ـ[المختار]ــــــــ[22 - 01 - 03, 02:46 م]ـ
المرحلة الثانية:
قولك (لأن الاجتهاد المطلق قد اغلق بابه من سنين طويله ....... الخ)
فلم تفرق بين المجتهد المطلق المستقل والمجتهد المطلق غير المستقل ...
المجتهد المطلق الذي لم يتقيد بأدلة مذهب معين قسمان: فإن لم يتقيد في الاستنباط أيضا بقواعد مذهب معين بل استقل لنفسه بقواعد خاصة فهو المجتهد المطلق المستقل،
وإن التزم قواعد مذهب معين في الاستنباط فهو المجتهد المطلق غير المستقل أو المجتهد المطلق المنتسب. وبهذا تعلم أن المجتهد المطلق أعم من المجتهد المستقل، فكل مجتهد مستقل هو مجتهد مطلق، وليس كل مجتهد مطلق مجتهداً مستقلا.
واختلف العلماء في وجود أهل المرتبة الأولى في الدنيا بعد عصر أئمة المذاهب، فقال ابن الصلاح (643هـ): (ومنذ دهر طويل طُوِيَ بساط المفتي المستقل المطلق، والمجتهد المستقل، وأفضى أمر الفتوى إلى الفقهاء المنتسبين إلى أئمة المذاهب المتبوعة) (أدب المفتي) صـ 91، وعلى هذا القول أكثر العلماء. وخالف ابن القيم فقال: إن الأرض لايجوز أن تخلو من قائم لله بحجةٍ، فلا يجوز أن تخلو من هذا الصنف (اعلام الموقعين) جـ 2 صـ 212.
قلت: والراجح ــ والله تعالى أعلم ــ هو قول الجمهور، وهو تعذر وجود المجتهد المطلق المستقل في المتأخرين، لأن الاستقلال شرطه أن يأتي بقواعد جديدة في الاستنباط والاجتهاد، فقواعده الجديدة إما أن تكون حقاً أو باطلا، فإن كانت باطلة فليس بمجتهد، وإن كانت حقاً فإما أن يكون قد قال بها بعض أئمة السلف وهو قد عمل بها قصداً أو اتفاقا فهو ليس بمستقل، وإما أن تكون قواعده الجديدة لم يقل بها أحد من أئمة السلف فيكون مستقلاً وهذا ممتنع لأنه يعني أن ماقال به من حق قد غاب عن المتقدمين جميعهم، وهذا ممتنع للإجماع على أن الأمة لاتجتمع على ضلالة ولايغيب عنها الحق في عصر من العصور، قال السيوطي (فإن المستقل هو الذي استقل بقواعد لنفسه، يبني عليها الفقه خارجا عن قواعد المذاهب المقررة، وهذا شيء فُقد من دهر، بل لو أراده الإنسان اليوم لامتنع عليه ولم يجز له، نصّ عليه غير واحد. قال ابن بَرهان في كتابه في الأصول: أصول المذاهب وقواعد الأدلة منقولة عن السلف، فلا يجوز أن يحدث في الأعصار خلافها) إلى آخر ماذكره في (الرد على من أخلد إلى الأرض) صـ 112 ــ 113.
ولا تلازم بين فقد المجتهد المستقل وانقطاع حجة الله على الخلق، فإن هذه الحجة تقوم بالمجتهد المطلق غير المستقل بل بمن دونه من كل عدلٍ ناقلٍ للعلم، والمجتهد المطلق المنتسب (غير المستقل) باق ٍ إلى أن تأتي أشراط الساعة الكبرى، ولا يجوز انقطاعه من الدنيا لاشرعا لأنه فرض كفاية ومتى قصّر أهل عصر حتى تركوه أثموا كلهم، كما لايجوز انقطاعه من الدنيا قدراً لصدق خبره صلى الله عليه وسلم (لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله) الحديث متفق عليه، وللإجماع على أن الأمة لا تجتمع على ضلالة، فلا تجتمع على ترك القيام بفرض الكفاية هذا.
أما فقد المجتهد المستقل فهو من نقص الخير في الدنيا وازدياد الشر، كما دل عليه قوله صلى الله عليه وسلم (خير أمتي قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) الحديث متفق عليه، وقول أنس رضي الله عنه (اصبروا، فإنه لايأتي عليكم يوم إلا والذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم، سمعته من نبيكم صلى الله عليه وسلم) الحديث رواه البخاري. هذا والله تعالى أعلم.
ـ[المختار]ــــــــ[22 - 01 - 03, 02:47 م]ـ
المرحلة الثالثة:
وقولك: (لايجوز النظر استقلالاً في نصوص الكتاب والسنة دون آلة للاجتهاد يمكن بها استنباط الاحكام، وهذه الآلة لا يمكن الحصول عليها في هذه الازمان .. الخ)
بل يمكن الحصول عليها في هذا الزمان أيضاً ... وذلك أن:
ــ الاجتهاد:
أ ــ في اللغة: مأخوذ من الجهد وهو المشقة والطاقة، فالاجتهاد في اللغة عبارة عن بذل المجهود واستفراغ الوسع في فعل من الأفعال، ولايستعمل إلا فيما فيه كلفة وجهد، فيقال اجتهد في حمل حجر الرَّحا ولايقال اجتهد في حمل خردلة.
ب ــ وفي الاصطلاح: الاجتهاد هو بذل الفقيه الوسع في نَيْل حكم شرعي عملي بطريق الاستنباط، والاجتهاد التام أن يبذل الوسع في الطلب بحيث يحس من نفسه بالعجز عن مزيد طلب.
¥