" وعن أبي العالية قال كنا مع ابن عمر في سفر ونزلنا بذي المجاز على ماء لبعض العرب فحضرت الصلاة فأذن مؤذن ابن عمر ثم أقام الصلاة فقام رجل فعلا على رحل من رحالات القوم ثم نادى بأعلى صوته الصلاة يا أهل الماء الصلاة فجعل ابن عمر يسبح في صلاته حتى إذا قضت الصلاة قال ابن عمر من الصائح بالصلاة قالوا أبو عامر يا أبا عبد الرحمن فقال له ابن عمر لا صليت ولا تليت أي شيطانك أمرك بهذا أما كان في الله وسنة نبيه صلى الله عليه و سلم والصالحين ما أغنى عن بدعتك هذه إن الناس لا يحدثون بدعة وان رأوها حسنة إلا أماتوا سنة فقال رجل من القوم إنه ما أراد إلا خيرا يا أبا عبد الرحمن فقال ابن عمر لو أراد خيرا ما رغب بنفسه عن سنة نبيه والصالحين من عباده رواه ابن بطة " ا. هـ
وأختم النقول بكلام لابن رجب عن الذين يضبطون أبواب الشرع بضوابط محدثة، كما يفعل مروجوا البدع بمفهوم البدعة، الذين يحرصون على تشويه هذا الباب بآرائهم المحدثة
قال العلامة ابن رجب:
" ومن ذلك أعني محدثات العلوم ما أحدثه فقهاء أهل الرأي من ضوابط وقواعد عقلية وردِّ فروع الفقه إليها. وسواء أخالفت السنن أم وافقتها طرداً لتلك القواعد المقررة وإن كان أصلها مما تأولوه على نصوص الكتاب والسنة لكن بتأويلات يخالفهم غيرهم فيها وهذا هو الذي أنكره أئمة الإسلام على من أنكروه من فقهاء أهل الرأي بالحجاز والعراق: وبالغوا في ذمه وإنكاره.
فأما الأئمة وفقهاء أهل الحديث فإنهم يتبعون الحديث الصحيح حيث كان إذا كان معمولا به عند الصحابة " ا. هـ
فهاهم السلف والأئمة من بعدهم وهذا والله غيض من فيض
هاهم يعلنون ألوان النكير على من يفعل هذه البدع التي لا تخرج عن كونها من البدع الإضافية والتي روج لها الأستاذ وعنف على من ينكرها
فمنهم من يرى ضرب الفاعل ومنهم من يطرده ولو كان ابنه ومنهم من يباشر الضرب ومنهم من يدعوا على الفاعل دعاء شديدا ومنهم من يحرض على التبديع والتشنيع في حق من يفعلها ومنهم من يشبّه ظهورها بقرن الشيطان ناهيك عن التقبيح والزجر والأوصاف المنفرة
وهذا كما ذكرت لك غيض من فيض
سابعا: استدل الأستاذ على جواز التخصيص لأي عبادة بأي وقت بحديث بلال بن رباح
عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - أَنَّ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ لِبِلاَلٍ عِنْدَ صَلاَةِ الْفَجْرِ «يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِى بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِى الإِسْلاَمِ، فَإِنِّى سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْكَ بَيْنَ يَدَىَّ فِى الْجَنَّةِ». قَالَ مَا عَمِلْتُ عَمَلاً أَرْجَى عِنْدِى أَنِّى لَمْ أَتَطَهَّرْ طُهُورًا فِى سَاعَةِ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلاَّ صَلَّيْتُ بِذَلِكَ الطُّهُورِ مَا كُتِبَ لِى أَنْ أُصَلِّىَ.
فقال الأستاذ ها هو بلال خصص الصلاة بحال الوضوء ولم ينكر عليه النبي ص وعليه فلا حرج على أي أحد أن يخصص أي عبادة بأي وقت أو مكان
والجواب عليه بسؤاله:
أين في الحديث أن ما فعله بلال كان من عنده ومن تلقاء نفسه وليس عن دليل شرعي سابق؟
أين ما يدل على أنه محدث من عند بلال؟
وسؤال النبي ص له لا يوحي بأنه سأله عن شيء جديد غير معمول به عند غير بلال؟
بل قوله: " أرجى عمل عملته في الإسلام " ظاهر منه السؤال عن جنس العمل الشرعي المعهود المنصوص عليه في الكتاب والسنة مما يعمله بلال والذي يريد النبي أن يعرفه تحديدا من بلال نفسه وما الذي يظنه بلال منها في أنه كان من الأسباب الرئيسية لتقدمه في الجنة من بين جملة الطاعات التي يقدمها بلال والجواب إنما كان عن هذا
فلو قال الأستاذ معترضا بأن بلالا أجابه بما أحدثه من عنده مما لم يسبق أن جاء به النص لكان جوابه هذا مجرد دعوى تخالف أصل الرواية حملا للجواب عن جنس المسؤول عنه
ولجاز لنا أيضا أن ندعي أنه أجابه بما كان يعمله من السنن المنصوص عليها بنصوص خاصة
وأنبه إلى أن الأستاذ حذف شطر الحديث الذي يدل على ما ذكرت وهو قوله:
" يَا بِلاَلُ حَدِّثْنِى بِأَرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَهُ فِى الإِسْلاَمِ " حذفه الأستاذ الداعية إلى الله حتى لا يشوش على استدلاله وأتى بلفظ آخر ونسبه للبخاري وهو قوله:
" بم سبقتني إلى الجنة يا بلال؟ فقال: يا رسول الله لم أتطهر طهورا في ساعة من ليل أو نهار إلا ... " مثل بقيته.
¥