تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تئن الديار الإسلامية من المعاملات الربوية الضاربة بجرانها في البنوك والمصارف الربوية، دور المحاربة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وأكبر مركز يهز الاقتصاد ويخرب الديار، ويمتص روح الحياء والحياة، ويؤول بالأمة إلى: جمع فقير غارم.

وفي طليعة معاملاته التي يهرع إليها كثيرون (صريح الربا) المجلل بالاسم الكاذب (القرض بفائدة).

وإن من مآثر المد الإسلامي المعاصر: حركة المصارف والبنوك الإسلامية، فكان حقيقا عليها إيجاد المعاملات الإسلامية لرد الأمة في معاملاتها إلى دين الله وشرعه، وكف الدخيل عليها.

فكما ولد المسلم من نكاح بعقد شرعي فليسر في حياته وكسبه وما فيه قوام دينه ودنياه على جادة العقود الشرعية المتخلصة من الربا ووضره.

فرفضًا لذلك الربا الصريح (القرض بفائدة)، صار إيجاد المصارف الإسلامية لهذه المعاملة التي أطلق عليها اسم: بيع المرابحة، أو: بيع المرابحة للآمر بالشراء والذي يناسب أن يطلق عليه اسم: (بيع المواعدة)؛ لأن فيه وعدا من الطرفين: وعدا من العميل بالشراء من البنك، ووعدا من البنك بشراء السلعة وبيعها عليه. والمواعدة في هذا البيع ملزمة أو غير ملزمة هي أساس في الاختلاف فيه حِلًّا وحرمة فصارت تسميته (بيع مواعدة) أولى، والأسماء قوالب للمعاني.

فهل هذه المعاملة كالقرض بالفائدة في التحريم، أم تجوز مطلقا أم فيها تفصيل يوضحه المبحث بعده؟ والله أعلم.

المبحث السادس: حكمها.

وَهلَ جماعة من الباحثين في أبحاثهم فحسبوها من نوازل العصر وقضاياه، فصار الوقوع في أنواع من الغلط والوهم، سيأتي التنبيه عليها بعد إن شاء الله تعالى، في هذا المبحث.

والحال أن هذا الفرع الفقهي بصوره مدون عند الفقهاء المتقدمين في مباحث الحيل، والبيوع، فهو عند: محمد بن الحسن الشيباني في كتاب (الحيل) ص/79، ص/127، ومالك في (الموطأ) ومعه (المنتقى) للباجي 5/ 38 - 39، والشافعي في (الأم) 3/ 39، وابن القيم في (إعلام الموقعين) 4/ 39. وغيرها كثير.

وهذه نصوصهم فيها:

1 - الحنفية:

ففي كتاب (الحيل) لمحمد بن الحسن الشيباني قال:

(قلت: أرأيت رجلا أمر رجلا أن يشتري دارا بألف درهم، وأخبره أنه إن فعل اشتراها الآمر بألف درهم ومائة درهم، فأراد المأمور شراء الدار، ثم خاف إن اشتراها أن يبدو للآمر فلا يأخذها، فتبقى في يد المأمور، كيف الحيلة في ذلك؟

قال: يشتري المأمور الدار على أنه بالخيار فيها ثلاثة أيام، ويقبضها، ويجيء الآمر ويبدأ فيقول: قد أخذت منك هذه الدار بألف ومائة درهم. فيقول المأمور: هي لك بذلك، فيكون ذلك للآمر لازما، ويكون استيجابا من المأمور للمشتري: أي ولا يقل المأمور مبتدئا: بعتك إياها بألف ومائة؛ لأن خياره يسقط بذلك فيفقد حقه في إعادة البيت إلى بائعه، وإن لم يرغب الآمر في شرائها تمكن المأمور من ردها بشرط الخيار، فيدفع عنه الضرر بذلك) اهـ.

ففي الموطأ للإمام رحمه الله تعالى في: باب بيعتين في بيعة:

(أنه بلغه أن رجلا قال لرجل: ابتع لي هذا البعير بنقد حتى أبتاعه منك إلى أجل فسأل عن ذلك عبد الله بن عمر فكرهه ونهى عنه) اهـ.

والمسألة مبسوطة لدى المالكية كما في: (1)

المنتقى لأبي الوليد الباجي 5/ 38 - 39، والكافي لابن عبد البر، (والمقدمات) لابن رشد 2/ 537، وخليل في (المختصر) وشراحه كافة.


(1) انظر بيع المرابحة للأشقر ص/34

وهذا نص ابن رشد في (المقدمات) (1): (فصل) والعينة على ثلاثة أوجه جائزة ومكروهة ومحظورة، فالجائزة أن يمر الرجل بالرجل من أهل العينة، فيقول له: هل عندك سلعة كذا ابتاعها منك؟ فيقول له: لا، فيخبره أنه قد اشترى السلعة التي سأل عنها فيبيعها بما شاء من نقد أو نسيئة، والمكروهة أن يقول له: اشتر سلعة كذا وكذا فأنا أربحك فيها وأشتريها منك، من غير أن يراوضه على الربح، والمحظورة أن يرواضه على الربح، فيقول له: اشتر سلعة كذا وكذا بعشرة دراهم نقدا، وأنا أبتاعها منك باثني عشر نقدا، والثانية أن يقول له: اشترها لي بعشرة نقدا وأنا أشتريها منك باثني عشر إلى أجل، والثالثة عكسها، وهي أن يقول له: اشترها لي باثني عشر إلى أجل وأنا أشتريها منها بعشرة نقدا، والرابعة أن يقول له: اشترها لنفسك بعشرة نقدا وأنا أشتريها منك باثني عشر نقدا، والخامسة أن يقول له: اشترها لنفسك بعشرة نقدا وأنا
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير