تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وهذا سياق ملفق بين لفظ أبي هريرة كما هو الشطر الثاني وبين لفظ بريدة كما هو شطره الأول وليس في البخاري كما نقل الأستاذ والدليل على أن هذا التلفيق لم يكن منقولا وإنما معمولا أنه لا يوجد هكذا في المصادر المسندة فليذكر لنا الأستاذ من أين أتى به هكذا ملفقا ولماذا نسبه للبخاري وهو لا يوجد فيه؟

وإذا علمنا أن ما فعله بلال من صلاة بعد كل وضوء هو من السنن الثابتة بالنصوص الخاصة وقد وردت فيه روايات مرفوعة تستحبه بطل احتجاج الأستاذ من أصله، وتأكد ما ذكرته من أن النبي إنما سأله عن العمل الذي يظن بلال أنه سبب ما من الله به عليه من تقدمه في الجنة لا أن النبي إنما سأله عن عمل مجهول من أصله

فروى البخاري ومسلم من حديث عثمان قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - «مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِى هَذَا، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، لاَ يُحَدِّثُ فِيهِمَا نَفْسَهُ، غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ»

وروى أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة

من طريقين عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن زيد بن خالد الجهني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ ثم صلى ركعتين لا سهو فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه»

ومن طريق محمد بن أبان، عن زيد بن أسلم نحوه

وهو جيد بطريقيه

وروى أبو يعلى كما في المطالب العالية والطبراني في الدعاء وغيرهما بإسناد حسن

عن أبي الدرداء رضي الله عنه: قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:» من توضأ ثم قام فصلى ركعتين، أو أربع ركعات مكتوبة أو غير مكتوبة، أتم فيها الركوع والسجود، ثم يستغفر الله، إلا غفر الله له «

وروي من حديث معاوية مرفوعا

فما قام به بلال لم يكن من عنده وليس بمحدث بل عنده فيه دليل إلا أن يقول الأستاذ إن بلالا فعله قبل ورود الأحاديث وأنه هو الذي أحدث هذا التخصيص

فعندها سنقول له: لم يعد الكلام علميا! فبِوحي عرفتَ هذا أم بإلهام أم برؤيا منام؟

وسبحان الله حرصُ مخالفنا على الاستدلالات الواهية يجسد لك قدر المعاناة التي يعيشها بسبب ضعف الحجة

مع أنه ولو لم يصح شيء من الأحاديث التي دلت على استحباب السنة الخاصة للصلاة بعد كل وضوء فليس في الحديث دليل للأستاذ لأن عدم علمنا بمستند بلال الخاص لا يعني أنه لا دليل وأنه أحدث ذلك من عنده

وسياق الحديث لا يدل على أن ما فعله بلال كان من عنده دون نص فلا حجة في الحديث ولو لم تصح تلك الروايات فكيف وهي صحيحة مع أن إقرار النبي وحده كاف لمنع القياس لو ثبت فعلا أن ما فعله بلال كان من محض اجتهاده.

ـ أما استدلال الأستاذ بحديث خبيب وصلاته ركعتين قبل أن يُقتل فهو لا يقوم على ساق

أين التخصيص؟

صراحة هذا كلام من لا يعرف التخصيص، فالقتل يحصل مرة و لا يتكرر، وخبيب لم يبين أنه قصد معنى التخصيص، فمن أين اعتبرناه قد خصص؟

رجل سيترك الدنيا ماذا سيطلب؟

جاءت النصوص تحض كل مسلم على أن تكون خاتمته حسنة فنظر خبيب فوجد من أنسب الأعمال التي تناسب وضعه هو صلاة ركعتين فما أظن من المناسب أن يقول لهم اتركوني إلى موسم الحج حتى أحج ثم اقتلوني!!

وعلى فهمك يا أستاذ لو لم يُصلّ خبيب وقرأ قرآنا مثلا لقلت ها قد خصص! أو تصدق على أحد المستضعفين من مسلمي مكة لقلت قد خصص

وعليه فاتك أن تستدل أيضا بدعائه على الكفار فتقول خصص الدعاء بالقتل!

وأيضا فاتك أن تستدل بعثمان فقد قتل وهو يقرأ القرآن ويعلم أن القوم قاتلوه من خلال ما كان يشاهده من تدهور أمر الحصار وما آل إليه ومن خلال الرؤيا التي رآها يومها فهو أيضا قد خصص

ثم يا أستاذ! الحجة أين؟ فيما فعله خبيب؟ أم فيما قرره النبي؟

فإقراره صلى الله عليه وسلم هو الذي سن به لكل من حصل له ما حصل لخبيب أن يفعل مثله

قال العلامة القسطلاني في "إرشاد الساري":

"وإنما صار فعل خبيب سنةً، لأنه فعل ذلك في حياة الشارع - صلى الله عليه وسلم - واستحسنه".

وقال أيضاً:

"وإنما صار ذلك سنةً، لأنه فعل في حياته - صلى الله عليه وسلم - فاستحسنه و أقره".

وقال أيضاً:

"واستُشكل قوله: "أول من سن"، إذ السنة إنما هي أقوال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأفعاله وأحواله، وأجيب بأنه فعلهما في حياته - صلى الله عليه وسلم - واستحسنهما"انتهى كلام القسطلاني.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير