" وأولى ما قيل في الحكمة في ردّه صلّى الله عليه وسلّم على من قال " الرّسول " بدل " النّبيّ " أنّ ألفاظ الأذكار توقيفيّة، ولها خصائص وأسرار لا يدخلها القياس، فتجب المحافظة على اللّفظ الّذي وردت به، وهذا اختيار المازري، قال: فيقتصر فيه على اللّفظ الوارد بحروفه، وقد يتعلق الجزاء بتلك الحروف، ولعلّه أوحى إليه بهذه الكلمات، فيتعيّن أداؤها بحروفها " اهـ
وأما ما استدل به الأستاذ من كلام الحافظ عن زيادة ذكر محدث فهو من منقول الحافظ وليس من قوله لكن الأستاذ اعتاد الغلط وكأني به حلف ألا يستدل استدلالا سليما
وأيضا حديث النبي صلى الله عليه وسلم:
كان يعلمهم التشهد كما يعلمهم السورة من القرآن
وهو في الصحيحين بهذا المعنى.
فلماذا الحرص منه صلى الله عليه وسلم على أداء الأوراد بألفاظها؟ ولماذا لم يقبل من البراء حتى اللفظ المقارب في المعنى وحرص على تأدية الورد بلفظه النصي؟
لماذا هذا التدقيق؟
لماذا يعامل التشهد معاملة النص القرآني؟
وأيضا إنكار ابن عمر على من أضاف السلام على النبي مع الحمد في العطاس
لماذا أنكر ابن عمر على ذلك الذي سلم على النبي عندما عطس؟
لماذا؟
قال العلامة ملا عليّ القاري في " مرقاة المفاتيح " معلقا عليه:
" وأمّا زيادة ذكرٍ آخر بطريق الضّمّ إليه فغير مستحسنٍ، لأنّ من سمع ربّما يتوهّم أنّه من جملة المأمورات " ا. هـ
وبنحوه قال السيوطي
ولماذا أنكر سعد بن أبي وقاص على من لبى تلك التلبية التي رآها محدثة كما صح عن عبد الله بن أبي سلمة أنه قال:
سمع سعد بن أبي وقاص رجلا يقول: لبيك ذا المعارج
فقال سعد: لبيك ذا المعارج؟ إنه ذو المعارج، ولم يكن يقال هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
فعندما كان مبلغ علم سعد رضي الله عنه أنها تلبية محدثة أنكرها وهذا محل الشاهد.
لكن صح من حديث جابر مرفوعا أن النبي أقرها
وقال الحافظ ابن حجر عن زيادة الترحم في الصلاة الإبراهيمية:
" وَوَقَعَ فِي حَدِيث اِبْن مَسْعُود الْمُشَار إِلَيْهِ زِيَادَة أُخْرَى وَهِيَ " وَارْحَمْ مُحَمَّدًا وَآلَ مُحَمَّد كَمَا صَلَّيْت وَبَارَكْتَ وَتَرَحَّمْت عَلَى إِبْرَاهِيم " الْحَدِيث ...
وَبَالَغَ اِبْن الْعَرَبِيّ فِي إِنْكَار ذَلِكَ فَقَالَ: حَذَارِ مِمَّا ذَكَرَهُ اِبْن أَبِي زَيْد مِنْ زِيَادَة " وَتَرَحَّمْ " فَإِنَّهُ قَرِيب مِنْ الْبِدْعَة لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّمَهُمْ كَيْفِيَّة الصَّلَاة عَلَيْهِ بِالْوَحْيِ فَفِي الزِّيَادَة عَلَى ذَلِكَ اِسْتِدْرَاك عَلَيْهِ اِنْتَهَى. وَابْن أَبِي زَيْد ذَكَرَ ذَلِكَ فِي صِفَة التَّشَهُّد فِي " الرِّسَالَة " لَمَّا ذَكَرَ مَا يُسْتَحَبّ فِي التَّشَهُّد وَمِنْهُ " اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد " فَزَادَ " وَتَرَحَّمْ عَلَى مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّد وَآل مُحَمَّد إِلَخْ " فَإِنْ كَانَ إِنْكَاره لِكَوْنِهِ لَمْ يَصِحّ فَمُسَلَّمٌ، وَإِلَّا فَدَعْوَى مَنْ اِدَّعَى أَنَّهُ لَا يُقَال اِرْحَمْ مُحَمَّدًا مَرْدُودَة لِثُبُوتِ ذَلِكَ فِي عِدَّة أَحَادِيث ...
هَذَا كُلّه فِيمَا يُقَال مَضْمُومًا إِلَى السَّلَام أَوْ الصَّلَاة، وَقَدْ وَافَقَ اِبْن الْعَرَبِيّ الصَّيْدَلَانِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّة عَلَى الْمَنْع " ا. هـ
ثم نقول للأستاذ بناء على استدلاله، ها هو الأذان إنما أخذه النبي من رؤيا منامية لعمر بن الخطاب وعبد الله بن زيد فهل نقول بأنه يجوز التصرف في عبارات الأذان لأن النبي إنما أخذ أصله من رؤيا؟
والذي أستغربه من الأستاذ هو إطلاقه القول بجواز إحداث الأذكار والأوراد والتصرف في الأوراد التي جاءت بها السنة دون الجمع بين النصوص، وهو تخريب للسنة ما بعده تخريب فإنه لو سلمنا له باستدلاله من حديث رفاعة لما سلمنا بهذا الإطلاق المصادم لجملة من النصوص ولكان عليه أن يعيش الفرعية في المسألة لا أن يجعلها أصلا يرد من أجله جملة النصوص.
¥