تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلذا اقتضت حكمة الله ? أن ضبط الدين وحفظه بأن نصَّب للناس أئمة مجتمعاً على علمهم ودرايتهم وبلوغهم الغاية المقصودة في مرتبة العلم بالأحكام والفتوى من أهل الرأي والحديث فصار الناس كلهم يعولون في الفتاوى غليهم ويرجعون إلى معرفة الأحكام إليهم , وأقام الله من يضبط مذاهبهم ويحرر قواعدهم حتى ضبط مذهب كل إمام منهم وأصوله وقواعده و فصوله حتى ترد إلى ذلك الأحكام ويضبط الكلام في مسائل الحلال والحرام وكان ذلك من لطف الله بعباده المؤمنين , ومن جملة عوائده الحسنة في حفظ هذا الدين , ولو لا ذلك لرأى الناس العجب العجاب من كل أحمق متكلف معجب برأيه جريء على الناس , فيدعي هذا أنه إمام الأئمة ويدعي هذا أنه هادي الأمة و أنه هو الذي ينبغي الرجوع دون الناس إليه و التعويل دون الخلق عليه , ولكن بحمد الله ومنته انسد هذا الباب الذي خطره عظيم , وأمره جسيم؛ فانحسمت هذه المفاسد العظيمة , وكان ذلك من لطف الله على عباده وجميل عوائده وعواطفه الحميمة "

من كلام ابن رجب السابق يتضح اعتناء العلماء بمذاهب أئمتهم تحريراً و ضبطاً. وهذا الكلام من محقق في مذهبه.

قولك " أن تصحيحات المرداوي ليست هي المذهب عند المتأخرين "

قولك هذا – عفا الله عنك – قول من ليس له نظر في كتب المتأخرين.

فهذا ابن النجار يقول في مقدمة كتابه "منتهى الإرادات ": ((فالتنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع في الفقه على مذهب الإمام المبجل أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني – رضي الله تعالى عنه – , قد كان المذهب محتاجاً إلى مثله , إلا أنه غير مستغنٍ عن أصله , فاستخرت الله تعالى أن أجمع مسائلهما في واحد ....... ولا أذكر قولاً غير ما قدم , أو صحح في " التنقيح ")).

وكتاب ((التنقيح)) هو كتاب محرر المذهب علاء الدين المرداوي وقد اقتضبه من كتابه الإنصاف.

فائدة: قال المرداوي في مقدمة كتابه التنقيح: ((فإذا وجدت في هذا الكتاب لفظاٌ أو حكماً مخالفا لأًصله _ الإنصاف – أو غيره – كتصحيح الفروع له – فاعتمده – أي: التنقيح – فإنه وضع عن تحرير)).

وأما صاحب الإقناع: قال شارحه في شرح مقدمة صاحب الأصل: (( ... (على قول واحد) من غير تعرض للخلاف طلباً للاختصار , وكذلك صنعت في شرحه. والقول يعم ما كان رواية عن الإمام أو وجهاً للأصحاب (وهو) أي القول الواحد الذي يذكره ويحذف غيره هو (ما رجحه أهل الترجيح) من أئمة المذهب (منهم العلامة) الجامع بين علمي المعقول والمنقول (القاضي) الإمام الفقيه الأصولي المحدث النحوي الفرضي المقرئ (علاء الدين) علي بن سليمان السعدي المرداوي ثم الصالحي المجتهد في التصحيح - أي: تصحيح المذهب – (في كتابه الإنصاف) في معرفة الراجح من الخلاف أربع مجلدات (وتصحيح الفروع) مجلد واحد مفيد بعد الإنصاف (والتنقيح) ... ))

فائدة: أتى بعد هذين العالمين الشيخ مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي فألف كتابه (غاية المنتهى في الجمع بين الإفناع و المنتهى) واختصر منه كتابه (دليل الطالب). ولذا قدم كتاب (دليل الطالب) على كتاب (زاد المستقنع في اختصار المقنع) فهو زبدة الزبدة.

? اعتراضك على المقولة: (أن أصحاب كل إمام قد حققوا كلام إمامهم , وأن ما يذكره المتأخرون منهم هو عين كلام أئمتهم)

فالجملة الأولى صحيحة لا غبار عليها فمن تأمل كتب الأصحاب بعد قراءته: مقدمة وخاتمة (الإنصاف) وخاتمة (معونة أولي النهى شرح المنتهى) لمؤلفه , يجد هذا واضحاً جلياً.

فهذا صاحب (الإنصاف) يقول في مقدمته عند حديثه عن كتاب المقنع للإمام الموفق (وأطلق في بعض مسائله الخلاف من غير ترجيح فاشتبه على الناظر فيه الضعيف من الصحيح. فأحببت إن يسر الله تعالى أن أبين الصحيح من المذهب و المشهور , والمعمول عليه والمنصور , و ما اعتمده أكثر الأصحاب , وذهبوا إليه ولم يعرجوا على غيره ولم يعوِّلوا عليه).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير