فما دام الحديث قال من صام رمضان ولم يقل من صام رمضان كاملا فهو شامل لمن صام أكثر الشهر ولم يفطر إلا لعذر وعنده نية للقضاء فيما بعد، والله أعلم.
ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[13 - 02 - 03, 05:13 ص]ـ
شيخنا السلمي وفقه الله ..
قوله صلى الله عليه وسلم (من صام .. ):
من للعموم .. كما هو معلوم ..
وصام: فعل .. والفعل كالمطلق، والمطلق ينصرف للكامل، كما قال
الأصوليون، والكامل هو صيام الشهر كله، لأن من صام أكثره لا يقال
عنه لا لغويا ولا عرفيا ولا أصوليا أنه صام رمضان، والتفصيل الأشمل
للأخوة، أن الفعل في اصطلاح الأصوليون من حيث دلالته على المعنى
كالمطلق ف الأسماء، والمطلق هو ما دل على الماهية بلا قيد، والماهية
المقصودة من المطلق لا بد أن تكون كاملة الأجزاء التي تفيد صلاحية
إطلاق الاسم على الماهية، مثل الكرسي، فلو نقص جزء من أجزائه
المهمة لم يصلح إطلاق لفظ الكرسي عليه إلا على سبيل التجوز ...
وعليه فقوله صلى الله عليه وسلم: صام، لا بد أن يصح إطلاق ماهية
صوم رمضان على فاعله إطلاقا لغويا أو عرفيا أو شرعيا، فأما
اللغوي فلا يصح حقيقة، ولا يلجأ للمجاز إلا مع وجود قرينة ولا قرينة،
وأما العرفي فالعامة لا تقول على من صام بعض الشهر أنه صامه كله،
وأما الشرعي فلا يصح قطعا .. فظهر أن المقصود بالصوم هنا الصوم
كاملا .. ويؤيد هذا ويرشح معناه أن الرسول صلى الله عليه وسلم علق
على صوم الست مع صيام رمضان جائزة عظيمة، ومثل هذه الجوائز
تحمل على الاجتهاد والمثابرة ولا تحمل على الترخيص والمساهلة،
وبهذا يترجح كل متأمل ظهور قول من قال بضرورة اكمال صوم الشهر،
ولكن المشكل إنما في حق الحيض، فكثير منهن تفوتهن الفضيلة لاضطراب
الحيض عندهن وعدم القدرة على التوفيق بين القضاء وصوم الست مع
عدم كفاية الأيام المتبقية من الطهر، فمثل هؤلاء المرجو في حقهن
أن يعطيهن الله تعالى الثواب كاملا إذا اجتهدن طاقتهن وإن الله
لا يضيع أجر من أحسن عملا.
نقدمه هذا بين يديكم من باب المذاكرة فأنتم أهل لأن نتلقى عنكم
لا أن نفيدكم .. وجزاكم الله عن المنتدى خير الجزاء ...
ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[13 - 02 - 03, 09:33 ص]ـ
شيخنا العزيز الشيخ رضا _ حفظه الله ورفع قدره _
وأنا بدوري أقدم هذه التساؤلات بين يديكم من باب المذاكرة، فأنت شيخنا ومفيدنا:
1) ذكرتم _ وفقكم الله _ أن (من) للعموم، وهذا لا إشكال فيه فيشمل الذكر والأنثى والحر والعبد، ولا خلاف بيننا في هذا
2) ذكرتم أن صام فعل والفعل كالمطلق، واستفضتم _ نفعنا الله بعلمكم _ استفاضة مفيدة في تعريف المطلق وبعض أحكامه، إلا أني أرى أن ما ذكرتموه من كمال أجزاء الماهية يتعلق بالفعل (صام) فيفيد اكتمال ماهية الصيام، ولكنه لا يتعلق بالمصوم وهو (رمضان) الذي هو محل الاختلاف بيننا.
3) تحريرا لمحل النزاع بيننا أقول إنه لفظ (رمضان) هل المراد كله؟ أو المراد أكثره أو بعضه؟ [مع مراعاة أن يكون الإفطار لعذر وأن يقضيه فيما بعد]
ولفظ رمضان ما دام غير مؤكد بكل أو جميع، يمكن أن يراد به أكثره، وذلك لوجود قرينة هنا وهي حديث عائشة رضي الله عنها أنها كانت لاتقضي ما عليها حتى يدركها رمضان التالي مع استبعاد تفريطها في صوم ست شوال.
وهذا الاستعمال سائغ لغة وشرعا، ومثاله هذه الأحاديث:
ما رأيت النبي يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان صحيح الشمائل المحمدية 255
كان يصوم شعبان كله حتى يصله برمضان حسن صحيح صحيح ابن ماجه 1337
فالشاهد أن (يصوم شعبان) هنا جاء بمعنى يصوم أكثره، لقرينة دلت على ذلك.
4) أشكل عليّ فهم وجه تفريقكم _ حفظكم الله _ بين الحائض التي قلتم فيها: (المرجو في حقهن أن يعطيهن الله تعالى الثواب كاملا إذا اجتهدن طاقتهن) وبين المريض والمسافر، فكلها أعذار شرعية تبيح الفطر وتستوجب القضاء؟
وأخيرا تقبلوا شكري الجزيل وثنائي الجميل على ما تفضلتم بإيضاحه.
ـ[أسد السنة]ــــــــ[13 - 02 - 03, 06:05 م]ـ
الحبيب رضا:
قولك " وعليه فقوله صلى الله عليه وسلم: صام، لا بد أن يصح إطلاق ماهية صوم رمضان على فاعله إطلاقا لغويا أو عرفيا أو شرعيا، فأما
اللغوي فلا يصح حقيقة، ولا يلجأ للمجاز إلا مع وجود قرينة ولا قرينة،
وأما العرفي فالعامة لا تقول على من صام بعض الشهر أنه صامه كله،
وأما الشرعي فلا يصح قطعا .. فظهر أن المقصود بالصوم هنا الصوم
كاملا "
فقولك العامة لا تقول ... غريب إلا أن تقصد العامة عندكم بتايلند!
ومع أنني لم أفهم بقية كلامك إلا أنني أقول لك على طريقة أهل الحديث:
ما رأيك فيمن قال " صام رمضان كله " وهو يقصد أكثره!
على قولك وقول أبي خالد أن هذا يعني الكمال على التمام.
فأقول لك كما قال الترمذي:
وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ الْمُبَارَكِ أَنَّهُ قَالَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَالَ هُوَ جَائِزٌ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ إِذَا صَامَ أَكْثَرَ الشَّهْرِ أَنْ يُقَالَ صَامَ الشَّهْرَ كُلَّهُ وَيُقَالُ قَام فُلَانٌ لَيْلَهُ أَجْمَعَ وَلَعَلَّهُ تَعَشَّى وَاشْتَغَلَ بِبَعْضِ أَمْرِهِ.
بالإضافة إلى ما ذكره الشيخ أبو خالد:
ولما قالت حفصة (كان صلى الله عليه وسلم لا يدع صيام تسع ذي الحجة)
قال الإمام أحمد (كان لا يدع الإكثار من الصيام فيهن)
فهذا أسلوب عربي فصيح إطلاق الكل وإرادة الأكثر أو حتى البعض
فأنا أوافق أبا خالد في قوله استحباب صوم الست من شوال ولو لم يكمل صوم رمضان.
وهذا هو الجواب عن الإشكال الذي أورده أخونا المنصور.
¥