وبعد هذا العرض يتبين أن الأحاديث التي استدل بها على أن الغسل ثبت مرفوعاً ضعيفة، ضعفا شديداً ولا يجبر بعضها بعضاً ولا تتقوى ببعضها لوجود كذاب في أحد الحديثين.
علماً بأن من الفقهاء الذين استحبوا الغسل للعيدين لم يعتمدوا بالدرجة الأساسية على ما اعتمد عليه ابن القيم أو الشيخ آل بسام – وهو الحديث المرفوع – بل على أثر ابن عمر الذي أشار إليه ابن القيم،وعلي بن أبي طالب.
قال النووي: أما الأحكام فقال الشافعي والأصحاب يستحب الغسل للعيدين وهذا لا خلاف فيه والمعتمد فيه أثر ابن عمر والقياس علي الجمعة ... المجموع (5/ 7)
قال ابن قدامة: يستحب أن يتطهر بالغسل للعيد وكان ابن عمر يغتسل يوم الفطر وروي ذلك عن علي رضي الله عنه ... المغني - (ج 2 / ص 228)
قال الألباني: (فائدة): (وأحسن ما يستدل به على استحباب الإغتسال للعيدين ما روى البيهقي من طريق الشافعي عن زاذان قال: سأل رجل عليا رضي الله عنه عن الغسل؟ قال: اغتسل كل يوم إن شئت فقال: لا الغسل الذي هو الغسل قال: يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم النحر. ويوم النحر. ويوم الفطر. وسنده صحيح). إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل (1/ 176 و 177)
التعليق العاشر:
تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ص 275
الحديث رقم 140 - حديث جُنْدَبٍ، قَالَ: صَلَّى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم، يَوْمَ النَّحْرِ ثُمَّ خَطَبَ ثُمَّ ذَبَحَ، فَقَالَ: مَنْ ذَبَحَ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ فَلْيَذْبَحْ أُخْرَى مَكَانَهَا، وَمَنْ لَمْ يَذْبَحْ فَلْيذْبَحْ بِاسْمِ اللهِ
قال الشيخ آل بسام: وهذا الحديث أظهر وأدل من الحديث الذي قبله باعتبار دخول وقت الذبح بانتهاء صلاة العيد، لا بوقت الصلاة كما هو مذهب الشافعي، ولا بنحر الإمام كما هو مذهب مالك، وإنما بانتهاء الصلاة كما هو مذهب الحنفية والحنابلة *. ص 275
قلت:
مذهب الحنفية في أول وقت الذبح: أَوَّلُ وَقْتِ الْأُضْحِيَّةِ عِنْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ الثَّانِي مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ إلَّا أَنَّ فِي حَقِّ أَهْلِ الْأَمْصَارِ يُشْتَرَطُ تَقْدِيمُ الصَّلَاةِ عَلَى الْأُضْحِيَّةِ.فَمَنْ ضَحَّى قَبْلَ الصَّلَاةِ فِي الْمِصْرِ لَا تُجْزِئُهُ لِعَدَمِ الشَّرْطِ لَا لِعَدَمِ الْوَقْتِ ... وَمَنْ يَذْبَحُ مِنْ أَهْلِ الْأَمْصَارِ أُضْحِيَّتَهُ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ الْإِمَامُ لَمْ تُجْزِهِ عِنْدَنَا. المبسوط (14/ 171 و172)،وفتح القدير (22/ 91)
ومذهب الحنابلة في أول وقت الذبح: أما أوله فظاهر كلام الخرقي أنه إذا مضى من نهار يوم العيد قدر تحل فيه الصلاة وقدر الصلاة والخطبتين تامتين في أخف ما يكون فقد حل وقت الذبح ولا تعتبر نفس الصلاة لا فرق في هذا بين أهل المصر وغيرهم وهذا مذهب الشافعي و ابن المنذر وظاهر كلام أحمد أن من شرط جواز التضحية في حق أهل المصر صلاة الإمام وخطبته وروي نحو هذا عن الحسن و الأوزاعي و مالك و أبي حنيفة و إسحاق ... المغني (11/ 113)
وقال في الإنصاف (6/ 458): قَوْلُهُ (وَوَقْتُ الذَّبْحِ: يَوْمَ الْعِيدِ، بَعْدَ الصَّلَاةِ أَوْ قَدْرِهَا) ظَاهِرُ هَذَا: أَنَّهُ إذَا دَخَلَ وَقْتُ صَلَاةِ الْعِيدِ، وَمَضَى قَدْرُ الصَّلَاةِ: فَقَدْ دَخَلَ وَقْتُ الذَّبْحِ وَلَا يُعْتَبَرُ فِعْلُ ذَلِكَ وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ أَهْلِ الْأَمْصَارِ وَالْقُرَى مِمَّنْ يُصَلِّي الْعِيدَ وَغَيْرِهِمْ ...
وعليه يتبين أن مذهب الحنفية يشترط انتهاء الإمام من الصلاة لدخول وقت الذبح، بينما لا يشترط ولا يعتبر ذلك مذهب الحنابلة، بل بمجرد مرور وقت قدر وقت أداء الصلاة يكفي لدخول وقت الذبح ... فكيف يقال: إنما بانتهاء الصلاة كما هو مذهب الحنفية والحنابلة!!!
تنبيه: ذكر ابن قدامة في المغني (11/ 113): وظاهر كلام أحمد أن من شرط جواز التضحية في حق أهل المصر صلاة الإمام وخطبته ..
وقال صاحب المبدع شرح المقنع (4/ 272): وظاهر كلام أحمد أن من كان في المصر لا يضحي حتى يصلي ..
قلت: وهذا مذهب الحنفية كما مر معنا قبل قليل.
التعليق الحادي عشر:
تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ص 280
¥