أنه لا تتعين الأحجار، بل يجزئ كل ما قام مقامها في الإنقاء؛ لأن الغرض التطهير، وليس نوعاً بعينه، وإنما نص الشرع على الأحجار لأنها أيسر وأسهل، وهذا قول الجمهور من أهل العلم.
قالوا: ويدل على عدم تعيين الحجر نهيه صلّى الله عليه وسلّم عن العظام والرجيع فلو كان الحجر متعيناً لنهى عما سواه مطلقاً، فلما خُصّ النهي بالعظام والرجيع دل على أن ما سوى ذلك من المباحات يجوز الاستنجاء به. وهو الراجح.
ذهب الجمهور إلى أن المراد بالأحجار الثلاثة، ثلاث مسحات، قالوا: فلا يلزم ثلاثة أحجار، فلو استنجى بحجر له ثلاثة أحرف فمسح بكل حرف مسحة أجزأه؛ لأن المراد المسحات.
2 - أنه لا بد من ثلاثة أحجار، أخذاً بظاهر الحديث.
والاول هو الاظهر.
الحديث دليل على النهي عن الاستنجاء بالعظم والرجيع، وذلك أن العظم إذا كان من حيوان مذكى فهو طعام الجن، وإن كان العظم عظم ميتة فهو نجس فلا يكون مطهِّراً، وكذا الروث، فإن كان طاهراً فهو علف لدوابهم، وإن كان نجساً فليس بمطهر.
بيان حكم استقبال القبلة حال قضاء الحاجة
97/ 12 ـ وَلِلسّبْعَةِ مِنْ حَدِيثِ أَبي أَيّوبَ رضي الله عنه: «لاَ تَسْتَقْبِلوا الْقِبْلَةَ ولا تَسْتَدْبِرُوها بِغَائِطٍ وَلاَ بَوْلٍ، وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا».
شرح ألفاظه:
قوله: (ولكن شرقوا أو غربوا) أي: استقبلوا جهة الشرق أو الغرب؛ والخطاب في ذلك لأهل المدينة ونحوهم ممن إذا شرق أو غرب انحرف عن القبلة؛ لأن قبلتهم إلى الجنوب، فإذا شرّقوا أو غرّبوا صارت عن يمينهم أو شمالهم.
قوله: (مراحيض) المراد هنا: موضع التخلي.
المسائل:
الحديث دليل على النهي عن استقبال القبلة أو استدبارها حال البول أو الغائط، وهذا النهي للتحريم عند جمهور العلماءوقد اختلف في هذه المسألة على أقوال أهمها:
القول الأول: تعميم النهي، وبه قال جماعة من أهل العلم، فقالوا: يحرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء والبنيان، ورواية عن الإمام أحمد، وشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، والشيخ محمد بن إبراهيم، ودليلهم حديث أبي أيوب وما في معناه، فإنه نص صريح في النهي عن الاستقبال والاستدبار، وهو الاظهر.
القول الثاني: أنه يحرم الاستقبال والاستدبار في الفضاء، ويجوز في البنيان، وهو رواية عن الإمام أحمد، وهي المذهب.
وجوب الاستتار عند قضاء الحاجة
98/ 13 ـ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أنّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: «مَنْ أَتى الْغَائِطَ فَلْيَسْتَتِرْ». رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ.
المسائل:
الحديث دليل على أن الاستتار عن أعين الناس عند قضاء الحاجة مطلوب، والاستتار يحصل إما بجدار أو بكثيب من رمل أو نحو ذلك مما يجعله خلفه، لئلا يراه أحد.
ما يقال عند الخروج من الخلاء
99/ 14 ـ وَعَنْهَا أَنّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم كَانَ إذَا خَرَجَ مِنَ الْغائِطِ قَالَ: «غُفْرَانَكَ». أَخْرَجَهُ الْخَمسةُ. وَصَحّحَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَالحَاكِمُ.
شرح ألفاظه:
قوله: (غُفرانك) أي: أسألك غفرانك أي: أعطنا وامنحنا غفرانك، والمغفرة هي ستر الذنوب والتجاوز عنها.
المسائل:
الحديث دليل على استحباب قوله: «غفرانك» بعد قضاء حاجته وخروجه من المكان، فإن كان في بناء قاله إذا خرج، وإن كان في الصحراء قاله إذا فارق المكان الذي قضى فيه حاجته.
ومناسبة هذا الدعاء: أن الإنسان لما خف جسمه بعد قضاء الحاجة، وارتاح من الأذى، تذكر ثقل الذنوب وعواقبها فدعا ربه أن يخفف عنه أذية الإثم، كما منّ عليه بتخفيف أذية الجسم، فالنجو يُثقل البدن ويؤذيه، والذنوب تثقل القلب وتؤذيه، وهذا معنى مناسب من باب تذكّر الشيء بالشيء، وقد أشار إلى هذا المعنى ابن القيم.
وجوب الاستنجاء بثلاثة أحجار
100/ 15 ـ وَعنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتى النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْغَائِطَ، فَأَمَرَنِي أَنْ اتِيَهُ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَلَمْ أَجِدْ ثَالثاً، فَأَتَيْتُهُ بِرَوْثَةٍ، فَأَخَذَهُمَا وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: «هَذَا رِكْسٌ». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، زَادَ أَحْمَدُ، والدّارَقُطْني: «ائْتِني بِغَيْرِهَا».
شرح ألفاظه:
قوله: (أتى الغائط) أي: ذهب إلى الأرض المطمئنة لقضاء الحاجة.
¥