تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[عامر بن بهجت]ــــــــ[22 - 06 - 09, 01:31 م]ـ

كشف الضبابة في مسألة الاستنابة

للسيوطي

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، وقع السؤال كثيراً عن الاستنابة في الوظائف فقد عمت البلوى بها وتمسك كثير من النظار في عدم جوازها بما نقل عن النووي، وابن عبد السلام أنهما أفتيا بعدم جوازها، وتمسك طائفة منهم في جوازها بما نقله الدميري في شرح المنهاج عن السبكي وغيره أنهم أفتوا بجوازها، وقد أفتيت بذلك غير مرة، وسئلت الآن عن تحرير القول في ذلك من جهة النظر والدليل فوضعت له هذه الكراسة.

ونبدأ بنقل كلام السبكي وغيره في ذلك، قال السبكي في شرح المنهاج في باب الجعالة ما نصه: فرع يقع كثيراً في هذا الزمان إمام مسجد يستنيب فيه أفتى ابن عبد السلام، والمصنف بأنه لا يستحق معلوم الإمامة لا المستنيب لعدم مباشرته ولا النائب لعدم ولايته، قال: واستنبطت أنا من قول الأصحاب أن المجعول إذا استعان بغيره وحصل من غيره العمل على قصد الإعانة منفرداً أو مشاركاً إذا المجعول له يستحق كمال الجعل أن ذلك جائز، وأن المستنيب يستحق جميع المعلوم لأن النائب معين له لكني أشترط في ذلك أن يكون النائب مثل المستنيب أو خيراً منه لأن المقصود في الجعالة رد العبد مثلاً ولا يختلف باختلاف الأشخاص، والمقصود في الإمامة العلم والدين وصفات أخر، فإذا كان المتولي.

بصفة ونائبه مثله فقد حصل الغرض الذي قصده من ولاه فكان كالصورة المفروضة في الجعالة، وإذا لم يكن بصفته لم يحصل الغرض، فلا يستحق واحد منهما إن كانت التولية شرطاً، وإن لم تكن شرطاً استحق المباشر لاتصافه بالإمامة المقتضية للاستحقاق، والاستنابة في الإمامة تشبه التوكيل في المباحات؛ وفي معنى الإمامة كل وظيفة تقبل الاستنابة كالتدريس ونحوه وهذا في القدر الذي لا يعجز عن مباشرته بنفسه، أما في ما يعجز عنه فلا إشكال في الاستنابة هذا كله كلام السبكي، ونقله الشيخ كمال الدين الدميري في شرح المنهاح وأقره، ثم قال: كان الشيخ فخر الدين بن عساكر مدرساً بالعذراوية، والتقوية، والجاروخية وهذه الثلاثة بدمشق والمدرسة الصلاحية بالقدس يقيم بهذه أشهراً وبهذه أشهراً في السنة هذا مع علمه وورعه قال: وقد سئل في هذا الزمان عن رجل ولي تدريس مدرستين في بلدتين متباعدتين كحلب، ودمشق فأفتى جماعة بجواز ذلك، واستنيب منهم قاضي القضاة بهاء الدين أبو البقاء السبكي، والشيخ شهاب الدين أحمد بن عبد الله البعلبكي، وشمس الدين الغزي، والشيخ عماد الدين الحسباني كلهم من الشافعية، ومن الحنفية، والمالكية، والحنابلة آخرون انتهى.

وأقول: قد أباح الله ورسوله وحملة الشرع من جميع المذاهب الاستنابة في عدة مواضع كل واحد منها يصلح على انفراده دليلاً مستقلاً لجواز الاستنابة في الوظائف وهي قسمان: قسم تجوز الاستنابة فيه وأن لم يكن عذر، وقسم لا يجوز إلا مع العذر. فأما القسم الأول ففيه فروع: الأول تجوز الاستنابة في غسل أعضاء الوضوء وإن لم يكن له عذر، قال النووي: ولا نعلم في ذلك خلافاً بين المسلمين إلا ما حكاه صاحب الشامل عن داود الظاهري أنه قال: لا يصح وضوؤه إذا وضأه غيره، ورد عليه بأن الإجماع منعقد على خلاف ما قاله، وكذا تجوز الاستنابة في صب الماء على الأعضاء وفي إحضاره للطهارة من غير كراهة فيهما سواء كان له عذر أم لم يكن، فهذه ثلاثة فروع. الفرع الرابع: يجوز لمن أراد التيمم أن يستنيب رجلاً يطلب عنه الماء سواء كان له عذر أم لا، قال النووي: هذا هو المذهب الصحيح المشهور، وحكى الخراسانيون وجهاً أنه لا تجوز الاستنابة إلا لمعذور قال: وهذا الوجه شاذ ضعيف. الخامس: يجوز أن يستنيب من ييممه ويمسح أعضاءه بالتراب وإن لم يكن له عذر على الصحيح وفيه الوجه المذكور أنه لا يجوز بلا عذر قال النووي: وهو شاذ ضعيف. السادس: كان الأصل في الأذان أن يكون من وظائف الإمام الأعظم لأنه من شعائر الإسلام كالإمامة والحكم بين الناس ولهذا قال عمر رضي الله عنه: لو أطيق الأذان مع الخليفى لأذنت فتفويضه إلى غيره استنابة. السابع: الإمامة في الصلاة أيضاً من وظائف الإمام الأعظم ولهذا استمر الخلفاء دهراً هم الذين يقيمون الجماعة فتفويض ذلك إلى غيره استنابة، ومما يدل على

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير