قال أبو غدة (وهو على شرط الأستاذ):
" وواضح من حديث أبي هريرة وقصة قتل خبيب فيه: أن لفظ (السنة) ولفظَ (سن) معناه: الفعل المشروع المتبوع في الدين، وعلى هذا فلا يصح لمتفقهٍ أن يستدل على سنية صلاة الركعتين عند القتل، بأن الحديث جاء فيه لفظ "سن"، فتكون صلاتهما سنةً مستحبةً، لأن حكم السنية لصلاة ركعتين هنا استفيد من دليلٍ آخر خارج لفظ "سن" بلا ريب وهو إقرار الرسول - صلى الله عليه وسلم - لفعله)
ـ أما استدلاله بحديث رفاعة بْنِ رَافِعٍ الزُّرَقِىِّ
قَالَ: كُنَّا يَوْمًا نُصَلِّى وَرَاءَ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم - فَلَمَّا رَفَعَ رَأْسَهُ مِنَ الرَّكْعَةِ قَالَ «سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ». قَالَ رَجُلٌ وَرَاءَهُ رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ، حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ «مَنِ الْمُتَكَلِّمُ». قَالَ أَنَا. قَالَ «رَأَيْتُ بِضْعَةً وَثَلاَثِينَ مَلَكًا يَبْتَدِرُونَهَا، أَيُّهُمْ يَكْتُبُهَا أَوَّلُ»
قال الأستاذ:
" رفاعة بيصلي وراءه قال ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه
أي الكلام ده ... ولا سيدنا محمد قال له بتعمل حاجة من عندك جُوّا الصلاة "
وانطلق الاستاذ يستدل به على جواز إحداث ذكر عند الرفع من الركوع وبالتالي على جواز الإحداث في الدين مادام أصل العمل مشروعا ونقل كلاما لابن حجر أوهم أنه يتبناه بينما هو ينقله عن غيره بصورة الابهام " واستُدِلّ "
طبعا صاحب المهنة لا يترك مهنته في العادة، ولقد أثبت الأستاذ أنه حفظ الدرس جيدا فلم يسه عما اعتاده من مخالفة للأمانة العلمية فساق رواية من روايات حديث رفاعة وتصرف فيها وضرب صفحا بالروايات الأخرى التي تبطل استدلاله
والرواية التي ساقها الأستاذ أقرب إلى طريق علي بن يحيى عن أبيه يحيى بن خلاد الزرقي عن عمه رفاعة بن رافع به
وليس فيها أن القائل هو رفاعة مما يدل على أن الأستاذ كان يعلم بالروايات الأخرى!
ولا فيها أن القائل قال ذلك وهو يصلي فهذا قد اختلفت فيه الروايات كما سيأتي
فمما أخفاه الأستاذ عن المشاهد من الروايات المهمة لنفس الحديث
ما رواه قتيبة بن سعيد وتابعه سعيد بن عبد الجبار كلاهما قال نا رفاعة بن يحيى بن عبد الله بن رفاعة بن رافع عن عم أبيه معاذ بن رفاعة بن رافع عن أبيه رفاعة قال:
صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطست فقلت الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: أَيْنَ الْمُتَكَلِّمُ فِي الصَّلاةِ؟ ... الحديث وهذا هو المحفوظ من رواية معاذ بن رفاعة
وهذه الرواية إسنادها جيد
وليس فيه أنه قال ذلك حين الرفع من الركوع، وفي هذه الرواية أنه قالها حين عطس ولم يقلها من باب الذكر للرفع من الركوع
ويؤيد هذه الرواية ما رواه شَرِيكٌ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ:
عَطَسَ شَابٌّ مِنَ الأَنْصَارِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَهُوَ فِى الصَّلاَةِ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ حَتَّى يَرْضَى رَبُّنَا وَبَعْدَ مَا يَرْضَى مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا ... الحديث
غير أن شريكا ضعيف واضطرب فيه فقد رواه بغير هذا الوجه
وقال الترمذي بعد أن ساق حديث رفاعة بلفظ العطاس:
" وَكَأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ فِى التَّطَوُّعِ لأَنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ التَّابِعِينَ قَالُوا إِذَا عَطَسَ الرَّجُلُ فِى الصَّلاَةِ الْمَكْتُوبَةِ إِنَّمَا يَحْمَدُ اللَّهَ فِى نَفْسِهِ وَلَمْ يُوَسِّعُوا فِى أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ "
فتأمل منع هؤلاء العلماء من السلف للتوسع ولو بالحمد في أثناء الفرض وهذا يصادم استدلال الأستاذ.
وحديث رفاعة فيه اختلاف من جهتين:
من جهة القائل للحمد، ففي الأولى أنه رجل غير رفاعة كما هو ظاهرها
وفي الثانية أنه رفاعة نفسه
ومن جهة سبب الحمد، ففي الرواية الأولى لم تذكر سببا سوى أنه تزامن مع التسميع، وفي الثانية أنه حمد بسبب العطاس دون مناسبة التسميع
¥