ولا يحسبنَّ أحدٌ أننا نقول هذا خوفاً من أحدٍ،ومجاملةً لأحد، فنحن ولله الحمد لا نخافُ إلا الله سبحانه،وليس من شيمتنا الخوف والتملُّقُ وإرضاءُ الناس، فالحق عندنا أغلى من كل أحد،وقد عَلَّمنا الإسلامُ الجرأةَ في الحق، والصراحة في الرأي،ونحن نتحدَّى من يدعي علينا خلاف ما ذكرنا أن يأتي بشبهِ دليلٍ على ذلك! وهيهات!!
أقول: نحن نحبُ الأئمةَ ونُواليهم، ولكننا في الوقت نفسه نفعلُ ما أَمرنا الله عز وجل من إجلال كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن ندور مع الحقِّ حيث دار، ولا نظنُّ مسلماً واحداً يُخالِفنا في هذا، فنحنُ نرى أننا مُلْزَمون أولاً وآخرأً بتباع الكتاب والسنة وإيثارهما على كل شيء، ولم يكن للأئمة هذا القدر العظيم إلا لأنهم خدموهما ودرسوهما واستنبطوا الأحكام منهما قدْرَ جهدهم،وأجلُّوهما واتبعوهما، ولذلك فإذا وجدنا قولاً لأحد هؤلاء الأئمة يخالفُ كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فإن الواجبَ علينا وعلى كل من يبلغه ذلك أن يترك قول هذا الإمام لقول الله ورسوله، فإن هؤلاء الأئمةَ رحمهم الله تعالى،لم يحيطوا بالسنة كلِّها جمعاً، وفاتهم منها أشياءُ وأشياءُ
،فقد جهلوا بعض السنن فلم يعملوا بها، كما أنهم بلغتهم سُنَنٌ أخرى من طُرُق ضعيفة فتركوها، ثم ثبتت صحتُها من طرق أخرى، كما أنهم ظنوا بعض الأحاديث صحيحةً فأفتوا بها،ثم ظهر ضعفُها، وهكذا فإن الأئمة المجتهدين قد وقعوا دون قصدٍ منهم في مخالفة الكتاب والسنة لأسبابٍ كثيرةٍ، وقد بين ذلك ووضحه أحسن بيان وتوضيح شيخ ُ الإسلام تقي الدين بن تيمية رحمه الله تعالى في رسالته القيمة: " رفع الملام عن الأئمة الأعلام "،وذكر فيها أن هناك أعذاراً عشرة لمخالفة أي إمام حديثاً صحيحاً، وجُمَّاعها ثلاثة أمور:
أحدها: عدم اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال شيئاً يخالف قوله.
والثاني: اعتقاده أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد تلك المسألة بما قاله.
والثالث:اعتقاده أن ذلك الحديث منسوخ.
ثم فصَّل رحمه الله هذه الأعذارَ، وضرب الأمثلة عليهما بما يكفي ويشفي، فمن شاء التوسُّع في ذلك فليرجع إليها.
ولكنَّ الأئمة رحمهم الله تعالى إذا خالفوا شيئاً من الكتاب والسنة فهم معذورون في ذلك ومأجورون كما ثبت في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد فأخطأ فله أجرٌ واحد ".
وفي هذا يقول الإمام ابن تيمية رحمه الله: " بل يَضِلُّ عن الحق من قصد الحق وقد اجتهد في طلبه فعجز عنه، فلا يُعاقب,
بل يكون له أجرٌ على اجتهاده، وخطؤه الذي ضَلَّ فيه عن حقيقة الأمر مغفورٌ له، وكثيرٌ من مجتهدي السلف والخلف قد قالوا وفعلوا ما هو بدعةٌ ولم يعلموا أنه بدعةٌ، إنما لأحاديث ضعيفةٍ ظنوها صحيحة، وإمَّا للآيات فهموا منها ما لم يُرَد منها، وإما لرأيٍ رأوه وفي المسألة نصوصٌ لم تبلغهم، وإذا اتَّقى الرجلُ ربه ما استطاع دخل في قوله: (ربنا لا تؤاخذنا إن
نسينا أو أخطأنا)، وفي " الصحيح " أن الله قال: قد فعلت ".
ـ[محمد الأمين]ــــــــ[22 - 02 - 03, 11:12 ص]ـ
أخي أبو الوفا ليتك لم تعقب أصلاً!
الاخ محمد الامين وفقه الله
قولك:لكن اغلبهم -يعني اهل الحديث- كان يذم رايه -اي راي مالك -,
لو قلت:بعضهم -تنزلا منا- ,لاصبت.
لا بأس، بعضهم أو أكثرهم.
قولك: ومع اقرار احمد بعلم ابي يوسف وقوة حفظه للحديث,
لو حذفت كلمة قوة -تنزلا منا -لاصبت.
بل كان ثبتاً قوي الحفظ. ولو لم يكن كذلك لطعنوا بذلك فوراً.
قولك:فانه -اي احمد-قليل الرواية عنه -اي ابي يوسف- ,
فلو قلت:لم يرو عنه , لاصبت.
أقول بل حدث عنه يقيناً. والعجب أن يحملك التعصب الشديد على الأحناف أن تنكر هذا مع أنه لا يحق لك أن تنكر علي، لأني قد علمت حجة أنت لم تعلمها (أو علمتها وتنكرها).
قولك: وما ذنب اهل الحديث اذا حفظ الناس كلهم ولم يحفظ الاحناف.
أقول: بل حفظ الأحناف أكثر من غيرهم، وأحمد يقر بذلك، لكنه شدة الكراهية لهم منعته من التحديث عنهم.
قولك: مع ان ابا يوسف كان ثقة فقيها سلفي العقيدة ,
فلو قلت: كان سلفي العقيدة ما عدا مسالة الايمان ,لاصبت.
بل لو قلت ذلك لكنت كذبت. بل هو سلفي العقيدة في مسألة الإيمان وفي كل المسائل.
قولك: فخذها بارك الله فيك عيدية , ولا تحرمنا من دعائك.
أقول: اللهم اهدنا وأصلح قلوبنا وأبعدنا عن التعصب وحبب إلينا الإنصاف.
قال ابو الوفا: حنفي ومحدث لا يجتمعان.
قلت: بئس المقولة التي تطرد ابن معين من زمرة المحدثين.
ـ[ابو الوفا العبدلي]ــــــــ[22 - 02 - 03, 11:38 ص]ـ
الاخ محمد الامين سلمه الله
تاخرت في الرد يا شيخ.
قال ابو الوفا: من عرف الحديث لم يستسغ الراي واهله.
لا تدعوني فاني لست تابعكم **** ماكنت منكم ولا حسي ولا جرسي
ولا اكون كمن القى رحالته **** على الحمار وخلى منسج الفرس
¥