وهو قول الصنعاني في سبل السلام (3/ 123)، والشوكاني في نيل الأوطار (4/ 114)،و به أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء (8/ 429) الفتوى رقم (1705)
قلت: والصحيح أن حديث الباب لا يفيد غير ما ذهب إليه أصحاب القول الأول بالنص والظاهر، وهو قول الأكثر من أهل التحقيق والتدقيق في الفقه،وأما المبادرة بتجهيزها فذاك يؤخذ من أحاديث أخرى - وإلى هذا التفصيل ذهب إليه الشيخ العباد في شرحه لسنن أبي داود - قال الحافظ في فتح الباري (3/ 184):ويؤيده حديث بن عمر سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول إذا مات أحدكم فلا تحبسوه وأسرعوا به إلى قبره أخرجه الطبراني بإسناد حسن ولأبي داود من حديث حصين بن وحوح مرفوعا لا ينبغي لجيفة مسلم أن تبقى بين ظهراني أهله الحديث ...
قال الألباني في أحكام الجنائز (ص 13و 14):وفي الباب حديثان آخران أصرح من هذا، ولكنهما ضعيفان ولذلك أعرضنا عنهما.
أما الحديث الاول فهو عن ابن عمر مرفوعا ولفظه: " إذا مات أحدكم فلا تحبسوه، وأسرعوا به إلى قبره، وليقرأ رأسه بفاتحة البقرة، رجليه بخاتمتها ".
أخرجه الطبراني " المعجم الكبيز " (3/ 208 / 2) والخلال في " القراءة عند القبود، " (ق 25/ 2) من طريق يحي بن عبد الله بن الضحاك البابلي ثنا أيوب بن نهيك الحلبي الزهري - مولى آل سعد بن أبي وقاص - قال: سمعت عطاء بن أبي رباح المكي قال: سمعت ابن عمر قال: فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف وله علتان: الاول: البابلتي - ضعيف كما قال الحافظ في " التقريب ".
الثانية: شيخه أيوب بن نهيك، فانه أشد ضعفا منه، ضعفه أبو حاتم وغيره، وقال الازدي: متروك.
وقال أبو زرعة: منكر الحديث. وساق له الحافظ في " اللسان " حديثا آخر ظاهر النكاره من طريق يحيى بن عبد الله ثنا أيوب عن مجاهد عن ابن عمر مرفوعا. ثم قال: " ويحي ضعيف، لكنه لا يحتمل هذا " ثم قال:! فإذا عرفت هذا فالعجب من الحافظ حيث قال في " الفتح " (3/ 143) في حديث الطبراني هذا: " إسناده حسن "! ونقله عنه الشوكاني في " نيل الاوطار " (3/ 309) وقره! وأما الهيثمي فقال " المجمع " (3/ 44).
" رواه الطبراني في الكبير، وفيه يحيى بن عبد الله البابلتي وهو ضعيف ".وفاته أن فيه أيوب بن نهيك وهو شرمنه كما سبق.
وأما الحديث الثاني فهو عن حصين بن وحوح: " أن طلحة بن البراء مرض، فأتاه النبي صلى الله وسلم يعوده، فقال: إني لا أرى طلحة إلا قد حدث به الموت، فآذنوني به حتى أشهده فأصلي عليه، وعجلوه، فانه لا ينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله ".
أخرجه أبو داود والبيهقي (3/ 386 - 387)، وفيه عروة - ويقال عزرة - ابن سعيد الانصاري عن أبيه، وكلاهما مجهول كما قال الحافظ في " التقريب ".
ثم إن الاستدلال بحديث أبي هريرة على ما ذكرنا إنما هو بناء على أن المراد ب (أسرعوا) الاسراع بتجهيزها، وأما على القول بأن المراد الاسراع بحملها إلى قبرها، فلا يتم الاستلال به. وهذا القول هو الذي استظهره القرطبي ثم النووي، وقوى الحافظ القول الاول بالحديثين الذين تكلمنا عنهما آنفا، ولا يخفى ما فيه.
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
فإن كان صواباً فمن الله، وإن كان غير ذلك فمني ومن الشيطان
فاللهم اغفر وارحم، واجعله لوجهك خالصاً ليس فيه لأحد حظ ولا نصيب
رأفت الحامد بن عبد الخالق
3 شعبان 1429هـ
ـ[عبدالملك السبيعي]ــــــــ[09 - 08 - 08, 11:06 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
لو كنتَ تابعت في نفس الموضوع لكان أولى أخي الفاضل منعا للتشتيت
وجزيت خيرا ووفقت.