تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

صيام ست من شوال مندوب إليه خلافاً للمالكية الذين يشددون في صيام ست من شوال وأُثر عن الإمام مالك أنه كره صيام الست من شوال، وللعلماء خلاف في سبب كراهية هذا الإمام لصيام الست فقيل إن الناس كانوا بمجرد فطرهم بعد يوم العيد يبتدئون صيام الست كما يفعله البعض الآن فأصبح الناس في أيام العيد يضيقون على أنفسهم مع أنها أيام عيد، ولذلك كره هذه المبادرة والمعاجلة بصيام الست بمجرد انتهاء يوم العيد.

وقال بعضهم: إنما كره متابعتها بعد العيد حتى لا يُظن أنها من رمضان فيأتي زمان يعتقد الناس أنها كالفرض والواجب فكان من باب سد الذرائع ومن أصول مالك-رحمة الله عليه- التي بنى عليه مذهبه القول بسد الذرائع، فكان يقول بالمنع من الصيام على هذا الوجه سداً للذريعة، وقيل إنه كان يكره تتابعها، وهي أن يصومها ستاً سرداً وراء بعضها حتى لا يعتقد أن ذلك فرض، والصحيح أنه يُشرع أن يصوم ستاً من شوال سواء أوقعها متتابعة أو أوقعها بعد يوم العيد، أو فرقها لأن السنة أطلقت، لكن الأفضل الذي تطمئن إليه النفس أن الإنسان يترك أيام العيد للفرح والسرور، ولذلك ثبت في الحديث الصحيح عن النبي- r- أنه نهى عن صيام منى نهى عن صومها للحجاج وقال: ((إنها أيام أكل وشرب)) كما جاء في حديث عبدالله بن حذافة ((فلا تصوموها)) فإذا كانت أيام منى الثلاثة لقربها من يوم العيد أخذت هذا الحكم فإن أيام الفطر لا تبعد إذا كانت قريبة، ولذلك تجد الناس يتضايقون إذا زارهم الإنسان في أيام العيد فعرضوا عليه ضيافتهم وأحبوا أن يصيب من طعامهم وضيافتهم فقال: إني صائم، وقد جاء عنه-عليه الصلاة والسلام- أنه لما دعاه الأنصاري لإصابة طعامه ومعه بعض أصحابه فقال: فتنحى عن القوم وقال إني صائم - أي نافلة - فقال له النبي- r- : (( إن أخاك قد تكلّف لك فأفطر وصم غيره)) فالخواطر تنكسر فحينما يدخل الضيف في أيام العيد خاصة في اليوم الثاني والثالث الأيام القريبة من العيد فإن الإنسان يأنس ويرتاح إذا رأى ضيفه يصيب من ضيافته، فهذا في النفس منه شيء كونه يبادر مباشرة في اليوم الثاني والثالث بالصيام فهذا لا يخلو من نظر، لكن الأفضل والأكمل أن الإنسان يطيّب خواطر الناس وقد تقع في هذا اليوم الثاني والثالث بعض الولائم للقرابة وقد يكون قريباً له حق على الإنسان كأعمامه وأخواله وقد يكون هناك ضيف عليهم فيحبون أن يكون الإنسان موجوداً يشاركهم في ضيافتهم، فمثل هذه الأمور من مراعاة صلة الرحم وإدخال السرور على القرابة لا شك أن فيها فضيلة أفضل من النافلة والقاعدة: " أنه إذا تعارضت الفضيلتان المتساويتان - فضلاً عن أن صلة الرحم لاشك أنها من أفضل القربات وأجلها وأحبها إلى الله- U- وكانت إحداهما يمكن تداركها في وقت غير الوقت الذي تزاحم فيه الأخرى أُخرت التي يمكن تداركها "، فصيام ست من شوال وسّع الشرع فيه على العباد وجعله مطلقاً من شوال كله، فأي شوال يجزئ ما عدا يوم العيد، وبناءً على ذلك لا وجه أن الإنسان يضيق على نفسه في صلة رحمه وإدخال السرور على قرابته ومن يزورهم في يوم العيد فيؤخر هذه الست إلى ما بعد اليوم الثالث أو الأيام القريبة من العيد لأن الناس تحتاجها لإدخال السرور وإكرام الضيف، ولا شك أن مراعاة ذلك لا يخلو الإنسان فيه من حصول الأجر الذي قد يفوق بعض الطاعات كما لا يخفى.

قوله [وشهر المحرم]: لأن النبي- r- ندب إلى صيام شهر الله المحرم وهو أول الشهور من السنة القمرية وهو شهر الله المحرم، لأن النبي- r- بين أن أفضل الصوم بعد شهر رمضان صوم شهر الله المحرم، والأفضل أن يستكثر من الصيام من شهر محرم وأفضله يوم عاشوراء كما سينبه عليه المصنف-رحمة الله عليه-.

قال العلماء: إن هذا الشهر اختص بفضيلة، ولذلك يحرص الإنسان على صيامه وهو من الأشهر الحرم، والأشهر الحرم ثلاث منها سرد وهي ذو القعدة وذو الحجة وشهر الله المحرم، وواحد فرد وهو رجب كما ثبت ذلك عن النبي- r- في خطبته يوم حجة الوداع.

)

ـ[المنصور]ــــــــ[04 - 12 - 04, 08:03 ص]ـ

جزاكم الله تعالى خيراً

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير