فهل من مظاهر الإنصاف:
أن يذكر علة للحديث لم يقف عليها، ويكتفي في الحكم على الحديث بالتقليد عندما خالفت مذهبه في الخضاب بالسواد؟.
المظهر الحادي عشر:
حكمه على حديث أنه إلى الضعف أقرب ويسوقه على أنه صحيح:
ذكر الشيخ الدليل الأول في مذهبه ص44 من الإنصاف وهو حديث أبي هريرة في أخذه من لحيته، وهو عند ابن أبي شيبة قال: حدثنا أبو أسامة عن شعبة عن عمرو بن أيوب من ولد جرير عن أبي زرعة قال: (كان أبو هريرة يقبض على لحيته ثم يأخذ ما فضل منه) وإسناده تالف قائم على مجاهيل، لا يصححه من شم رائحة الحديث، ومع ذلك فقد علق بعده قائلا: (إسناده محتمل للتحسين، وهو إلى الضعف أقرب).
والجميع يعلم أن كل حديث ضعيف محتمل للتحسين، فلماذا لم ينص هنا على ضعفه أو تصحيحه؟.
وقد قال بعد أن ذكر خمسة أدلة على الأخذ من اللحية، أولها حديث أبي هريرة هذا، قال ص 55: (هذه الأدلة الصحيحة، وأما الأدلة الضعيفة، نذكرها ونبين ضعفها) فقد جعله مع الأحاديث الصحيحة التي تؤيد مذهبه!!.
وقد أعاد الاستدلال به ص48 على إطلاق الأخذ من اللحية في غير النسك، وأعاد الاستدلال به أيضاً في ص 54، وأعاد الاستدلال به أيضاً في ص 63، بل قال: أيظن بأبي هريرة وابن عمر أنهم يجهلون الأمر بإعفاء اللحية؟.
فهل هذا من مظاهر الإنصاف:
أن يستدل بحديثٍ، ويكثر من تكراره على أنه صحيح، مع وصفه له أنه إلى الضعف أقرب، ولو استدل به منازعه لسعى في إعلاله؟.
المظهر الثاني عشر:
عدم الدقة في النقل والحكم
1 - أكثر الشيخ في مقدمة كتابه الإنصاف، وفي ثناياه، وفي خاتمته، وكذلك في التعزيز كما سبق، من القول بأن الأخذ من اللحية هو قول الصحابة، وهو إجماعهم.
و إذا رأيت أدلته لم ينهض منها إلا حديث ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم، ولا تدل على إجماع، بل ولا أكثرية، ومن الإنصاف وزن الكلام عند إطلاقه.
2 - ونقل في التعزيز 21 أن شيخ الإسلام يذهب إلى عدم تأثيم المجتهد حتى في القطعيات فضلا عن الظنيات!!!، وقد أحال على ثلاثة مواضع من كتب شيخ الإسلام، وبالرجوع إليها وجد في الموضعين الأولين الكلام على التفريق بين الأصول والفروع وأنه عن أهل البدع، وأن العالم إذا استفرغ وسعه في طلب الحق فإنه لا يأثم سواء كان ذلك في المسائل التي يجعلها المتكلمون من الأصول أو الفروع، ولا يلزم من كون المسألة في الأصول أن تكون قطعية، ولا من كونها في الفروع أن تكون ظنية، -كما صرح الشيخ بنفسه في ذلك الموضع-، ولم يتكلم عن القطعيات والظنيات، بل للشيخ كلام في الرد على هذا التقسيم في (الاستقامة) 1/ 43.
3 - قال في التعزيز 7:
(ولا أعرف للأخوة طريقة في هذا: فهم ينادون بتعظيم النصوص الشرعية وعدم معارضتها بالمصالح والمفاسد العقلية)
وقال في كلام الشيخ عبد الكريم على فعل ابن عمر 25:
(وإذا كنا نعيب على أهل البدع تأويل نصوص الصفات، فكيف نسمح لأنفسنا أن نقبل به هنا؟)
ولو رأيت هذا الأمر الذي جعله معارضة للنصوص وتأويلاً لها لوجدت العكس:
فإن من تعنيهم من الأخوة عظموا النصوص المرفوعة الآمرة بإعفاء اللحية، وطردوا قولهم ولم يقدموا عليها قول أحد كائناً من كان.
وإذا رأيت كلام الشيخ عبد الكريم في فعل ابن عمر فهو ليس تحريفاً، بل هو حمل لفعل ابن عمر على أحسن المحامل حتى لا يقال إنه خالف النص المرفوع، وهذه طريقة علماء الأمة في كل زمان ومكان، فإنهم إذا وردت نصوص صريحة في أمرٍ ما، وورد عن بعض الصحابة خلافها تجدهم يبحثون لهم عن مخارج تبعدهم عن تعمد مخالفة النصوص، وليس هذا من باب التأويل أو التحريف في شئ.
والتأويل هو صرف النص عن ظاهره إلى معنى آخر، والشيخ دبيان وفقه الله هو الذي أول النص فصرفه عن ظاهره الآمر بالإعفاء مطلقاً، والشيخ عبد الكريم بقي على ظاهر النص.
المظهر الثالث عشر:
الشيخ دبيان وقع فيما انتقد به الشيخ عبدالكريم:
الشيخ دبيان انتقد الشيخ عبدالكريم في وصفه لترجيح القول بالأخذ من ما زاد على القبضة أنه مفتاح لباب ضلاله - كما ذكره الشيخ عبدالكريم في كتابه إشعار الحريص على عدم جواز التقصيص ص 31 - .
¥