صفحة 21:
قولكم {وحديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - السابق ضعيف لا يثبت، بل موضوع تأكيدا}.
التعليق:
بعد بحثي المتواضع لم أجد من حكم على حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - بالوضع إلا ابن الجوزي في الموضوعات.
وأما العلة التي حكم بها ابن الجوزي على الحديث بالوضع فهو الرواي: أبو معشر نجيح بن عبد الرحمان السندي ثم المدني:
ـ لكن الراوي أبو معشر ضعيف فقط كما نقل ابن الجوزي نفسه بعد قوله: {هذا حديث موضوع لا أصل له}، قال: {أبو معشر اسمه نجيج، كان يحي بن سعيد يضعفه ولا يحدث عنه ويضحك إذا ذكره، وقال يحيى بن معين: إسناده ليس بشيء}.
فما نقله ابن الجوزي من أقوال علماء الجرح والتعديل لا يستلزم منه أن الحديث موضوع، بل صرح نفسه في العلل المتناهية 575/ 2 بقوله ـ تعقيبا على بعض الأحاديث التي فيها أبو معشر ـ: {وأبو معشر ضعيف}.
وحسب بحثي المتواضع فإن غاية ماقيل في هذا الحديث أنه ضعيف وكذلك الراوي أبي معشر:
أ) ـ أقوال العلماء في هذا الحديث:
ـ 1 ـ بوّب الإمام البخاري في كتاب الصوم باب: {هل يقال رمضان أو شهر رمضان؟}، والإمام البخاري فقهه في تبوبيه كما يقال، فعندما تكون المسألة فيها خلاف، فإنه يجعل عنوان الباب على شكل استفهام، وهو يشير بذلك إلى حديث أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -: {لا تقولوا رمضان .. }، يقول الحافظ: {وأشار البخاري بهذه الترجمة إلى حديث ضعيف رواه أبو معشر نجيح المدني عن سعيد المقبري عن أبي هريرة 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - مرفوعا}.
فلو كان الحديث موضوعا لما التفت إليه الإمام البخاري، ثم أن الحافظ قد ذهب إلى أن الحديث ضعيف.
ـ 2 ـ وضعّف الحديث ابن عدي، قال الحافظ في الفتح 113/ 4: {أخرجه ابن عدي في الكامل وضعفه بأبي معشر}.
ـ 3 ـ وضعف الحديث أيضا ابن كثير في التفسير217/ 1 حيث قال ـ بعد أن ذكر هذا الحديث ـ: {قلت أبو معشر هو نجيح بن عبد الرحمن المدني إمام المغازي والسير ولكن فيه ضعف}.
ـ 4 ـ وأقرّ السيوطي تضعيف البيهقي للحديث حيث قال في اللآليء 83/ 2: {قلت: أخرجه البيهقي في سننه واقتصر على تضعيفه بأبي معشر}.
ب) ـ أقوال العلماء في أبي معشر:
ـ سبق ذكر نقولات عن الحافظ والنووي والبيهقي وابن كثير وابن عدي والذين اقتصروا على تضعيف أبو معشر.
ـ كما ضعفه ابن حزم في المحلى 212/ 7 والشوكاني في النيل 150/ 3.
وغاية ما قال فيه الحافظ في التقريب ص 491: { ... ضعيف، من السادسة، أسنّ واختلط ... } اهـ.
وبالرجوع إلى تهذيب التهذيب 375/ 10، وسير أعلام النبلاء 435/ 7، وميزان الاعتدال 12/ 7، وابن عدي في الكامل 52/ 7، والمجروحين لابن حبان 60/ 3، والضعفاء للعقيلي 308/ 4، والجرح والتعديل لأبي حاتم 493/ 8، نجد أنه لم يطعن في عدالته بكلام معتمد كما سيأتي، بل تكلموا في حفظه، قال الترمذي: {تكلم بعض أهل العلم فيه من قبل حفظه} اهـ، لذا قال الإمام أحمد: {حديثه عندي مضطرب لا يقيم الإسناد ولكن اكتب حديثه اعتبر به} تهذيب التهذيب 375/ 10.
وقد صرح ابن حبان في كتابه االمجروحين 60/ 3 بأن أهل الحديث ردوا حديثه بسبب الاختلاط حيث قال: {وكان ممن اختلط في آخر عمره وبقي قبل أن يموت سنتين في تغير شديد لا يدري ما يحدث به فكثر المناكير في روايته من قبل اختلاطه فبطل الاحتجاج به}.
وأخيرا، فإنه لا يخفى كلام أهل العلم حول كتاب الموضوعات لابن الجوزي، يقول السيوطي في تدريب الراوي 151/ 1: {قال أحمد بن أبي المجد: صنف ابن الجوزي كتاب الموضوعات ... وما لم يصب فيه: إطلاقه الوضع على أحاديث بكلام بعض الناس في أحد رواتها، كقوله: فلان ضعيف، أو ليس بالقوي أو لين ... }.
ـ أما أشد ما قيل في الراوي أبو معشر:
أولا: قول البخاري: {منكر الحديث} (التاريخ الكبير 114/ 8).
يقول الدكتور علي بقاعي في كتابه: الاجتهاد في علم الحديث وأثره في الفقه الإسلامي:
{ ... قلت: استقرأت قول البخاري في الراوي: منكر الحديث، في كتابه الضعفاء الصغير فوجدت أنها قالها في 68 راويا، ووجدت بعض مشتقاتها في 20 راويا آخرين ...
ثم أحببت أن أرى مدى تطابق معاني هذه الألفاظ مع ما نقله ابن القطان عن البخاري فلم أجد تطابقا تاما. مثال ذلك:
¥