الحديثان يدلان على أن النوم ليس ناقضاً بنفسه، وإنما هو مظنة للنقض، وذلك إذا كان الإنسان في حالة لا يملك نفسه، فلا يشعر بما يخرج منه، فإذا كان كذلك فليتوضأ لأنه نام، أما إذا كان الإنسان يقظاً فإنه يتحفظ ويعرف ما يخرج منه، والله تعالى أعلم.
ما جاء في أن نوم المضطجع ينقض الوضوء
81/ 15 ـ وَلأبِي دَاوُدَ أَيْضاً، عَنِ ابْنِ عَبّاس مَرْفُوعاً: «إنّما الوُضُوءُ عَلَى مَنْ نَامَ مُضْطَجِعاً». وَفِي إسْنَادِهِ ضَعْفٌ أَيْضاً.
المسائل:
الحديث دليل على أن النوم حال وضع الجَنْبِ على الأرض ناقض للوضوء، وخصّ النقض بنوم المضطجع لأنه الأغلب؛ لأن الغالب أنه لا يستغرق أحد في نومه إلا وهو مضطجع، وهذا على فرض صحة الحديث، وإلا فهو ضعيف سنداً ومتناً.
ما جاء في تشكيك الشيطان ابن آدم في طهارته
82/ 16 ـ وَعَنِ ابْنِ عَبّاس رضي الله عنهما أنّ رَسُولَ الله صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «يَأتِي أَحَدَكُمُ الشّيْطَانُ في صَلاَتِهِ، فَيَنْفُخُ في مَقْعَدَتِهِ فيُخَيّلُ إلَيْه أَنّهُ أَحْدَثَ، وَلَمْ يُحْدِثْ، فَإذَا وَجَدَ ذلِكَ فَلاَ يَنْصَرِفْ حَتّى يَسْمَعَ صَوْتاً أَوْ يَجِدَ رِيحاً». أَخْرَجَهُ الْبَزّارُ.
83/ 17 ـ وَأَصْلُهُ في الصّحِيحَينِ مِنْ حَدِيث عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ.
84/ 18 ـ وَلِمُسْلمٍ: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ نَحْوُهُ.
85/ 19 ـ ولِلْحَاكِم: عَنْ أَبي سَعيدٍ مَرْفُوعاً: «إذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الشّيْطَانُ، فَقَالَ: إنّكَ أَحْدَثْتَ، فَلْيَقُلْ: كَذَبْتَ»، وَأَخْرَجَهُ ابْنُ حبّانَ بِلَفْظِ: «فَلْيقلْ فِي نَفْسِهِ».
شرح الفاظه:
قوله: (في مقعدته) بفتح الميم، وهي السافلة من الشخص.
قوله: (فيخيل إليه) أي: إن الشيطان هو الذي يخيل للمصلي أنه أحدث، أي: يوقع في خياله، أي: في وهمه وظنه.
المسائل:
حديث ابن عباس وما بعده يفيد ما سبقت إليه الإشارة عند الحديث الخامس من هذا الباب من أن المتطهر إذا شك في وضوئه هل انتقض أو لا؟ فإن وضوءه باقٍ، ويصلي بطهارته تلك ولا يجب عليه الوضوء حتى يتيقن أنه أحدث إما بسماع صوت أو شَمِّ ريح.
شدة عداوة الشيطان للإنسان، وذلك بإفساد عبادته، ولا سيما الصلاة وما يتعلق بها، وإيقاعه في الشكوك والأوهام حتى تفسد طهارته، وتبطل صلاته، تارة بالفعل (فينفخ في مقعدته)، وتارة بالقول بالوسوسة: (إنك أحدثت).
وقد أخبر الله تعالى بعداوة الشيطان، فقال سبحانه: {{إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ *}}.
في هذه الأحاديث بيان لعلاج الوسواس، فلا ينبغي للمسلم أن يستسلم لوساوس الشيطان ولا يلتفت إليها، فلا ينصرف حتى يتحقق انتقاض طهارته.
ومتى غفل عن الوساوس وتركها فإنها تزول بإذن الله تعالى، ولهذا أرشد النبي صلّى الله عليه وسلّم إلى عدم الاستسلام لها بقوله: «فليقل: كذبت».
في هذه الأحاديث زيادة على حديث أبي هريرة المتقدم ومن ذلك:
1 ـ التصريح بأن هذه الشكوك في الطهارة من الشيطان.
2 ـ أنه بيّن محل هذه الشكوك وأنه مقعدة الإنسان.
3 ـ أنه بيّن طريقة الخروج من هذه الأوهام وهو تكذيب الشيطان، والله تعالى أعلم.
ـ[محمدالصغير]ــــــــ[30 - 07 - 09, 04:35 ص]ـ
[باب قضاء الحاجة]
وفي بعض نسخ «البلوغ»: باب «اداب قضاء الحاجة»، وهي أكمل وأدل على المراد.
الحاجة: كناية عن البول والغائط، وهو مأخوذ من قوله صلّى الله عليه وسلّم: «إذا جلس أحدكم على حاجته فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها».
والمراد باداب قضاء الحاجة: ما يشرع للمسلم اتباعه من الأقوال والأفعال التي تناسب تلك الحال.
كراهة دخول الخلاء بما فيه ذكر الله تعالى
86/ 1 ـ عَنْ أَنَس بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم إذَا دَخَلَ الْخَلاْءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ. أَخْرَجَهُ الأرْبَعَةُ، وَهُوَ مَعْلولٌ.
شرح ألفاظه:
قوله: (إذا دخل الخلاء) أي: أراد دخول الخلاء.
قوله: (وضع خاتمه) أي: ألقاه.
المسائل:
استدل بهذا الحديث من قال بكراهة دخول الخلاء بما فيه ذكر الله تعالى، واستحباب تنحيته.
[ما يقال عند دخول الخلاء]
¥