أن الأصل بقاء الشيء على ما كان حتى يتبين التغير.
(أمثلة على أن اليقين في الماء أنه طهور):
(ص48) لو كان عندك ماء لا تعلم نجاسته، ثم وجدت فيه روثة لا تدري أروثة بعير أو روثة حمار، والماء متغير من هذه الروثة، فحصل شك هل هو نجس أم لا؟ فيقال: ابنِ على اليقين، واليقين أنه طهور.
(ص49) وإذا مر شخص تحت ميزاب وأصابه منه ماء فقال: لا أدري هل هذا من المراحيض أو من غسيل الثياب، وهل هو من غسيل ثياب نجسة أو غسيل ثياب طاهرة، فنقول: الأصل الطهارة حتى ولو كان لون الماء متغيراً.
(وأمثلة على أن اليقين في غير الماء أنه طاهر):
(ص48) شخص عنده ثوب فشك في نجاسته، فالأصل الطهارة حتى يعلم النجاسة.
وشخص شك في الأرض عند إرادة الصلاة هل هي نجسة أو طاهرة، فالأصل الطهارة.
وشخص عنده جلد شاة، وشك هل هو جلد مذكاة أو جلد ميتة، فالغالب أنه جلد مذكاة فيكون طاهراً.
(( مسألة))
( ص50) إذا تعذر اليقين رجع إلى غلبة الظن وهو التحري، وهذا قول الشافعي رحمه الله وهو الصواب، والأدلة على ذلك:-
(من الأثر):
قال صلى الله عليه وسلم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه في مسألة الشك في الصلاة: (فليتحر الصواب ثم ليبن عليه) فهذا دليل أثري في ثبوت التحري في المشتبهات.
(ومن النظر):
أن من القواعد المقررة عند أهل العلم أنه إذا تعذر اليقين رجع إلى غلبة الظن، وهنا تعذر اليقين فنرجع إلى غلبة الظن وهو التحري.
(ص50) وأما المشهور عند الحنابلة من المذهب هو (ص49) أنه إذا اشتبه ماء طاهر بماء نجس حرم استعمالهما، وأدلتهم على ذلك:-
(من الأثر):
أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يرمي صيداً فيقع في الماء: (إن وجدته غريقاً في الماء فلا تأكل، فإنك لا تدري الماء قتله أم سهمك؟).
وقال صلى الله عليه وسلم: (إذا وجدت مع كلبك كلباً غيره فلا تأكل، فإنك لا تدري أيهما قتله؟).
فأمر باجتنابه، لأننا لا ندري هل هو من الحلال أم الحرام؟
(ومن النظر):
(ص49) أن اجتناب النجس واجب، ولا يتم إلا باجتنابهما، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
(ص53) ولكن الصحيح: أنه يتحرى.
فإن اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة يتحرى، فإن غلب على ظنه أحد الثياب صلى فيه (ص54) ولا يعيد، والله لا يكلف نفساً إلا وسعها، ولم يوجب الله على الإنسان أن يصلي الصلاة مرتين، فهذه قدرته، ثم أن الصلاة بالثوب النجس عند الضرورة الصواب أنها تجوز.
وإن اشتبهت ثياب محرمة بمباحة (ص55) يتحرى، ويصلي بما يغلب على ظنه أنه الثوب المباح ولا حرج عليه، لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها.
ـ[ابن الريان]ــــــــ[28 - 02 - 03, 12:19 م]ـ
< CENTER>
(( مسألة))
( ص33) حديث القلتين اختلف العلماء في تصحيحه وتضعيفه:
فعلى القول بأنه ضعيف، لا معارضة بينه وبين حديث (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) لأن الضعيف لا تقوم به حجة.
وعلى القول بأنه صحيح، يقال: إن له منطوقاً ومفهوماً:
فمنطوقه:
إذا بلغ الماء قلتين لم ينجس، وليس هذا على عمومه، لأنه يستثنى منه إذا تغير بالنجاسة فإنه يكون نجساً بالإجماع.
ومفهومه:
أن مادون القلتين ينجس، فيقال: ينجس إذا تغير بالنجاسة، لأن منطوق حديث (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) مقدم على هذا المفهوم، إذ أن المفهوم يصدق بصورة واحدة وهي هنا صادقة فيما إذا تغير.
(ص32) وهذا هو الصحيح للأثر والنظر:
فالأثر:
قوله صلى الله عليه وسلم: (إن الماء طهور لا ينجسه شيء) .. ولكن يستثنى من ذلك ما تغير بالنجاسة فإنه نجس بالإجماع.
وهناك إشارة من القرآن تدل على ذلك وهو قوله تعالى: {حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به} وقوله تعالى: {قل لا أجد فيما أوحي إلي محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس}.
(ص33) فقوله {فإنه رجس} معللاً للحكم دليل على أنه متى وجدت الرجسية ثبت الحكم، ومتى انتفت انتفى الحكم.
فإذا كان هذا في المأكول فكذلك في الماء.
ومن حيث النظر:
فإن الشرع الحكيم يعلل الأحكام بعلل منها ماهو معلوم لنا ومنها ما هو مجهول، وعلة النجاسة الخبث فمتى وجد الخبث في شيء فهو نجس ومتى لم يوجد فهو ليس بنجس، فالحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً.
(ص32) فالماء لا ينجس إلا بالتغير مطلقاً سواء بلغ القلتين أم لم يبلغ، لكن ما دون القلتين يجب على الإنسان أن يتحرز إذا وقعت فيه النجاسة لأن الغالب أن ما دونهما يتغير (وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وجماعة من أهل العلم).
(ص33) أما قول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يغتسل فيه) كدليل للتفريق بين بول الآدمي وعذرته وغيرهما من النجاسات (ص34) فيقال: النبي صلى الله عليه وسلم لم يقل أنه ينجس، بل نهى أن يبول ثم يغتسل، لا لأنه نجس ولكن لأنه ليس من المعقول أن يجعل هذا مَبَالاً ثم يرجع ويغتسل فيه، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ثم يضاجعها) فإنه ليس نهياً عن مضاجعتها، بل عن الجمع بينهما فإنه تناقض.
¥