تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فاعلم أنّ من حكم اللّباس أنّه عنوان على شخصيّة الإنسان، فكلّ أمّة تعتبر اللّباس من مقوّمات شخصيتها، وأنّ ذهاب معالم لباسها هو بداية ذهاب لجزء عظيم من شخصيتها وكيانها، وفناء الأمم لا بذهاب أهلها عن بكرة أبيهم، ولكن بذهاب معالم شخصيّتها.

لذلك أولت الشّريعة الإسلاميّة اهتماما عظيما باللّباس ببيان آدابه وأحكامه، فاستحبّ الله عزّ وجلّ في لباس المسلم أمورا وأوجب أخرى، وكرّه أشياء وحرّم أخرى، ولا يخلو كتاب من كتب الفقه أو الحديث من إفراد اللّباس بكتاب.

وفي لباس المسلم لألبسة لاعبي كرة القدم وعليها أسماؤهم وعلم بلادهم فهو غير جائز لا شكّ في ذلك، وتلك الألبسة أنواع:

الأوّل: ما يحرم لمجرّد كونها من ألبسة لاعبي كرة القدم، ولو كانت تلك الألبسة للاعبين مسلمين، لأنّ المسلم مأمور بأن يكون عالي الهمّة لا ينظر إلى هذه التّفاهات الّتي سيطرت على نفوس النّاس اليوم، فكرة القدم اليوم تحوّلت من رياضة إلى مظهر من مظاهر الفساد، كإضاعة الأوقات، وارتكاب المخالفات، وتضييع الصّلوات، وما ينتج عن ذلك من المشاحنات والخصومات إلى غير ذلك ممّا لم يعُد يخفى على أحد، ناهيك أنّ هذه الفرق والنّوادي الّتي أُنشِئت اليوم فإنّها قائمة على القمار والميسر، وفي الحديث الصّحيح الّذي رواه التّرمذي وغيره عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عن النبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: ((لاَ سَبَقَ إِلاَّ فِي خُفٍّ أَوْ حَافِرٍ أَوْ نَصْلٍ))، والسَّبق هو المال الّذي يُجعل للمسابقة، فلا يحلّ ذلك إلاّ في أمور تعِين على الجهاد وإعلاء كلمة ربّ العباد كالسّباق على البعير ذي الخفّ، والخيل ذوات الحافر، والسّباق على الرّماية بالرّماح ذوات النّصل والسّهام، ويلحق بها المسابقات العلميّة لأنّ العلم ونشره ضرب من ضروب الجهاد.

فمجرّد ميل المسلم إلى هذه النّوادي وتتبّعها وحبّها محرّم، فكيف إذا صار ينشر معالمهم بارتداء لباسهم؟!

النّوع الثّاني: ما كان من ألبسة اللاّعبين الكافرين، وهذا أشدّ من السّابق، لأنّ ألبسة الكافرين الّتي تعدّ من خصائصهم محرّم لبسها، لما في صحيح مسلم عَن عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضي الله عنه قَالَ: رَأَى رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم عَلَىَّ ثَوْبَيْنِ مُعَصْفَرَيْنِ، فَقَالَ: ((إِنَّ هَذِهِ مِنْ ثِيَابِ الْكُفَّارِ فَلاَ تَلْبَسْهَا)).وقد أجمع العلماء على تحريم إظهار شعائر الكافرين، وعلى وجوب طمس معالمهم وما يُحيِي ذكرهم، فكيف إذا جمعوا إلى ذلك النّقص -وهو الكفر- نقصا آخر وهو اللّعب واللّهو؟!

النّوع الثّالث: ما كان يحوِي المظاهر والكلمات المستهجنة القبيحة.

وهذا لا يجيزه عاقل، فكلّ لباس اشتمل على كلمة قبيحة تخلّ بالدّين أو الشّرف والأخلاق الحميدة، كالكلمات الدّاعية إلى العشق والغرام، والدّاعية إلى الخمر ونحر ذلك، فهي محرّمة.

لذلك لا يجوز للمسلم ولا المسلمة أن يلبس لباسا مكتوبا عليه كلمات لا يُفهم معناها حتّى يعرفها حذرا من الوقوع في النّهي.

ومن عجيب ما حدث، أنّ رجلا عربيّا كان يمشي مع طفله الصّغير في أحد شوارع مدينة غربيّة كافرة، وفجأة أوقفه شخص فقال له: بكم تبيع هذا الطّفل؟ فتعجّب الأب وقال: ومن قال لك إنّني أبيعه؟ هذا ابني! فقال له الرّجل: إنّه مكتوب على قميص ابنك باللّغة الانكليزيّة: هذا الطّفل للبيع!!.

النّوع الرّابع: ما كان يحوي مظهرا من مظاهر ديانتهم، وهذا أشدّ، فإذا كان لا يحلّ التشبّه بالكافرين فيما هو من خصائصهم في لباسهم، فكيف بشعائر دينهم وملّتهم!؟

ومن ذلك الألبسة المشتملة على الصّلبان، ولزام على المسلم أن يطمسه حيث وجده، واتّفق الفقهاء على أنّه لا يجوز صنعه ولا بيعه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير