تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

(أنه يكون قد باع دراهم بدراهم والطعام مُرَجّى) رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأبو داود وابن ماجة.

قال الخطابي:

(وهو غير جائز؛ لأنه في التقدير بيع ذهب بذهب والطعام مؤجل غائب غير حاضر ... ) اهـ.

والذي عليه المحققون هو شمول النهي عن بيع ما لم يقبض من طعام وغيره وإن ذكر الطعام خرج مخرج الغالب والله أعلم (2).

5 - أن البيوعات المنهي عنها ترجع إلى قواعد ثلاث:

1 - الربا.

2 - الغرر.

3 - أكل أموال الناس بالباطل.

وقد روى الجماعة إلا البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ((أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الغرر.))

وفي معناه أحاديث أخرى، وهذا الحديث ليس من باب إضافة الموصوف إلى صفته فيكون صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الذي هو غرر وإنما من باب إضافة المصدر إلى مفعوله، فالمبيع نفسه هو الغرر كبيع الثمار قبل بدو صلاحها (وبيع ما لا يملكه) وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم رحمهما الله تعالى (3).

ولهذا لما ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى أقسام المعدوم وهي:

معدوم موصوف في الذمة (السلم) وهو جائز اتفاقا.

ومعدوم تبع للموجود مثل بيع الثمار بعد بدو صلاحها وهو جائز اتفاقا. ومثل بيع المقاثي والمباطخ فهذا جائز على التحقيق، وأما الثالث فقال (4):

(الثالث: معدوم لا يدري يحصل أو لا يحصل ولا ثقة لبائعه بحصوله بل يكون المشتري منه على خطر فهذا الذي منع الشارع بيعه لا لكونه معدوما بل لكونه غررا فمنه صورة النهي التي تضمنها حديث حكيم بن حزام وابن عمر رضي الله عنهما، فإن البائع إذا باع ما ليس في ملكه ولا له قدرة على تسليمه ليذهب ويحصله ويسلمه إلى المشتري كان ذلك شبيها بالقمار والمخاطرة من غير حاجة بهما إلى هذا العقد ولا تتوقف مصلحتهما عليه) اهـ.


(1) معالم السنن 5/ 139. بيع المرابحة للأشقر ص/8
(2) الغرر وأثره في العقود ص /329 - 330
(3) زاد المعاد 4/ 467. والغرر للضرير ص / 62 - 63
(4) زاد المعاد 4/ 263

وجهة نظر المخالف:
يتضح مما تقدم أنه ليس من خلاف يؤثر عند أهل العلم في أن البيع في (الصورة الثالثة) باطل محرم، لكن لما أثريت في العصر الحاضر، وكتب فيها من كتب وجرى الخلاف بين الكاتبين فيها بين الجواز والمنع قرر المجيزون الجواز لعدة وجوه وهي أن الوعد ملزم وأن العين مرادة (حقيقة) في هذا العقد، فالعقد حقيقي، وليس صوريا: فالعميل يقصد الانتفاع بالعين ولا يريدها للتوصل إلى دراهم يحتاجها، وأن النهي عن بيع الإنسان ما ليس عنده: خاص فيما كان فيه البيع حالًّا بتسليم العين المباعة، أما إذا كانت العين المباعة مؤجلة إلى أجل محدود فلا، وينسحب عليهما حكم بيوع الآجال وإن النهي عن بيع المعدوم: هو ما كان المعدوم فيه مجهول الوجود في المستقبل، أما العين هنا فهي محققة الوجود مستقبلا حسب العادة (1).
وأنه في هذه الصورة لو تأخر العميل في أداء الثمن لم يفرض عليه أي زيادة في الثمن.
وأنه على أقل الأحوال فإن الحاجة في التعامل داعية إليه كما دعت إلى السلم، والاستصناع واغتفر ما يعتريهما من الغرر تقديرا للحاجة، والحاجة هنا داعية لاتساع رقعة التعامل وتضخم رؤوس الأموال وحاجة المنشآت إلى دعمها بالآلات والمباني التي لا قوام لها إلا بها، فإن لم تتم تلك المعاملة وقع المسلم في حرج ومشقة الفوات لمصالح يريد تحقيقها، فإن لم تكن من هذا الباب، اضطر إلى (القرض بفائدة) ودينه يعصمه من هذا الربا المحرم، فليقرر هذا التعامل تحت وطأة الحاجة (الضرورة) والانتشال من المحرم وتحقيق مصالح المسلمين.
المبحث السابع: في الضوابط الكلية التي تجعل (بيع المواعدة) أي (المرابحة للآمر بالشراء كما تجريه المصارف الإسلامية) - في دائرة الجواز وهي على ما يلي:
1 - خلوها من الالتزام بإتمام البيع كتابة أو مشافهة قبل الحصول على العين بالتملك والقبض.
2 - خلوها من الالتزام بضمان هلاك (السلعة) أو تضررها من أحد الطرفين: العميل أو المصرف بل هي على الأصل من ضمان المصرف.
3 - أن لا يقع العقد للمبيع بينهما إلا بعد قبض المصرف للسلعة واستقرارها في ملكه.
والله أعلم
بكر بن عبد الله أبو زيد

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير