فإذًا عندما كانت الكيفية للذكر محدثة كانت مستنكرة خارجة عن الذكر المشروع
وسبق عند الكلام عن السبحة آثار أخرى عن ابن مسعود
وثبت نحو هذا الإنكار من الصحابي الجليل خباب بن الأرت
قال ابن وضاح
وحدثني عن موسى، عن ابن مهدي، عن سفيان، عن أبي سنان، عن عبد الله بن أبي الهذيل، عن عبد الله بن الخباب، قال:
«بينما نحن في المسجد ونحن جلوس مع قوم نقرأ السجدة ونبكي، فأرسل إلي أبي، فوجدته قد أحضر معه هراوة له (عصا غليظة) فأقبل علي، فقلت:
يا أبة، ما لي ما لي؟
قال: ألم أرك جالسا مع العمالقة؟ ثم قال: هذا قرن خارج الآن"
وحدثني محمد بن وضاح، نا محمد بن سعيد قال: نا أسد بن موسى قال: نا قيس بن الربيع، عن أبي سنان ضرار بن مرة، عن عبد الله بن أبي الهذيل العنزي قال: كنا جلوسا مع عبد الله بن خباب بن الأرت وهو يقول: سبحوا كذا وكذا، واحمدوا كذا وكذا، وكبروا كذا وكذا. قال: فمر خباب فنظر إليه ثم أرسل إليه فدعاه، فأخذ السوط فجعل يضرب رأسه به وهو يقول: يا أبتاه، فيم تضربني؟ فقال: مع العمالقة؟ هذا قرن الشيطان قد طلع، أو قد بزغ
وخبر خباب ثابت صحيح
وروي بغير هذا اللفظ بإسناد ضعيف فيه علتان
ـ وعن قراءة القرآن بشكل جماعي قال الطرطوشي:
" هذه الآثار تقتضي جواز الاجتماع لقراءة القرآن الكريم على معنى الدرس له والتعلم والمذاكرة وذلك يكون بأن يقرأ المتعلم على المعلم، أو يقرأ المعلم على المتعلم، أو يتساويا في العلم، فيقرأ أحدهما على الآخر على وجه المذاكرة والمدارسة هكذا يكون التعليم والتعلم، دون القراءة معاً " ا. هـ
وفي التاج والإكليل عن القراءة الجماعية
" كَرِهَ مَالِكٌ اجْتِمَاعَ الْقُرَّاءِ يَقْرَءُونَ فِي سُورَةٍ وَاحِدَةٍ وَقَالَ: لَمْ يَكُنْ مِنْ عَمَلِ النَّاسِ، وَرَآهَا بِدْعَةً " ا. هـ
وهذا إحداث في كيفية القراءة فانظر إلى قدر التقيد بالمأثور حتى اعتبر الإمام مالك ومِن بعده الطرطوشي قراءة القرآن بصوت جماعي بدعة إلا عند التعليم فقط
ـ وقال محمد بن وضاح، عن عبد الله بن محمد قال: نا معاوية بن هشام قال: نا سفيان، عن سعيد الجريري، عن أبي عثمان النهدي، قال: كتب عامل لعمر بن الخطاب إليه أن ههنا قوما يجتمعون فيدعون للمسلمين وللأمير.
فكتب إليه عمر: " أقبل بهم معك "
فأقبل، وقال عمر للبواب: أعد سوطا.
فلما دخلوا على عمر علا أميرَهم ضربا بالسوط
فقلت: يا أمير المؤمنين، لسنا أولئك الذين يعني، أولئك قوم يأتون من قبل المشرق»
أثر جيد ثابت
فتأمل هذه الآثار المتوافرة على معنى متقارب وهو الذكر أو الدعاء بكيفيات محدثة وانظر موقف هؤلاء الصحابة وكيف أنكروا ذلك أشد الإنكار
ـ وَسُئِلَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ بن عبد السلام عَنْ الرَّجُل يَذْكُرُ فَيَقُولُ: اللَّهُ اللَّهُ، وَيَقْتَصِرُ عَلَى ذَلِكَ هَلْ هُوَ مِثْلُ قَوْلِهِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَاَللَّهُ أَكْبَرُ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ أَمْ لَا؟
وَإِذَا لَمْ يَكُنْ بِمَثَابَتِهِ فَهَلْ هُوَ بِدْعَةٌ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ السَّلَفِ أَمْ لَا؟
فَأَجَابَ:
هَذِهِ بِدْعَةٌ لَمْ تُنْقَلْ عَنْ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا عَنْ أَحَدٍ مِنْ السَّلَفِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ الْجَهَلَةُ، وَالذِّكْرُ الْمَشْرُوعُ كُلُّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ جُمْلَةً فِعْلِيَّةً أَوْ اسْمِيَّةً وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَذْكَارِ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْخَيْرُ كُلُّهُ فِي اتِّبَاعِ الرَّسُولِ وَاتِّبَاعِ السَّلَفِ الصَّالِحِينَ دُونَ الْأَغْبِيَاءِ مِنْ الْجَاهِلِينَ انْتَهَى.
ـ وقال علاء الدين الكاساني الحنفي في كتابه (بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع):
عن أبي حنيفة رحمه الله تعالى: أن رفع الصوت بالتكبير بدعة في الأصل، لأنه ذكر. والسنة في الأذكار المخافتة؛ لقوله تعالى: {ادعوا ربكم تضرعاً وخفية} [الأعراف: 55]. ولقوله r : (( خير الدعاء الخفي)). ولذا فإنه أقرب إلى التضرع والأدب، وابعد عن الرياء فلا يترك هذا الأصل إلا عند قيام الدليل المخصص. انتهى
ـ وعن كيفية الدعاء جاء في المسند
¥