تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والراجح ـ والله أعلم ـ أن الرعاف والقيء والقَلَسَ لا تنقض الوضوء، لعدم وجود أدلة واضحة تدل على ذلك، فيبقى الأصل وهو عدم النقض إلا بدليل شرعي، ولأن الطهارة ثبتت بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي، فإنه لا يمكن رفعه إلا بدليل شرعي.

الحديث دليل على أن من أصابه قيء أو رعاف أو قلس أو مذي وهو في الصلاة أنه ينصرف ثم يتوضأ ويبني على صلاته، وشَرْطُ ذلك ألا يتكلم، لقوله في اخر الحديث: (وهو في ذلك لا يتكلم) ولكن الحديث ضعيف كما تقدم، والصواب أن الحدث كالمذي والريح ونحوها تفسد الصلاة.

حكم لحم الإبل والغنم من حيث النقض وعدمه

75/ 9 ـ عَنْ جَابِر بن سَمُرَةَ رضي الله عنهما أَنّ رَجُلاً سَأَلَ النّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم: أَتَوَضّأُ مِنْ لُحُومِ الْغَنَمِ؟ قَالَ: «إِنْ شِئْتَ» قَالَ: أَتَوَضّأُ مِنْ لُحُومِ الإبِلِ؟ قَالَ: «نَعَمْ». أَخْرَجَهُ مُسْلمٌ.

المسائل:

الحديث دليل على أن الوضوء من لحم الغنم لا يجب، وإنما يباح لقوله: «إن شئت» لأنه غير ناقض للوضوء، ويكون هذا الوضوء بهذا الاعتبار تجديداً للوضوء السابق، فيستدل به على جواز ذلك.

الحديث دليل على وجوب الوضوء من لحم الإبل؛ لقوله: «نعم» لأنه ناقض للوضوء، وهذا مذهب الإمام أحمد.

وقال الجمهور ومنهم الأئمة الثلاثة: لحم الإبل لا ينقض الوضوء، واستدلوا بحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: (كان اخر الأمرين من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ترك الوضوء مما غيرت النار) وفي لفظ: (مما مسَّت النار).

ووجه الدلالة: أن قوله: (مما مست النار) عام فيدخل فيه لحم الإبل؛ لأنه من أفراد ما مسته النار، بدليل أنه لا يؤكل نيئاً، بل يؤكل مطبوخاً، فلما نُسخ الوضوء مما مسته النار نُسخ الوضوء من أكل لحوم الإبل أيضاً.

والقول الأول هو الراجح في هذه المسألة؛ لأن حديث الباب نص في الموضوع.

وقد اختلف العلماء هل نقض الوضوء خاص باللحم، أو شامل لجميع أجزاء الإبل من الهبر ـ وهو قطع اللحم ـ أو الكرش أو الكبد أو الكلية أو الأمعاء وما أشبه ذلك، على قولين:

الأول: أنه شامل لجميع أجزاء الإبل، وهذا وجه في المذهب عند الحنابلة، واختاره ابن سعدي، ودليل ذلك ما يلي:

1 ـ أن لفظ اللحم في الشرع يشمل جميع أجزاء الحيوان، بدليل قوله تعالى: {{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}} [المائدة: 3]، ولحم الخنزير شامل لكل ما حواه الجلد، بل الجلد كذلك، وكون بعض الأجزاء له اسم خاص لا يدلّ على خروجه عن حكم اللحم

2 ـ أنه ليس في الشريعة الإسلامية حيوان تتبعض الأحكام في أجزائه، فيكون بعضها حلالاًوبعضها حراماً، وإنما الحيوان إما حرام كله كالخنزير، وإما حلال كله كبهيمة الأنعام.

القول الثاني: أنه لا ينقض إلا اللحم فقط، وهذا هو المذهب عند الحنابلة، واختاره الشيخ محمد بن إبراهيم، واستدلوا بأن النص ورد في اللحم، وغير اللحم مما ذكر لا يتناوله النص.

قالوا: ولا يستدل باية {{وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ}} لأن لحم الخنزير حُرّمَ لنجاسته وخبثه، وأجزاء الخنزير كلها نجسة ليس فيها شيء طاهر، بخلاف لحم الإبل فلا شيء فيه نجس، والأحوط هو القول الأول؛ لما تقدم، والله أعلم.

حكم الغُسل من غَسْل الميت والوضوءِ من حمله

76/ 10 ـ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «مَنْ غَسّلَ مَيْتاً فَلْيَغْتَسِلْ، وَمَنْ حَمَلَهُ فَلْيَتَوَضّأْ». أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالنّسَائِيُّ، وَالتّرْمِذِيُّ وَحَسّنَهُ.

المسائل::

الحديث دليل على وجوب الغسل على من غَسّلَ ميتاً، وعموم لفظ الحديث يفيد عموم الأموات من كبير وصغير وذكر وأنثى.

وذهب أكثر أهل العلم، وأحمد إلى أن الغسل من غسل الميت مستحب وليس بواجب، وذلك لأن الحديث لا ينهض على الإيجاب.

ذكر العلامة ابن مفلح الحنبلي قاعدة جيدة ومفادها: أن الحديث إذا كان فيه ضعف، وكان دالاًّ على الوجوب بصيغته، أو دالاًّ على التحريم، فإنه يحمل على الاستحباب في الأمر، وعلى الكراهة في النهي احتياطاً، ولا يُلزَم المسلمون بحكمه وجوباً أو تحريماً.

ولا يجب الوضوء من غسل الميت في أظهر قولي العلماء؛ لأن الوجوب يحتاج إلى دليل.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير