الحديث دليل على استحباب قوله: «غفرانك» بعد قضاء حاجته وخروجه من المكان، فإن كان في بناء قاله إذا خرج، وإن كان في الصحراء قاله إذا فارق المكان الذي قضى فيه حاجته.
ومناسبة هذا الدعاء: أن الإنسان لما خف جسمه بعد قضاء الحاجة، وارتاح من الأذى، تذكر ثقل الذنوب وعواقبها فدعا ربه أن يخفف عنه أذية الإثم، كما منّ عليه بتخفيف أذية الجسم، فالنجو يُثقل البدن ويؤذيه، والذنوب تثقل القلب وتؤذيه، وهذا معنى مناسب من باب تذكّر الشيء بالشيء، وقد أشار إلى هذا المعنى ابن القيم.
وجوب الاستنجاء بثلاثة أحجار
100/ 15 ـ وَعنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: أَتى النَّبيُّ صلّى الله عليه وسلّم الْغَائِطَ، فَأَمَرَنِي أَنْ اتِيَهُ بِثَلاَثَةِ أَحْجَارٍ، فَوَجَدْتُ حَجَرَيْنِ، وَلَمْ أَجِدْ ثَالثاً، فَأَتَيْتُهُ بِرَوْثَةٍ، فَأَخَذَهُمَا وَأَلْقَى الرَّوْثَةَ، وَقَالَ: «هَذَا رِكْسٌ». أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ، زَادَ أَحْمَدُ، والدّارَقُطْني: «ائْتِني بِغَيْرِهَا».
شرح ألفاظه:
قوله: (أتى الغائط) أي: ذهب إلى الأرض المطمئنة لقضاء الحاجة.
قوله: (فأتيته بروثة) بفتح الراء وسكون الواو، هي فضلة ذات الحافر.
قوله: (إنها ركس) بكسر الراء وسكون الكاف: أي نجس.
المسائل:
الحديث دليل على أن الاستنجاء لا يكون بأقل من ثلاثة أحجار؛ لأنه صلّى الله عليه وسلّم طلب من ابن مسعود رضي الله عنه أن يأتيه بثلاثة أحجار، وقد تقدم في حديث سلمان رضي الله عنه عند مسلم: (نهانا أن نستنجي بأقل من ثلاثة أحجار)،وهذا هو القول الراجح وقدحدد الشرع هذه الإزالة في حالة الاستجمار بثلاثة أحجار، وتركه فيه مخالفة الشارع الحكيم.
بيان ما لا يُستنجى به
101/ 16 ـ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أنّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم نَهى أَنْ يُسْتَنْجَى بِعَظْمٍ، أَوْ رَوْثٍ، وَقَالَ: «إِنّهُمَا لاَ يُطَهِّرَانِ». رَوَاه الدّارَقُطْنِيُّ وَصَحّحَهُ.
المسائل:
الحديث دليل على النهي عن الاستنجاء بالعظم والروث، وقد علل لذلك بأنهما لا يطهران، وقد تقدم في حديث ابن مسعود رضي الله عنه التعليل بأنهما طعام الجن، وتقدم تعليل الروثة ـ أيضاً ـ بأنها ركس.
والتعليل بعدم التطهير في الروثة عائد إلى كونها ركساً، وأما في العظم فلأنه لزج لا يكاد يتماسك، فلا ينشف النجاسة ولا يقطع البِلَّةَ، ومثل ذلك الزجاج الأملس.
الحديث دليل على أن الاستنجاء بالأحجار يطهر طهارة لا يلزم معها الماء، وليس مزيلاً فقط؛ لأنه علل بأن العظم والروث لا يطهران؛ فدل على أن الحجارة وما في معناها يطهر، وهذا هو القول الصحيح في هذه المسألة، ويؤيد ذلك حديث ابن مسعود المتقدم، فإنه صلّى الله عليه وسلّم طلب أحجاراً ولم يطلب ماء، وكذا حديث سلمان المتقدم، وشرط ذلك الإنقاء، فإذا أنقى المحل بثلاثة أحجار فأكثر أجزأ، ولا يلزم الاستنجاء بالماء، فإن ضم إليه الماء من باب الطهارة والنظافة فهو أكمل.
وجوب التنزه من البول وأنه من أسباب عذاب القبر
102/ 17 ـ عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «اسْتَنْزِهُوا مِنَ البَوْلِ، فَإنّ عَامّةَ عَذَابِ الْقَبْرِ مِنْهُ». رَوَاهُ الدّارَقُطْنِيّ.
103/ 18 ـ ولِلْحَاكِمِ: «أَكْثرُ عَذَابِ الْقَبرِ مِنَ الْبَوْلِ». وَهُوَ صَحِيحُ الإسْنَادِ.
المسائل:
الحديث دليل على وجوب تنزه الإنسان من بوله، وتحريم التساهل بذلك، وأن التساهل من أسباب عذاب القبر، بل إن أكثر عذاب القبر منه، ومن ذلك أن يبول في محل دَمِثٍ حتى لا يطير عليه شيء من رشاش.
الحديث دليل على ثبوت عذاب القبر.
الاعتماد على الرجل اليسرى عند قضاء الحاجة
104/ 19 ـ عَنْ سُرَاقَةَ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: عَلّمَنَا رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم فِي الْخَلاَءِ: أَنْ نَقْعُدَ عَلَى الْيُسْرَى، وَنَنْصِبَ الْيُمْنَى. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ بِسَنَدٍ ضَعِيفٍ.
المسائل:
الحديث دليل على استحباب نصب الرجل اليمنى، والتحامل على الرجل اليسرى أثناء قضاء الحاجة، وقد ذكر العلماء أن هذه الكيفية تُسَهِّلُ الخارج.
¥