تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو خالد السلمي]ــــــــ[20 - 02 - 03, 05:49 م]ـ

قال رحمه الله:

وللشافعي في كتابه القديم العراقي فيما إذا تزوجها تزويجا مطلقا لم يشترط ولا اشترط عليه التحليل إلا أنه نواه وقصده، قولان: أحدهما: مثل قول مالك. والقول الثاني: إن النكاح صحيح وهو الذي ذكره في الكتاب الجديد المصري. وروي ذلك عن القاسم، وسالم ويحيى بن سعيد وربيعة، وأبي الزناد حكاه ابن عبد البر عنهم، وفي القلب من حكايته هذا عن هؤلاء حزازة، فإن مالكا أعلم الناس بمذاهب المدنيين، وأتبعهم لها، ومذهبه في ذلك شدة المنع من ذلك، ثم هؤلاء من أعيان المدنيين، والمعروف عن المدنيين التغليظ في التحليل، قالوا: هو عملهم وعليه اجتماع ملئهم. وهذا القول الثاني: هو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، وداود بن علي الأصبهاني، وقد خرج ذلك طائفة من أصحابنا منهم: القاضي في المجرد، وابن عقيل في الفصول وغيرهما، على وجهين: أحدهما: العقد صحيح، كقول هؤلاء مع أنه مكروه، قالوا: لأن أحمد قال: أكرهه، والكراهة المطلقة منه هل تحمل على التحريم، أو التنزيه، على وجهين، وجعل الشريف أبو جعفر، وأبو الخطابي، وطائفة معهما المسألة على روايتين: إحداهما: البطلان كما نقله حنبل، وغيره. والثانية: الصحة، لأن حربا نقل عنه أنه كرهه، فظاهره الصحة مع الكراهة، ولم يذكر أبو علي بن البناء إلا هذه الرواية، وقطع عن أحمد بالكراهة مع الصحة. وهذا التخريج ضعيف على المذهب في وجهين: أحدهما: أن الكراهة التي نقلها حرب أنه قال: سئل أحمد عن الرجل يتزوج المرأة، وفي نفسه طلاقها فكرهه، وهذا ليس في نية التحليل، وإنما هو في نية الاستمتاع وبينهما فرق بين فإن المحلل لا رغبة له في النكاح أصلا، وإنما غرضه إعادتها إلى المطلق، والمستمتع له رغبة في النكاح إلى مدة، ولهذا أبيح نكاح المتعة في بعض الأوقات، ثم حرم ولم يبح التحليل قط. ولهذا قال الشيخ أبو محمد المقدسي: أما إذا نوى أن يطلقها في وقت بعينه، كالرجل يقدم البلدة فيتزوج المرأة ومن نيته أن يطلقها بعد السفر، فإن هذا جائز، واتبع ما ذكره ابن عبد البر أن هذا قول الجمهور مع قول هؤلاء بأن نية التحليل تبطل النكاح، لكن المنصوص عن الإمام أحمد كراهة هذا النكاح، وقال: هو متعة، فعلم أنها كراهة تحريم، وهذا الذي عليه. عامة أصحابه. وقال في موضع آخر: يشبه المتعة. فعلى هذا يجوز أن يريد به التنزيه دون التحريم، وممن حرمه الأوزاعي. واختلفت فيه المالكية، والذي ذكره بعضهم أنه إذا تزوج المسافر امرأة ليستمتع بها ويفارقها إذا سافر، فهو على ثلاثة أوجه. فإن شرطا ذلك كان فاسدا وهو نكاح متعة، واختلف إذا فهمت ذلك. أو لم يشترط، فقال محمد بن عبد الحكم: النكاح باطل، وروى ابن وهب عن مالك جوازه، فقال: إنما يكره التي ينكحها على أن لا يقيم وعلى ذلك يأتي، وروى عنه أشهب أنه قال: إذا أخبرها قبل أن ينكح، ثم أراد إمساكها فلا يقيم عليها