرة يقال لها (درسدن) بألمانيا.