أ - الجماعة إذا فاتتها صلاة العيد بسبب عذر: فإنها تخرج من الغد فتصلى العيد، لما رواه أحمد والنسائي وابن ماجه بسند صحيح من حديث أبي عمير بن أنس قال: حدثني عمومتي من الأنصار من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم، قالوا: أغمى علينا هلال شوال وأصبحنا صياماً فجاء ركب من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا وأن يخرجوا إلى عيدهم من الغد ([75]).
قال الشافعي: إن علم بعد الغروب صلاها من الغد، وإن علم بعد الزوال لم يُصلِّ.
قال الخطابي: سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى، وحديث أبي عمير صحيح، فالمصير إليه واجب ([76]).
ب - الواجب إذا فاتته مع الإمام:
1 - من فاتته لعذر: من كان يوم العيد مريضاً أو محبوساً، أو خرج ليصلي ففاتته الصلاة مع الإمام، وعادته يُصلى العيد، فهؤلاء يصلون جماعة وفرادى.
قال ابن تيمية رحمه الله: وهؤلاء بمنزلة الذين استخلف علي من يُصلى بهم ([77]).
2 - من تركها لغير عذر: ظاهر كلام ابن تيمية أنه لا يشرع له قضاؤها، فقال: والذي خرج ليصل ففاتته مع الإمام يصلى يوم العيد، بخلاف من تعمد الترك ([78]).
وأكثر العلماء يقولون بمشروعية القضاء مطلقاً سواء كان الترك اضطرارًا أم اختياراً. قال البخاري: باب إذا فاته العيد يصلي ركعتين.
قال ابن حجر: في هذه الترجمة حكمان: مشروعية استدراك صلاة العيد كأصلها إذا فاتته مع الجماعة سواء كانت بالاضطرار أو بالاختيار، وكونها تقضى ركعتين كأصلها ([79]).
والمشهور عن مالك أنه لا قضاء عليه أصلاً؛ لأنها صلاة من شرطها الجماعة والإمام كالجمعة، وقال أبو حنيفة يتخير بين القضاء والترك.
متى يقضيها:
إذا فاتت حتى تزول الشمس، وأحب قضاءها، قضاها متى أحب، وقيل لا يقضيها إلا من الغد قياساً على الجماعة إذا فاتتها الصلاة، وهو قياس مع الفارق، قال ابن قدامة: "لأن ما يفعله تطوع فمتى أحب أتى به ... بخلاف الحالة الأولى (أي الجماعة إذا فاتها العيد) التي يعتبر لها شروط العيد، ومكانه وصفة صلاته، فاعتبر لها الوقت" ([80]).
أين يقضيها؟
قيل لأبي عبد الله: أين يُصلي؟ (أي من فاتته الصلاة) قال: إن شاء مضى إلى المصلى، وإن شاء حيث شاء ([81]).
صفة القضاء:
يقضيها ركعتين كصلاة الإمام يكبر فيها نحو تكبيرة ويجهر كجهره لما روى عن أنس، أنه (كان إذا لم يشهد العيد مع الإمام بالبصرة جمع أهله ومواليه، ثم قام عبد الله بن أبي عتبة مولاه فيصلى بهم ركعتين، يكبر فيهما) ([82])؛ ولأنه قضاء صلاة فكان على صفتها كسائر الصلوات، وهي مخير، إن شاء صلاها وحده، وإن شاء في جماعة ([83])، وهذا مذهب الشافعي ورواية عن مالك ورواية عن أحمد.
والمشهور في مذهب أحمد أن من فاتته صلاة العيد صلى أربع ركعات، كصلاة التطوع، وهي المختارة عند محققي أصحابه، واختاره ابن قدامة في المغني لقول ابن مسعود رضي الله عنه: (من فاته العيد مع الإمام فليصل أربعاً) ([84]). قال الإمام أحمد: يقوى ذلك حديث علي، أنه أمر رجلاً يُصلى بضعفة الناس أربعاً ولا يخطب، ولأنه قضاء صلاة العيد فكان أربعاً كصلاة الجمعة ([85]).
قال الزين ابن المنير: لكن الفرق ظاهر (أي بين العيد والجمعة) لأن من فاتته الجمعة يعود لفرضه من الظهر بخلاف العيد ([86]).
وقال أبو حنيفة، وهي رواية عن أحمد: يخير بين أن يصلي ركعتين أو أربعاً.
وفرق بعضهم بين القضاء في المصلى وغيرها، وفي الجماعة وغيرها.
وذهب ابن رشد إلى أن أقرب الأقوال: هما قول الشافعي وقول مالك ([87]).
قال وأما سائر الأقاويل في ذلك فضعيف لا معنى له ([88]).
التكبير في العيدين:
يستحب للناس إظهار التكبير في ليلتي العيدين في مساجدهم، ومنازلهم، وطرقهم، مسافرين كانوا أو مقيمين لظاهر قوله تعالى: {وَلِتُكْمِلُواْ ?لْعِدَّةَ وَلِتُكَبّرُواْ ?للَّهَ عَلَى? مَا هَدَاكُمْ} [البقرة:185]. وإظهاره يكون برفع الصوت به، لما في ذلك من إظهار شعائر الإسلام وتذكير الغير، كما ثبت عن ابن عمر أنه كان يكبر في قبته بمنى، يسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيراً ([89]).
وقت التكبير:
اختلف العلماء في ابتداء وانتهاء وقت التكبير في العيدين:
أ - وقته في عيد الفطر:
¥