تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

2 - عموم الأحاديث النبوية التي نصت على النهي عن بيع الإنسان ما ليس عنده.

منها حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه، قال: قلت: يا رسول الله يأتيني الرجل فيسألني المبيع لما ليس عندي فأبيعه منه ثم أبتاعه من السوق، فقال صلى الله عليه وسلم ((لا تبع ما ليس عندك)) رواه أصحاب السنن وقال الترمذي: حديث حسن

، فسبب الحديث نص في بيع الإنسان ما لا يملك فحكم صلى الله عليه وسلم بالنهي عنه، قال ابن قدامة في " المغني " (1).

" لا نعلم فيه خلافا " اهـ.

وعلته والله أعلم " الغرر في القدرة على التسليم وقت العقد " (2).

وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك)). رواه أصحاب السنن وقال الترمذي: حديث حسن صحيح.

قال ابن القيم رحمه الله تعالى (3):

(فاتفق لفظ الحديثين على ((نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عنده)) فهذا هو المحفوظ عن لفظه صلى الله عليه وسلم وهو يتضمن نوعا من الغرر فإنه إذا باعه شيئا معينا وليس في ملكه، ثم مضى ليشتريه ويسلمه له كان مترددا بين الحصول وعدمه فكان غررا يشبه القمار فنهى عنه، وقد ظن بعض الناس أنه إنما نهى لكونه معدما فقال: لا يصح بيع المعدوم، وروى في ذلك حديثا ((أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع المعدوم))، وهذا الحديث لا يعرف في شيء من كتب الحديث ولا له أصل) اهـ.


(1) 4/ 206
(2) الغرر وأثره في العقود ص 319
(3) زاد المعاد 4/ 262
وقال الخطابي رحمه الله تعالى (1):
(قوله ((: لا تبع ما ليس عندك)) يريد بيع العين دون بيع الصفة ألا ترى أنه أجاز السلم إلى الآجال، وهو بيع ما ليس عند البائع في الحال، وإنما نهى عن بيع ما ليس عند البائع من قبل الغرر، وذلك مثل أن يبيعه عبده الآبق، أو جَمَلَهُ الشارد ويدخل في ذلك: كل شيء ليس بمضمون عليه، مثل أن يشتري سلعة فيبيعها قبل أن يقبضها.) اهـ.
3 - عموم الأحاديث النبوية التي نصت على نهي الإنسان عن بيع ما اشتراه ما لم يقبضه (2).
وقد صحت الأحاديث في هذا من حديث ابن عمر، وابن عباس وابن عمرو وزيد بن ثابت، وحكيم بن حزام، وجابر رضي الله عنهم وغيرهم رضي الله عن الجميع.
منها حديث ابن عمر رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يَسْتَوْفِيَهُ)) رواه الستة إلا الترمذي.
وعن ابن عمرو رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم ((نهى عن ربح ما لم يضمن وعن بيع ما لم يقبض)) رواه الترمذي وغيره.
وقد حكى: ابن المنذر والخطابي، وابن القيم، وغيرهم: الإجماع على أن من اشترى طعاما فليس له بيعه حتى يقبضه.
وأما بيع ما يشتريه الإنسان قبل قبضه من غير الطعام من مكيل أو موزون أو عقار وغير ذلك ففيه خلاف على أقوال أربعة، والذي عليه المحققون هو: أنه لا يجوز بيع شيء من المبيعات قبل قبضه بحال وهو مذهب ابن عباس ومحمد بن الحسن، وإحدى الروايات عن أحمد. حكى ذلك ابن القيم واختاره فقال (3).
(وهذا القول هو الصحيح الذي نختاره) اهـ.
ثم حرر ابن القيم رحمه الله تعالى الخلاف في علة المنع من بيع ما لم يقبض وقال (4).
(فالمأخذ الصحيح في المسألة أن النهي معلل بعدم تمام الاستيلاء وعدم انقطاع علاقة البائع عنه، فإنه يطمع في الفسخ والامتناع عن الإقباض إذا رأى المشتري قد ربح فيه ... ) اهـ.
ووجه الاستدلال من هذا في مسألتنا هذه: أن النصوص إذا كانت صريحة صحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم في النهي عن بيع ما لم يقبض، وأنه على عمومه، وأن العلة عدم تمام الاستيلاء والاستقرار في ملك المشتري، فكيف يجوز للمصرف أن يبيع ما لم يملك أصلا ويصافق ويربح فيه؟ فملكه تقديري لا حقيقي، واستيلاؤه عليه تقديري لا حقيقي. المنع من هذا يكون من باب الأولى والله أعلم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير