تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا قطع الأمير أو الجندي أرضا خراجية أو غير خراجية فآجرها ثم مات في أثناء العقد قبل انقضاء مدة الإجارة فللإمام أن يقر ورثته على تلك الأجرة ويمضي لهم تلك الإجارة إلى حل أجلها وله دفع جميع تلك الأجرة للمقطع الثاني إذا كانت المصلحة للمسلمين في ذلك ولا تستقر الأجرة الأولى للأول إلا بمضي العقد وانقضاء أجل الإجارة وهو باق على ذلك الإقطاع ولو كانت إجارة من الإمام له بذلك الإقطاع لاستحقها ورثته ولتعذر على الإمام انتزاعها منهم في مدة عقد الإجارة ويمكن تخريج هذه الإجارة من المقطع على قاعدة الوقف إذا آجر البطن الأول زمان استحقاقه وغير زمان استحقاقه فإنه هل يبطل في غير زمان استحقاقه أم لا خلاف بين العلماء وهذا المقطع إنما يستحق الزمان الذي هو فيه مقطع لتلك الأرض فإذا مات أو حول عنها لغيرها فقد آل الاستحقاق لغيره كالبطن الثاني إذا طرأ بعد الأول وهذا أيضا يوضح لك الفرق بين الإجارة والوقف والأرزاق والإقطاع ومما يوضح لك الفرق أيضا أن الإمام إذا قطع أميرا أو جنديا إقطاعا يجوز له أن يحوله عنه إلى غيره على حسب ما تقتضيه المصلحة ولو كان عقد إجارة لامتنع نقله منه إلى غيره

المسألة الرابعة وقع في كتاب البيان والتحصيل لأبي الوليد بن رشد من أصحابنا رحمه الله ما ظاهره أن للإمام أن يوقف وقفا على جهة من الجهات ووقع للشافعية رحمهم الله مثل ذلك ومقتضى ذلك أن أوقافهم أعني الملوك والخلفاء إذا وقعت على وجه الصحة والأوضاع الشرعية لمصالح المسلمين أنها تنفذ ولا يجوز لأحد أن يتناول منها شيئا إلا إذا قام بشرط الواقف ولا يجوز للإمام أن يطلق ذلك الوقف بعد ذلك لمن لم يقم بذلك الوقف فقد صار ذلك الشرط لازما للناس وللإمام كسائر الأوقاف فليس للإمام تحويله عن تلك الجهة وإطلاقه لمن لم يقم بتلك الوظيفة فإن وقفوا على أولادهم أو جهات أقاربهم لهواهم وحرصهم على حوز الدنيا لهم وذراريهم واتباعا لغير الأوضاع الشرعية لم ينفذ هذا الوقف وحرم على من وقف عليه تناوله بهذا الوقف وللإمام انتزاعه منه وصرفه له ولغيره على حسب ما تقتضيه مصالح المسلمين.

وأما الوقف الأول فهو باطل ومن تناول منه شيئا بهذا الوقف كان للإمام أخذه منه وله وقف هذه الجهة على جهة أخرى على الأوضاع الشرعية ولو صح الوقف الأول لمصادفته للأوضاع الشرعية لم يكن للإمام تحويله.

فإن قلت فإن وقف على ولد، بنص أراضي المسلمين وقراهم أو أحد من أقاربه واشترى ذلك من ماله الذي اكتسبه في زمن مملكته هل يصح ذلك الوقف أم لا قلت الملوك فقراء مدينون بسبب ما جنوه على المسلمين من تصرفاتهم في أموال بيت المال بالهواء في أبنية الدور العالية المزخرفة والمراكب النفيسة والأطعمة الطيبة وإعطاء الأصدقاء والمزاح بالباطل من أموال وغير ذلك من التصرفات المنهي عنها شرعا فهذه كلها ديون عليهم فتكثر من تطاول الأيام فيتعذر بسببها أمران أحدهما الأوقاف والتبرعات والبيوعات على مذهب مالك رحمه الله ومن وافقه فإن تبرعات المديون المتأخرة عن تقرر الدين باطلة فيتخرج ذلك على هذا الخلاف وثانيهما الإرث لأنه لا ميراث مع الدين إجماعا فلا يورث عنهم شيء وما تركوه من المماليك لا ينفذ عتق الوارث فيهم بل هم أموال بيت المال مستحقون بسبب ما عليهم من الدين فلا ينفذ فيهم إلا عتق متولي بيت المال على الوجه الشرعي وإعتاقهم لغير مصلحة المسلمين لا يجوز فإن وقفوا وقفا على جهات البر والمصالح العامة ونسبوه لأنفسهم بناء على أن المال الذي في بيت المال لهم كما يعتقده جهلة الملوك بطل الوقف بل لا يصح إلا أن يوقفوا معتقدين أن المال للمسلمين والوقف للمسلمين أما إن المال لهم والوقف لهم فلا كمن وقف مال غيره على أنه له فلا يصح الوقف فكذلك ها هنا

المسألة الخامسة المصروف من الزكاة للمجاهدين ليس أجرة وإجارة بل أرزاق خاص من مال خاص وهل يتعين صرفه لهذه الجهة فيتخرج على الخلاف بين الشافعية والمالكية رحمهم الله هل اللام للملك أم لا وليس هو إجارة وإلا لاشترط فيه مقدار العمل والمدة الموجبة لتعيين العمل وغير ذلك من شروط الإجارة ولما لم يكن كذلك كان أرزاقا خاصا من جهة خاصة ويقع الفرق بينه وبين أصل الأرزاق بأن أصل الأرزاق يصح أن يبقى في بيت المال ولا يصرف في الوقف وهذا يجب صرفه إما في جهة المجاهدين أو غيرهم من الجهات الثمانية لأن جهة هذا المال عينها الله عز وجل في كتابه العزيز فيجب على الإمام إخراجها فيها إلا أن يمنع مانع وكذلك كل جهة عينها الله تعالى كالخمس يتعين المبادرة إلى صرفه بحسب المصلحة وأما ما يورث عن الموتى من أموال بيت المال أو يحاز عن الغائب المنقطع خبره فهذا لا جهة له إلا ما يعرض من المصالح فهذا هو الفرق بين هذه الأرزاق الخاصة وبقية الأرزاقات

المسألة السادسة ما يصرف للقسام للعقار بين الخصوم من جهة الحكام والترجمان الذي يترجم الكتب عند الحكام وكاتب الحاكم وأمناء الحكام على الأيتام ونحو ذلك فذلك كله أرزاق لا إجارة تجري عليه أحكام الأرزاق دون أحكام الإجارات كما تقدم بيانه وكذلك ما يتناوله الخراص على خرص الأموال الزكوية من الدوالي والنخل وسعاة المواشي والعمال على الزكاة كل ذلك أرزاق لا إجارة ونحو هذه المسائل مما هو في سلكها يتخرج عليها فقد اتضح لك بهذه المسائل الفرق بين قاعدة الأرزاق وقاعدة الإجارة وقاعدة وقف الملوك وأحكام ذلك المختلفة الأوضاع.)

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير