والقول الآخر للمالكية والشافعية والحنابلة: أن الإحداد لا يجب على البائن، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث، إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا" وهذه عدة الوفاة، فدل على أن الإحداد يجب فيها فقط. والمطلقة بائنا معتدة عن غير وفاة، فلم يجب عليها الإحداد كالرجعية؛ ولأن المطلقة بائنا فارقها زوجها باختيار نفسه وقطع نكاحها، فلا معنى لتكليفها الحزن عليه، فيجوز لها أن تتطيب. [انظر: حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2/ 478، 479].
5 - لا تخرج من بيتها إلا لحاجة نهارا:
ففي الحديث أن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: طُلِّقَتْ خَالَتِي فَأَرَادَتْ أَنْ تَجُدَّ نَخْلَهَا فَزَجَرَهَا رَجُلٌ أَنْ تَخْرُجَ فَأَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:" بَلَى فَجُدِّي نَخْلَكِ فَإِنَّكِ عَسَى أَنْ تَصَدَّقِي أَوْ تَفْعَلِي مَعْرُوفًا" رواه مسلم.
قال النووي في شرحه للحديث:" هَذَا الْحَدِيث دَلِيل لِخُرُوجِ الْمُعْتَدَّة الْبَائِن لِلْحَاجَةِ , وَمَذْهَب مَالِك وَالثَّوْرِيِّ وَاللَّيْث وَالشَّافِعِيّ وَأَحْمَد وَآخَرِينَ جَوَاز خُرُوجهَا فِي النَّهَار لِلْحَاجَةِ".
6 - لا توارث بينهما:
إلا إذا كان من تولى سبب الفرقة قد اعتبر فارا من الميراث، وذلك إذا كان مريضا مرض الموت، على تفصيل عند الفقهاء.
7 - وجوب الحجاب عليها منه.
ب - أما إذا كانت المطلقة طلاقا بائنا ليست حاملا، فأحكامها كالتالي:
1 - لا سكنى لها ولا نفقة على الراجح من أقوال أهل العلم، لحديث فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ أَنَّهُ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَ أَنْفَقَ عَلَيْهَا نَفَقَةَ دُونٍ فَلَمَّا رَأَتْ ذَلِكَ قَالَتْ وَاللَّهِ لَأُعْلِمَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنْ كَانَ لِي نَفَقَةٌ أَخَذْتُ الَّذِي يُصْلِحُنِي وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لِي نَفَقَةٌ لَمْ آخُذْ مِنْهُ شَيْئًا قَالَتْ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ:" لَا نَفَقَةَ لَكِ وَلَا سُكْنَى" رواه مسلم
2 - وهل يجب عليها الإحداد أم لا؟ خلاف بين أهل العلم، سبق بسطه.
3 - يحرم عليها أن تتزوج ما دامت في العدة ويجوز التعريض بالخطبة لها:
وهذا مذهب المالكية والشافعية - في الأظهر عندهم – والحنابلة؛ لقوله تعالى: (وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ أَوْ أَكْنَنْتُمْ فِي أَنْفُسِكُمْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ سَتَذْكُرُونَهُنَّ وَلَكِنْ لا تُوَاعِدُوهُنَّ سِرّاً إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلاً مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ) (البقرة:235). 4 - لا توارث بينهما:
إذا كان الطلاق بائنا فإنه لا توارث ولو كانت الوفاة في حال العدة، إلا إذا كان من تولى سبب الفرقة قد اعتبر فارا من الميراث، وذلك إذا كان مريضا مرض الموت، على تفصيل عند الفقهاء.
أما إن كانت المرأة معتدة من وفاة روجها، فأحكامها كالتالي:
1 - الإحداد على زوجها:
والإحداد لغة: المنع، ومنه: امتناع المرأة عن الزينة وما في معناها إظهارا للحزن والأسف.
وفي الاصطلاح: هو امتناع المرأة عن الزينة وما في معناها مدة مخصوصة في أحوال مخصوصة ومنه امتناع المرأة من البيتوتة في غير منزلها. [البدائع 3/ 208، مغني المحتاج 3/ 399].
وقد اتفق الفقهاء على وجوب الإحداد على المعتدة في عدة الوفاة من نكاح صحيح، حتى ولو لم يدخل بها الزوج المتوفى.
¥