وقدِ استدلَّ جابِرٌ وأَبو سعيدٍ [الخُدريُّ] – رضي الله عنهما – على جوازِ العَزْلِ بأَنَّهُم كانوا يفعَلونَه والقرآنُ ينزِلُ، ولو كانَ ممَّا يُنْهَى عنهُ لنَهى [عنهُ] القُرآنُ.
ويلتَحِقُ بقَولي: ((حُكْماً))؛ ما وردَ بصيغةِ الكنايةِ في موضعِ الصِّيَغِ الصَّريحةِ بالنِّسبةِ إِليه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؛ كقولِ التَّابعيِّ عنِ الصَّحابيِّ: يرفعُ الحَديثَ، أو: يرويهِ، أو: يَنْميهِ، أَو: روايةً، أَو: يبلُغُ بهِ، أَو: رواهُ ([5] ( http://www.alukah.net/majles//newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25777#_ftn5))
وقد يَقْتَصِرونَ على القولِ معَ حَذْفِ القائلِ، ويُريدونَ بهِ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؛ كقولِ ابنِ سيرينَ عنْ أَبي هُريرةَ [قالَ: قالَ ([6] ( http://www.alukah.net/majles//newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25777#_ftn6)) : (( تُقاتِلونَ قَوْماً)) الحديث.
وفي كلامِ الخَطيبِ أَنَّه اصْطِلاحٌ خاصٌّ بأَهلِ البَصرَةِ.
ومِن الصِّيَغِ المُحْتَمِلةِ: قولُ الصَّحابيِّ: مِِن السُّنَّةِ كذا ([7] ( http://www.alukah.net/majles//newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25777#_ftn7))، فالأكثرُعلى أَنَّ ذلك مرفوعٌ.
ونقلَ ابنُ عبدِ البرِّ فيهِ الاتِّفاقَ؛ قالَ: وإِذا قالَها غيرُ الصَّحابيِّ؛ فكذلك، ما لم يُضِفْها إِلى صاحِبِها كسُنَّةِ العُمَرينِ.
وفي نَقْلِ الاتِّفاقِ نَظَرٌ، فعَنِ الشَّافعيِّ في أَصلِ المسأَلةِ قولانِ.
وذَهَبَ إِلى أَنَّهُ غيرُ مرفوعٍ أَبو بكرٍ الصَّيرفيُّ مِن الشَّافعيَّةِ، وأَبو بكرٍ الرَّازيُّ مِن الحنفيَّةِ، وابنُ حزمٍ مِن أَهلِ الظَّاهِرِ، واحتَجُّوا بأَنَّ السُّنَّةَ تتردَّدُ بينَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وبينَ غيرِه، وأُجِيبوا بأَنَّ احْتِمالَ إِرادةِ غيرِ النبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بعيدٌ.
وقد روى البُخاريُّ في صحيحِه في حديثِ ابنِ شِهابٍ، عن سالِمِ بنِ عبدِ اللهِ بنِ عُمَرَ عن أَبيهِ في قصَّتِه معَ الحجَّاج حينَ قالَ لهُ: إِنْ كُنْتَ تُريدُ السُّنَّةَ فهَجِّرْ بالصَّلاةِ [يومَ عَرَفَةَ] ([8] ( http://www.alukah.net/majles//newreply.php?do=newreply&noquote=1&p=25777#_ftn8))
قالَ ابنُ شِهابٍ: فقلتُ لسالِمٍ: أَفَعَلَهُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ؟ فقالَ: وهل يَعْنونَ [بذلك] إِلاَّ سُنَّتَهُ [صلى الله تعالى عليه وآله وسلم]
فنَقَلَ سالمٌ – وهو أَحدُ الفُقهاءِ السَّبعَةِ مِن أَهلِ المدينةِ وأَحدُ الحفَّاظِ مِن التَّابعينَ [عنِ الصَّحابةِ] أَنَّهم إِذا أَطلَقوا السُّنَّةَ؛ لا يُريدونَ بذلك إِلاَّ سُّنَّةَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
وأَمَّا قولُ بعضِهِم: إِذا كانَ مرفوعاً؛ فلمَ لا يقولونَ فيهِ: قالَ رسولُ اللهِ ((صلى الله عليه وسلم))؟ فجوابُهُ: إِنَّهُم تَرَكوا الجَزْمَ بذلك تورُّعاً واحتِياطاً.
ومِن هذا: قولُ أَبي قِلابةَ عن أَنسٍ: ((مِن السُّنَّةِ إِذا تزوَّجَ البِكْرَ على الثَّيِّبِ أَقامَ عندَها سَبعاً))، أَخرَجاهُ في الصَّحيحينِ
قالَ أَبو قِلابةَ ((عن أنس)): لو شِئْتُ لقلتُ: إِنَّ أَنساً رفَعَهُ إِلى النبيِّ [صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ
أَي: لو قُلتُ: لمْ أَكْذِبْ؛ لأَنَّ قولَه: ((مِن السُّنَّةِ)) هذا معناهُ، ((و)) لكنَّ إِيرادَهُ بالصِّيغَةِ التي ذَكَرها الصَّحابيُّ أَوْلى
([1]) فجر الأحد (14/ 10 / 1416هـ)
([2]) هذه أنواع ما ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم مثال القول (إنما الأعمال بالنيات) والفعل مثل قول الصحابي رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي كذا ويسوي الصفوف ويأكل بيمينه، والتقرير مثل: فعلت كذا والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر فهذا من التقرير إذا حكى أنه فعله والنبي صلى الله عليه وسلم شاهده ولم ينكره.
([3]) إذا قال الصحابي شيئاً لا يقال بالرأي وليس ممن ينقل عن بني اسرائيل فيكون له حكم الرفع مثل قول ابن عباس (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت).
¥