ولا يمسكها وليفارقها، قال مالك: إن تزوج لعزبة، أو هوى لقضاء أربه ويفارق فلا بأس، ولا أحسب إلا أن من النساء من لو علمت ذلك لما رضيت. الثاني: أن أحمد قال في رواية عبد الله: إذا تزوجها ومن نيته أن يطلقها أكرهه هذه متعة، ونقل عنه أبو داود: إذا تزوجها على أن يحملها إلى خراسان ومن رأيه إذا حملها أن يخلي سبيلها، فقال: لا، هذا يشبه المتعة حتى يتزوجها على أنها امرأته ما حييت، وهذا يبين أن هذه كراهة تحريم، لأنه جعل هذا متعة، والمتعة حرام عنده، وكذلك قال القاضي، في خلافه: ظاهر هذا إبطال العقد، وكذلك استدرك بعض أصحابنا على أبي الخطاب يقول أحمد هذه متعة. قال: فهذا يدل على أنها كراهة تحريم، لكن قول أبي الخطاب يقوى في رواية أبي داود، فإنه قال: يشبه المتعة، والمشبه بالشيء قد ينقص عنه، لأن ظاهر الرواية المنع، لأنه قال: حتى يتزوجها على أنها امرأته ما حييت في الجملة، أما إذا نوى أن يتزوجها ليحلها، فلم يذكر عن أحمد فيه لفظ محتمل لعدم التحريم، وأما إذا نوى أن يطلقها في وقت فقد نص على التحريم في رواية، والرواية الأخرى من أصحابنا من جعلها مثل تلك الرواية، ومنهم من قال تقتضي الكراهة دون التحريم، وعلى قول الشيخ أبي محمد: لا بأس به. هذا الذي ذكرناه من اختلاف العلماء وما ذكر من الخلاف في المذهب فيما إذا قصد التحليل، ولم يشترط عليه قبل العقد ولا معه، فأما إذا تواطآ على التحليل قبل العقد وعقدا على ذلك القصد فهو كالمشروط في العقد عند كثير من هؤلاء، وهو أشبه بأصلنا إذا قلنا: إن النية المجردة لا تؤثر فإن الغالب على المذهب أن الشروط المتقدمة على العقد إذا لم تفسخ إلى حين العقد، فإنها بمنزلة المقارنة، وهو مفهوم ما خرجه أبو الخطاب وغيره، فإنه خص الخلاف إذا نوى التحليل ولم يشترطه وهو أحد الوجهين لأصحاب الشافعي، وهو قول هؤلاء التابعين الذين نقل عنهم الرخصة في مجرد نية التحليل، واشترطوا مع ذلك أن لا يعلم الزوج المطلق، فروى عن القاسم وسالم: لا بأس أن يتزوجها ليحلها إذا لم يعلم الزوجان وهو مأجور بذلك "، حكاه عنهما الطحاوي، وكذلك قال ربيعة، ويحيى بن سعيد: " هو مأجور " وقال أبو الزناد: " وإن لم يعلم أحد منهما فلا بأس بالنكاح وترجع إلى زوجها الأول " حكاهن ابن عبد البر. وعلى هذا فليس عن أحد من التابعين رخصة في نكاح المحلل إذا علمت به المرأة والزوج المطلق فضلا عن اشتراطه، والمشهور من مذهب الشافعي أن هذا الشرط المتقدم غير مؤثر، وكذلك ذكره القاضي في المجرد أن ذلك عندنا كنية التحليل من غير شرط وخرج فيهما وجهين. وأما إذا شرط التحليل في العقد فهو باطل، سواء قال: زوجتك إلى أن تحلها، أو: إلى أن تطأها، ونحو ذلك من ألفاظ التأجيل، أو قال: بشرط أنك إذا وطئتها، أو إذا أحللتها بانت، أو فلا نكاح بينكما، أو على أن لا نكاح بينكما إذا حللتها، ونحو ذلك من الألفاظ التي توجب ارتفاع النكاح إذا تحللت ...

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير