وأما إن كان المراد منها التشريع فهي تعني أمر المؤمنين ألا يجعلوا للكافرين عليهم سبيلا، وذلك يشمل كل سبيل يظهر فيه تسلط الكفار وعلوهم على المسلمين، فهم مكلفون ألا يجعلوا للكافرين عليهم سبيلا، ولا سبيل أعظم ولا أظهر من أن يكون الكافر ولي أمر للمسلم، قال ابن كثير: "يحتمل أن يكون المراد: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} أي: في الدنيا، بأن يسلطوا عليهم استيلاء استئصال بالكلية، وإن حصل لهم ظفر في بعض الأحيان على بعض الناس، فإن العاقبة للمتقين في الدنيا والآخرة، كما قال تعالى: [إنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد، يوم لا ينفع الظالمين معذرتهم ولهم اللعنة ولهم سوء الدار] {غافر: 51، 52}. وعلى هذا فيكون ردا على المنافقين فيما أملوه وتربصوه وانتظروه من زوال دولة المؤمنين، وفيما سلكوه من مصانعتهم الكافرين، خوفا على أنفسهم منهم إذا هم ظهروا على المؤمنين فاستأصلوهم، كما قال تعالى: [فترى الذين في قلوبهم مرض يسارعون فيهم يقولون نخشى أن تصيبنا دائرة فعسى الله أن يأتي بالفتح أو أمر من عنده فيصبحوا على ما أسروا في أنفسهم] نادمين] {المائدة: 52} " هذا الذي ذكره ابن كثير في تفسير الآية على أنها من قبيل الخبر والوعد.
وأما على تفسيرها أنها من باب الأمر فهي تعني ضمن ما تعني عدم تمكين الكفار من ولاية أمر المسلم بأي حال من الأحوال، لذا قال ابن كثير رحمه الله تعالى: "وقد استدل كثير من العلماء بهذه الآية الكريمة على أصح قولي العلماء، وهو المنع من بيع العبد المسلم من الكافر لما في صحة ابتياعه من التسليط له عليه والإذلال، ومن قال منهم بالصحة يأمره بإزالة ملكه عنه في الحال؛ لقوله تعالى: {ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا} "، وعلى اعتبار أن الآية للتشريع فقد استنبط العلماء أحكاما كثيرة من هذه الآية في علاقة المسلم بالكافر حتى وإن كان من مواطني دار الإسلام تدور في معظمها على عدم جواز تسليط الكافر على المسلم بأي نوع من أنواع التسلط، ولها فروع كثيرة مذكورة في كتب الفقه.
ويقول الشاطبي رحمه الله تعالى: "قوله تعالى: ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا، إن حمل على أنه إخبار لم يستمر مخبره لوقوع سبيل الكافر على المؤمن كثيرا بأسره وإذلاله، فلا يمكن أن يكون المعنى إلا على ما يصدقه الواقع ويطرد عليه، وهو تقرير الحكم الشرعي فعليه يجب أن يحمل" وهي صيرورة منه إلى أن المراد من الآية التشريع وليس الإخبار.
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[06 - 05 - 08, 10:52 م]ـ
شكله طاب على قاضي المحكمة
وعلى طول أصدر الحكم
ننتظر مشايخنا
أضحكتني بارك الله فيك
ولكن صدقني قاضي المحكمة لا يستطيع إصدار حكم واحد في محكمته تطبيقا لشرع الله، فضلا عن تنفيذه بنفسه في بيته
على كل حال ... لم يرو غليلي من المسألة تماما
بالمناسبة أخي أبا عمر! ذكرت أقوال العلماء في مسألة فقأ العين دون ترجيح فما أفعل بهذا!؟ ولم تخبرني هل تنطبق الحالة التي ذكرت على هذه المسالة أم أن فيها تفصيل؟
ـ[أبو إسحاق الأسيف]ــــــــ[07 - 05 - 08, 01:29 ص]ـ
في بلاد الإسلام ام في بلاد الكفر؟
فى بلاد الإسلام أقصد
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[07 - 05 - 08, 10:23 ص]ـ
بالمناسبة أخي أبا عمر! ذكرت أقوال العلماء في مسألة فقأ العين دون ترجيح فما أفعل بهذا!؟ ولم تخبرني هل تنطبق الحالة التي ذكرت على هذه المسالة أم أن فيها تفصيل؟
بسم الله الرحمان الرحيم
(رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي)
اخي ميسرة لقد ذكرت لك أقوال اهل العلم بالتفصيل لكي تستفيد ونستفيد نحن بما يضمن لنا حسن تطبيق هذا الحكم فراجع اخي هذه الأقوال وإستعمل منها ما يناسب حالتك والظاهر أنه يجوز في حالتك هذه فقئ عين هذا الجاسوس لأنك بينت تكرر هذه السرقات والتكن تلك عبرة لمن يعتبر ولكن إن تجسس وإنصرف فليس لك فقئ عينه بإتفاق. أرجو أن تكون على بينة الآن
ـ[محمد أبو عُمر]ــــــــ[07 - 05 - 08, 10:26 ص]ـ
فى بلاد الإسلام أقصد
وقد اجبتك بأقوال اهل العلم على تلك الحالة
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[07 - 05 - 08, 05:40 م]ـ
فهل في حديث فقأ عين الذي ينتهك حرمة البيت من خلال النظر إليه خلسة وحديث "من مات دون عرضه" دلالة في موضوعنا؟
أحسنت القياس على هذه الأحاديث الصحيحة، وهي على ظاهرها.
ـ[ميسرة الغريب]ــــــــ[09 - 05 - 08, 05:13 ص]ـ
إخوتي الأفاضل
بارك الله فيكم وزاد من قدركم في الدنيا والآخرة