ومع ذلك فالذي شاع بعدُ هو استعمال لفظ السنة في الدلالة الثانية وغلبة هذا الاستعمال خاصة في كلام الفقهاء.وحتى صك بعض الفقهاء تعريف السنة فقال: تعني ما يثاب المكلف على فعله ولا يؤاخذ على تركه.
هكذا من غير تعريج على دلالة غيرها، ولفظ السنن للدلالة على مستحبات العبادات ومندوباتها هو الشائع الغالب على كتب الفقهاء.
الآن ما جناية هذا؟؟
الجواب: لا تعد ولا تحصى، فأصحاب المصنفات وكتب السنن يأتون على مثل هذا الأثر:
عن ابن مسعود: ((قال الغسل يوم الجمعة سنة)).
فيضعونه في مقابل باب: من قال بوجوب الغسل.
فانظر كيف فُسر لفظ السنة في كلام ابن مسعود على وفق الدلالة النادرة في كلامه وكلام أهل طبقته؛ لمجرد أنها صارت شائعة في طبقة أصحاب السنن والمصنفات.
وأنا هنا لا أمنع أن يكون ابن مسعود أراد الدلالة الثانية، ولكني أطلب ما يعينني على أي الدلالتين أراد، وإنما أنبه كيف صارت الدلالة الثانية هي المتبادرة، رغم كون الحمل عليها أحوج للقرائن من حاجة الدلالة الأولى بكثير .. ورغم كون احتمالات إرادته للدلالة الأولى أكثر بكثير.
وشيخنا ابن وهب عانى قريباً جداً من أثر هذه الجناية.ولعلنا نذكره:
و قال الفقيه ابن مفلح في الآداب الشرعية: (و يسن أن يعفى لحيته).
افتكرت يا مولانا (؟؟)
نحن لما نتكلم في تفسير كلام الله ورسوله نقول: أن من أكبر أسباب الخلل = تفسير ألفاظ الوحيين وفقاً للشائع المتبادر لأذهان من استعجم لسانه عن اللسان الأول.
لكنا لا نكتفي بتوصيف الخطأ حتى ننص على سبل الوقاية منه، ورأسها: تقليل دائرة الاستعجام بألا نستعمل فيما بيننا وفي كتبنا وحديثنا = ألفاظ الوحيين إلا وفق النسق الدلالي الذي كانت عليه زمن الوحيين .. زمن اللسان الأول.
فلا ننقل الألفاظ الشرعية .. ولا نرتكب قرين النقل وهو استعمال اللفظ استعمالاً شائعاً في دلالة كانت هي النادرة في زمانهم.
أمثلة للتأمل: على الصورة الثانية للتغير الدلالي (تضييق المعنى) ...
1 - الكلام.
2 - المكروه.
تنبيه: هذا هو تفصيل الكلام في القسم الأول من أقسام العدول عن اللسان الأول؛ وهو العدول عنه بتغيير الدلالات، أما القسم الثاني وهو العدول عن اللسان الأول بتغيير الألفاظ = فلعلي أفرد لتوضيحه مشاركة أخرى ..
ـ[ابن وهب]ــــــــ[12 - 01 - 09, 01:44 م]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
لا يهمنا الندرة وعدم الندرة يهمنا أن التفريق وجد بذات الاصطلاح
وكذا لفظة يكره الخ
وليس قصدنا أن كلمة مكروه أو سنة الخ = دائما كما هو عند الفقهاء
ولكن المقصود أن الدلالة غير محدثة ولا التفريق حادث
مجرد وجود التفريق دل على أن هذا الأمر لا علاقة للمتكلمين به
وكلام الفقهاء هو على اصطلاحهم هم لا على كلام السابقين والخطأ الذي وقع من البعض في تفسير
فرض أو السنة أو يكره .... الخ
الواقع في كلام السلف على اصطلاحهم
لا يعني أن ما اصطلحوا عليه بدعة من البدع
فمثلا أنا ألتزم في كتابي أني إذا قلت يكره فأقصد الكراهة لا التحريم مثلا
هذا التزام مني بهذا المصطلح
فلا يقال أن هذه بدعة لأني قصرت معنى الكراهة على هذا المعنى
فحتى كلمة السنة هذه ينبه الفقهاء أنفسهم إلا أن المراد بالنسة في ذا الموضع كذا
وأن هذا النص النبوي لا يجوز حمله على اصطلاح الفقهاء الحادث
الخ
نعم قد يقع خطأ من بعضهم
ولكن وجود الخطأ لا يعني أن المصطلح محدث وبدعة ... الخ
والله أعلم بالصواب
ـ[أبو فهر السلفي]ــــــــ[13 - 01 - 09, 11:22 ص]ـ
بوركتَ
بل تهمنا الندرة طبعاً ..
والقول بأن مجرد وجود الدلالتين كافي خطأ محض وفيه غفلة ظاهرة عن أثر تكثير مالم يكثره الشرع وتقليل بل تضييع ما أشاعه الشرع ومثل هذا معتبر شرعا
والفقيه لا يقول مجرد وجود الخطأ .. بل يقدر الأخطاء قدرها ويعلم ما كان ذريعة منها إلا تضييع لسان الشرع وما كان منها سهل ميسور يدرك من قريب ..
وتوسيع ما ضيقه الشرع بدعة ... في اللسان والهدي ...
وتضييق ما وسعه الشرع بدعة في اللسان والهدي ..
والسلف استعملوا اللفظة بإزاء الدلالة الثانية ... ولم يصطلحوا كما نسبت إليهم ..
وإنما من اصطلح فأحدث هم من بعدهم ..
ومعنى الاصطلاح: جعل دلالة واحدة هي تعريف أو مفهوم للفظ وهذا هو محل الإحداث الذي لم يقع فيه السلف ..
ولا يجوز للفقهاء أو غيرهم أن يصطلحوا على خلاف ما كان عليه أهل اللسان الأول في الألفاظ الشرعية كما أنه لا يجوز لهم ولا غيرهم أن يفعلوا مالم يكن عليه أهل الهدي الأول في الأفعال الشرعية ..
ولا أطمع في ظهور محل الجناية لكم يا شيخنا أو لعدد كثير من إخواننا .. فالإلف طبع والطريق طويل ...
ـ[ابن وهب]ــــــــ[13 - 01 - 09, 11:50 ص]ـ
بارك الله فيكم ونفع بكم
ولا يجوز للفقهاء أو غيرهم أن يصطلحوا على خلاف ما كان عليه أهل اللسان الأول في الألفاظ الشرعية
ما المقصود بكلمة (خلاف) - رعاكم الله -
نفع الله بكم
¥