تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[محمد الأمين]ــــــــ[05 - 09 - 04, 09:32 ص]ـ

قال أحد الإخوة

=============

ومن الكُتّاب من يَصِم النساء – إما نتيجة جهل أو تجاهل – بأنهن ناقصات عقل ودين على سبيل الإزراء والاحتقار، وسمعت أحدهم يقول ذلك في مجمع فيه رجال ونساء ثم وصف النساء بضعف العقل، وزاد الأمر سوءاً أن اعتذر عن قوله بأن هذا هو قول الرسول صلى الله عليه وسلم! ثم أورد الحديث: ما رأيت من ناقصات عقل ودين أذهب للبّ الرجل الحازم من إحداكن. رواه البخاري ومسلم.

وقد بوّب عليه الإمام النووي: باب نقصان الإيمان بنقص الطاعات.

وهذا القول له جوابان أجاب بهما من لا ينطق عن الهوى صلى الله عليه وسلم:

أما الأول:

فهو إجابته صلى الله عليه وسلم على سؤال النساء حين سألنه: وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟

فقال: أليس شهادة المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟

قلن: بلى، قال: فذلك نقصان مِنْ عقلها.

أليس إذا حاضت لم تُصل ولم تَصُم؟

قلن: بلى.

قال: فذلك من نقصان دينها.

والحديث في الصحيحين.

فهذه العلّة التي عللّ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم نقصان الدين والعقل، فلا يجوز العُدول عنها إلى غيرها، كما لا يجوز تحميل كلامه صلى الله عليه وسلم ما لا يحتمل أو تقويله ما لم يَقُل.

قال ابن أبي العز في شرح الطحاوية:

فيجب أن يفهم عن الرسول مراده من غير غلو ولا تقصير فلا يحمّل كلامه ما لا يحتمله، ولا يُقصر به عن مراده وما قصده من الهدى والبيان، فكم حصل بإهمال ذلك والعدول عنه من الضلال والعدول عن الصواب ما لا يعلمه إلا الله، بل سوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة نشأت في الإسلام، وهو أصل كل خطأ في الفروع والأصول، ولا سيما إن أضيف إليه سوء القصد، والله المستعان.

[وأصل الكلام لابن القيم في كتاب الروح]

أما نقصان الدِّين؛ فلأنها تمكث أياماً لا تصوم فيها ولا تصلّي، وهذا بالنسبة للمرأة يُعدّ كمالاً!

كيف ذلك؟

من المعلوم أن التي لا تحيض تكون – غالباً – عقيماً لا تحمل ولا تلد؛ وقد جعل الله الدم غذاءً للجنين.

قال ابن القيم: خروج دم الحيض من المرأة هو عين مصلحتها وكمالها، ولهذا يكون احتباسه لفساد في الطبيعة ونقص فيها. اهـ.

ثم إن نقص الدين ليس مختصا بالمرأة وحدها.

فالإيمان ينقص بالمعصية وبترك الطاعة – كما بوّب عليه الإمام النووي في ترجمة هذا الحديث –

ثم إننا لا نرى الناس يعيبون أصحاب المعاصي الذين يَعملون على إنقاص إيمانهم – بِطَوْعِهم وإرادتهم – عن طريق زيادة معاصيهم وعن طريق التفريط في الطاعات، ولسنا نراهم يعيبون من تعمّد إذهاب عقله بما يُخامره من خمرةٍ وعشق ونحو ذلك فشارب الخمر – مثلا – إيمانه ناقص، والمُسبل إزاره في إيمانه نقص، وكذا المُدخّن، وغيرهم من أصحاب المعاصي؛ ومع ذلك لم نسمعهم يوماً من الأيام يقولون عن شارب الخمر: إنه ناقص دين!

بل ربما وُصِف الزاني – الذي يُسافر إلى دول الكفر والعهر لأجل الزنا – بأنه بطل صاحب مغامرات ومقامرات!!

وهذا شيءٌ يُلامون عليه، بينما لا تُلام المرأة على شيءٍ كَتَبَهُ الله عليها، ولا يَدَ لها فيه.

قال الإمام الذهبي في سير أعلام النبلاء:

فتأمل هذه الكلمة الجامعة وهي قوله صلى الله عليه وسلم: " الدين النصيحة " فمن لم ينصح لله وللأئمة وللعامّة كان ناقص الدين، وأنت لو دُعِيْتَ: يا ناقص الدين؛ لَغَضِبْتَ. اهـ.

وأما نقصان عقل المرأة؛ فلأن المرأة تغلب عليها العاطفة ورقّة الطبع - الذي هو زينة لها - فشهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل، وذلك حُكم الله وعذرٌ لها.

ثم إن في هذا الحديث بيان أن المرأة ربما سَبَتْ وسَلَبَتْ عقل الرجل، وليس أي رجل، بل الرجل الحازم الذي يستشيره قومه في الملمات، ويستأنسون برأيه إذا ادلهمّت الخطوب.

وكما قيل:

يَصْرَعْنَ ذا اللبّ حتى لا حراك به ... وهنّ أضعف خلق الله إنسانا

وكما أن شهادة المرأة على النصف من شهادة الرجل

فإن الرجل أحياناً يكون على أقل من النصف من شهادة

المرأة، فقد تُردّ شهادته إذا كان فاسقاً أو كان مُتّهماً في دينه.

وأما الثاني

من أجوبته عليه الصلاة والسلام

فهو قوله لعائشة - لما حاضت في طريقها للحجّ فعزّاها قائلاً -: هذا شيء كَتَبَه الله على بنات آدم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير