184. بعضهم عد صيام عشر ذي الحجة من أخطاء الناس في عشر ذي الحجة!!! مع أن العمل الصالح والصيام منها في هذه الأيام أحب إلى الله من فعلها في غيرها من الأيام, ومع أن النبي عليه الصلاة والسلام قال (من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً) , فيفرط في هذه الوعود العظيمة الثابتة من أجل أن عائشة نقلت أن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يصم, مع أنه نُقل عنه أنه صام وحث على الصيام وبين فضل العمل الصالح.
185. فكيف يقال إن صلاة الضحى غير مشروعة اعتماداً على نفيها؟!! مع أنه وأوصى بها أبا هريرة وأبا ذر وجمع من الصحابة وبيَّن لنا أنها كفارة عن ثلاثئمائة وستين صدقة!!! ويأتي بعض من ينتسب إلى العلم يجلس إلى أن تنتشر الشمس ثم يقول (لا صلاة الآن) وليس هناك شيء اسمه صلاة الإشراق, وينكر على من يصلي!!! يقال: صلِّ, فإن ثبت الحديث الذي فيه الفضل والثواب العظيم فبها ونعمت, وإن لم تثبت فانوها صلاة ضحى.
186. قولها (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط): إذا أثبتها غيرها فالمثبِت مقدم على النافي, مع أنها أثبتتها هي رضي الله عنها.
187. قولها (وإني لأسبحها): فهي رضي الله عنها لا تستدل بقولها (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي سبحة الضحى قط) على عدم المشروعية, بدليل أنها كانت تصليها, ولو كانت غير مشروعة ما صلتها, لكن هي استروحت إلى حكاية واقع في وقت من الأوقات في ظرف من الظروف, ولعلها بصدد الرد على من يوجب صلاة الضحى مثلاً, فهي تقول في مثل هذا الظرف (ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .. ) لتثني هذا المدعي على سبيل المثال, أو لترد على شخص يتشدد في أمر هذه الصلاة, لأن المتشدد يؤتى له بنصوص الوعد والمتوسط في أمره يؤتى له بنصوص الوعد والوعيد والمفرط يؤتى له بنصوص التشديد والوعيد, فمثل هذه النصوص تعمل في مواضعها اللائقة بها, فيحمل إثبات عائشة لهذه الصلاة على حال ويحمل نفيها على حال أخرى.
188. حديث زيد بن أرقم (صلاة الأوابين حين ترمَضُ الفصال): الأواب هو الرجاع إلى الله جل وعلا والمقبل على طاعة ربه.
189. الفصال جمع فصيل, فعيل بمعنى مفعول, فهو مفصول عن أمه, والفصيل هو ولد الناقة إذا فُطِم وفُصِل عن أمه, فحر الشمس الرمضاء يؤثر عليه ويقلقه, ففي هذا الظرف الذي يؤثر على الفصيل دون الكبار هو وقت صلاة الأوابين, وهو المناسب لصلاة الضحى, وهي صلاة الأوابين, والمراد بها صلاة الضحى لأنها تقع في هذا الوقت ويشملها الضحى.
190. الأولى أن تؤخر صلاة الضحى حتى ترمض الفصال, ووقتها يمتد من ارتفاع الشمس إلى زوالها.
191. قوله (حين ترمض الفصال): أي حين يؤلمها حر الرمضاء, ومنه سمي رمضان لأنه يؤلم الصائم, لا سيما وأن وقت تسمية الأشهر كان رمضان في وقت شدة الحر الذي تحرق فيه الرمضاء من يطأ عليها.
192. عزو هذا الحديث للترمذي كما قال المؤلف وهم, وهو في صحيح مسلم ولا يوجد عند الترمذي.
193. حديث أنس (من صلى الضحى ثنتي عشرة ركعة بنى الله له قصراً في الجنة): الحديث ضعيف, وضعفه شديد, وله ما يشهد له من حديث ابن عمر أنه قال لأبي ذر (أوصني) وفيه (وإن صليت ثنتي عشرة ركعة بنى الله لك بيتاً في الجنة) لكنه أضعف من حديث الباب فلا يرتقي, وعلى كل حال عندنا ما يدل على صلاة الضحى من الحث عليها مما يغني عن هذا النص, وبعضهم يستروح إلى قبول مثل هذا الخبر لا سيما وأنه يسنده أحاديث أخرى, لكن الوعد في الحديث (بنى الله قصراً في الجنة) ضعيف, وإلا فصلاة الضحى ثابتة بنصوص أخرى.
194. حديث عائشة (دخل النبي صلى الله عليه وسلم بيتي فصلى الضحى ثماني ركعات): هذا فيه انقطاع فهو ضعيف, وقد أثبتت كما في صحيح مسلم أنه صلى أربع ركعات, وثبت عنها أنها نفت أنه صلى الضحى مطلقاً وأنه لا يصليها إلا إذا جاء من مغيبه, والمقصود أن مثل تلك الأحاديث تغني عن مثل هذا, وثبت أنه عليه الصلاة والسلام صلى يوم الفتح ثماني ركعات, أما هذا الحديث فهو ضعيف.
195. صلاة الإشراق هي صلاة الضحى.
196. الواجبات الشرعية مستثناة شرعاً وليس لأحد أن يعارض فيها ومن عارض فلا طاعة له.
197. ثلث الليل الآخر يحسب من غروب الشمس.
198. تحية المسجد لا تراد لذاتها فتدخل في أي صلاة, ولا يجمع بين سنة الوضوء وصلاة الضحى لأن صلاة الضحى مقصودة لذاتها فلا تدخل.
199. إن أراد أن يصلي إحدى عشرة ركعة وصلى في أول الليل عدداً من الركعات وأكمل الباقي في آخر الليل فعمله هذا صحيح.
200. الأصل أن الأذكار تقال كما رويت, لكن إذا قدم وأخر فلا شيء عليه, كما لو قدم وأخر في الدعاء الذي بين السجدتين.
201. الأولى ألا يداوم على دعاء القنوت.
تم الشروع في تقييد فوائد هذا الشرح المبارك صبيحة يوم الإثنين الخامس من شهر ربيعٍ الثاني عام ثمانيةٍ وعشرين وأربعمائة وألف من الهجرة النبوية المباركة, وتم الفراغ من تقييد فوائده ليلة الخميس السادس عشر من الشهر نفسه, وكان ذلك قرب برلين في مدينة من مدن الكفار الحقيرة يقال لها (درسدن) بألمانيا.
¥