تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وأصبحوا سادة لكم تحتاجون إليهم في أمور دينكم وجنائزكم وهو لا يحتاجون إليكم، ثم تبين بعد البحث أن المدفون في قبتهم كان قسيسا يتردد إليهم متسترا في لباس إسلامي من مركز تنصيري قريب من قريتهم، وانتشرت هذه المقولة الخبيثة بين أوساط قرى الزواوة بأن حفظ القرآن الكريم لا يتيسر إلا لفئة معينة تنتسب أصالة إلى عروبة الجزيرة العربية دون سائر المسلمين من أبناء قرى الزواوة، ومن جهة ثانية وكدليل من الواقع المعيش فإن مشعوذا محتالا بقرية "توريت موسى" بنى لنفسه قبة ليدفن فيهاوهو لا يزال على قيد حياته الساعة، وبمرور الزمن تصبح قبة هذا المشعوذ المحتال محل المزار، ويتناسى الناس أصله وأعماله المنافية للإسلام وينسب بعد ذلك إلى زمرة "الأولياء" زورا و بهتانا.

من بنى هذه القبب؟

هل كان بناء هذه القبب بإيعاز وبوصية من صاحب الضريح نفسه قبل أن يموت؟ أم أن فكرة بنائها تبلورت في ذهن أشياعه وأتباعه بعد وفاته لغرض في نفوسهم؟ إذا كان صاحب هذا المقام هو الذي أوصى ببناء هذه القبة على ضريحه فقد خالف في ذلك شرع الله تعالى الذي يقضي بتحريم تقديس الأضرحة وبناء المساجد عليها لتتّخذ مزارا وعبادة من دون الله تعالى ويكون قد سنّ بذلك سنّة سيئة و خالف مانهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم وحذر من اتخاذ القبور مساجد، وكل من سلك مسلكه واقتفى أثره فقد لحقه الوزر الذي توعد به الرسول صلى الله عليه وسلم حيث قال:" .. ومن سن في الإسلام سنة سيئة فعمل بها بعده، كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيئ" [2]، ومن ثم يحكم على هذا الولي بالجهل في أصول الدين ووصيته هذه مخالفة لكتاب الله تعالى و سنة رسوله صلى الله عليه و سلم، لأنه قد ثبت أن أم المؤمنين "أم سلمة رضي الله عنها" ذكرت لرسول الله صلى الله عليه و سلم أن كنيسة بأرض الحبشة يقال لها – مارية – رأت على جدرانها صورا فقال لها النبي صلى الله عليه و سلم:"أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شر الخلق عند الله" [3]، وعن عائشة و ابن عباس رضي الله عنهم قالا:" لما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق يطرح خميصة له على وجهه فإذا اغتنم بها كشفها عن وجهه وقال: "وهو كذلك لعنه الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" [4] وقال أيضا: " قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" [5]، وهذه النصوص النبوية الشريفة التي لاتحتمل التأويل لا ينبغي أن يجهلها أو يتجاهلها الوليّ إن كان معدودا في عداد العلماء العارفين بكتاب الله تعالى وسنة رسوله صلة الله عليه وسلم، وإن خالف وأوصى ببناء القبة على ضريحه فإن اللعنة التي وردت في الحديث تلحقه، فيكون من الهالكين، وإذا كان النبي عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام يوجّه الله تعالى له نداء يوم القيامة ما "إذا كان هو الذي أوصى أتباعه بأن يتخذوه هو وأمّه إلهين من دون الله تعالى– و هو ما عليه النصارى اليوم – وذلك في قوله تعالى: "وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمّي إلهين من دون الله" [6] فيجيب عيسى عليه السلام رب العزة بأنه لم يزد أن قال له ما أمره به و هو أن يعبدوا الله تعالى وحده لا شريك له وهو بين أظهرهم، وماأحدثوه بعد رفعه من انحراف وتحريف فالله رقيب عليهم، في قوله تعالى: (قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحقّ إن كنت قلته فقد علمته تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك إنك أنت علام الغيوب، ما قلت لهم إلا ما أمرتني به أن أعبدوا الله ربيّ وربكم وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد) [7] وإذا كان الأنبياء وهم أفضل الخلق يسألون يوم القيامة وهم المعصومون؟ فكيف بالأولياء إن كانوا أولياء حقا فهم بالشر يخطأون ويصيبون يحاكمون ويحاسبون؟ أما إذا كان الأتباع هم الذين أخذتهم الحماسة والحمية الدينية والعرقية لبناء القبة على ضريح وليّهم بعد وفاته، فما الدفاع إلى ذالك؟ ولا أتصور أكثر من احتمالين هما: الافتخار بالانتساب إليه، لأنه كما يزعمون إن كان لزعمهم بقية صدق من سلاسله آل البيت، وطمع في الأموال التي تدر عليهم وتعود إليهم بالنفع من جراء المزارات التي يقصدها ذووالعقول المريضةوالقلوب الكلية، ومن

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير