قلت: هذه الفقرة تحتاج إلى شيء من التعديل والتغيير حتى تنضبط،إذ لا يصح أن يكون هناك إجماع مع وجود استثناء،علماً بأن الإجماع حكي في مشروعية الخروج للاستسقاء لا على استحباب الصلاة،مع تحقيقٍ لمذهب الإمام أبي حنيفة. وعليه أقول:
أجمع العلماء على أن الخروج إلى الاستسقاء، والبروز عن المصر، والدعاء إلى الله تعالى، والتضرع إليه في نزول المطر سنة سنها رسول الله (صلى الله عليه وسلم).
واختلفوا في الصلاة في الاستسقاء، فالجمهور على أن ذلك من سنة الخروج إلى الاستسقاء إلا أبا حنيفة، فإنه قال: ليس من سنة الصلاة.
راجع: بداية المجتهد (1/ 171)، والاستذكار (2/ 426)، وشرح النووي على مسلم (6/ 187)، وفتح الباري (2/ 492) وفيه قال الحافظ: لكن حكى القرطبي عن أبي حنيفة أيضا أنه لا يستحب الخروج وكأنه اشتبه عليه بقوله في الصلاة.
موقف الإمام أبو حنيفة من صلاة الاستسقاء:
قال الكاساني في بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع (3/ 119):
(فَصْلٌ: وَأَمَّا صَلَاةُ الِاسْتِسْقَاءِ).
فَظَاهِرُ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَالَ: " لَا صَلَاةَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ، وَإِنَّمَا فِيهِ الدُّعَاءُ " وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ لَا صَلَاةَ فِي الِاسْتِسْقَاءِ الصَّلَاةَ بِجَمَاعَةٍ أَيْ لَا صَلَاةَ فِيهِ بِجَمَاعَةٍ بِدَلِيلِ مَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ قَالَ: " سَأَلْت أَبَا حَنِيفَةَ عَنْ الِاسْتِسْقَاءِ هَلْ فِيهِ صَلَاةٌ أَوْ دُعَاءٌ مُوَقَّتٌ أَوْ خُطْبَةٌ؟ فَقَالَ: أَمَّا الصَّلَاةُ بِجَمَاعَةٍ فَلَا، وَلَكِنْ الدُّعَاءُ وَالِاسْتِغْفَارُ، وَإِنْ صَلَّوْا وُحْدَانًا فَلَا بَأْسَ بِهِ "، وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ.
راجع أيضاً تحفة الفقهاء (1/ 185)،و الجوهرة النيرة (1/ 382)
وقال ابن عابدين في حاشية رد المحتار (2/ 199): وقال في شرح المنية الكبير بعد سوقه الاحاديث والآثار: فالحاصل أن الاحاديث لما اختلفت في الصلاة بالجماعة وعدمها على وجه لا يصح به إثبات السنية لم يقل أبو حنيفة بسنيتها، ولا يلزم منها قوله بأنها بدعة كما نقله عنه بعض المتعصبين، بل هو قائل بالجواز اهـ.
التعليق الرابع عشر:
تيسير العلام شرح عمدة الأحكام ص 304
كِتاب الجَنَائز / بَابٌ في الصَّلاَة على الغائب وعلى القبر
الحديث الأول
عَنْ أبي هُريرة رَضِي الله عَنْهُ قال: نَعَىِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم النجَاشي في اليَوْم الذي مَاتَ فِيهِ وَخَرَجَ إِلى الْمُصَلَّى فصَفَّ بِهمْ وَكَبَّرَ أرْبَعَاً.
الحديث الثاني
عن جَابر رَضِي الله عَنْهُ أنَّ النَبي صلى الله عليه وسلم صَلَّى على النَّجَاشِيِّ، فَكُنْتُ في الصَّفِّ الثاني أو الثالِث.
قال الشيخ آل بسام:
5 - فضيلة كثرة المصلين وكونهم ثلاثة صفوف، لما روى أصحاب السنن أيضا " ما من مؤمن يموت فيصلى عليه أمة من المسلمين، يبلغون أن يكونوا ثلاثة صفوف، إلا غُفِرَ له ". ص 306
قلت:
الحديث أخرجه أبو داود (8/ 448 - رقم 3166 عون)، والترمذي (4/ 112 - 113 تحفة)، وابن ماجه (1/ 454)، والبخاري في ((التاريخ الكبير)) (4/ 1/ 303)، وأحمد (4/ 79 برقم 16770)، والحاكم (1/ 362 - 363)، والطبرانى (19/ 299، رقم 665) من طريق محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبي حبيب، عن مرثد بن عبد الله اليزني، عن مالك بن هبيرة، وكانت له صحبة، قال: كان إذا أتى بجنازة، فقال من تبعها، جزأهم ثلاثة صفوف ثم صلى عليها وقال ... فذكره. قال الترمذي: ((حديث حسن)). وقال الحاكم: ((صحيح على شرط مسلم)) ووافقه الذهبي.
قال الألباني في أحكام الجنائز (ص100): وقال الترمذي وتبعه النووي في " المجموع " (5/ 212): " حديث حسن " وأقره إلحافظ في " الفتح " (3/ 187)، وفيه عندهم جميعاً محمد بن اسحاق وهو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث ولكنه هنا قد عنعن. فلا أدري وجه تحسينهم للحديث فكيف التصحيح!؟
قال الشيخ عبد العزيز بن باز: لكن فى إسناده محمد بن إسحاق، و هو مدلس و قد رواه بالعنعنة و هى علة مؤثرة فى حق المدلس، و عليه لا تقوم بهذا الحديث حجة حتى يوجد ما يشهد له بالصحة و الله أعلم. التعليق على فتح الباري 3/ 187
¥