تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

1 - وعلى الطالب أن لا يتردد في الترشح لكل مسابقة ولو كان مكان التوظيف بعيدا عن مسكنه وأهله، وإن الطالب إذا كان في حيه ومدينته ربما وجد كثير من الطلبة الذين هم مثله أو خير منه؛ ممن يكون قد سد الثغرة وأدى الواجب، ولكن إذا خرج الطالب عن المدن الكبرى وما قاربها إلى منطقة نائية في الصحراء أو غيرها، فإنه ينتفع به بإذن الله تعالى ويهتدي الناس على يديه، ويفيد أكثر مما لو بقي في المكان الذي هو فيه، ومن يخرج إلى هذه المناطق النائية يصبح كلامه عند الناس كله فوائد، حتى الأخلاق التي اعتادها بحكم استقامته تعتبر علما بالنسبة إليهم، ولا يلزم من التصدر للتدريس أن يخوض في المسائل الكبيرة المشكلة والمعضلة، فالناس اليوم يحتاجون إلى مبادئ العلوم كتعليم أركان الإيمان والتوحيد والوضوء والصلاة وأحكام الصيام وأشياء لا تستطيع أن تقول أنا لست لها أهلا، فالتعليم إذا ذُكر هذا هو المقصود منه أصالة وليس هو العلوم الآلية الصعبة، وهذه العلوم هي التي تنفع مدرسها أكثر وقد تكون سببا في نجاته ودخوله الجنة بإذن الله تعالى.

2 - ولا ينبغي للطالب أن يشترط لممارسة الدعوة شروطا ما أنزل الله بها من سلطان، بل التوظيف والرخصة ليسا شرطا لذلك، فعلى طالب العلم أن يقدم ولا يتردد ولا يضع من عنده شروطا تعجيزية، كمن يقول أنا أعلِّم بالقرب من منزلي وفي منطقة سهلية لا جبلية وليست بالحارة ولا الباردة، ومن يتخوف من مواجهة الناس الجاهلين الذين في أخلاقهم غلظة في عقائدهم انحراف ونحو ذلك، ومن يتخوف من المناطق التي يشتد فيها الفساد.

3 - ولا يلزم من الجلوس للإفادة أن يخطب في مسجد يسع الآلاف، وبل ربما يكفيه أن يجلس إلى أربعة من الناس أو خمسة يحفظهم القرآن أو يعلمهم التوحيد أو مبادئ اللغة العربية.

4 - ليحذر الطالب من أن يشترط شيئا من حطام الدنيا كمن يشترط مسكنا فاخرا وسيارة …الخ قبل أن ينطلق في عمله، ومن فعل ذلك فإنما هو يريد أن يتكسب بالدعوة، فطالب العلم ينزه نفسه عن مثل هذه الأشياء، ويعمل لوجه الله تعالى يحمل هم الدعوة ولا يريد من الدعوة أن تحمله، ولا يريد من الناس جزاء ولا شكورا، والناس إذا عرفوا قدر الداعية ورأوا تفانيه في إرشادهم وتعليم أولادهم وفي خدمتهم في آخرتهم، سخرهم المولى عز وجل لخدمته فيما هو ضروري من أمور دنياه، على الطالب أن يصبر ويخلص في علمه وعمله ودعوته، وليعلم أنه بذلك يصير جنديا من جنود الله تعالى، وإذا كان ذلك فلن يضيعه الله تعالى أبدا، فعليه أن يعمل ولا يستعجل فرجا ولا ثمرة.

ولنأخذ العبرة من قصة الشيخ العربي التبسي حيث أنه لما من "تبسة" إلى مدينة "سيق" وبعد مرور سنة ونصف وجاءه أعيان "تبسة" يطلبون رجوعه إليهم، فقبل الشيخ واشترط عليهم شروطا، أولها بناء مسجد جديد مستقل عن إدارة فرنسا ثم بناء مدرسة قرآنية وإنشاء جمعية خيرية، اشترط أشياء أسياسية للقيام بواجب الدعوة، ولم يشترط لنفسه شيئا.

4 - وعلى الطالب في هذه المرحلة أن يكثر من قراءة سير العلماء القدماء والمعاصرين، فإن لذلك أثره البارز في تكوين شخصيته العلمية والدعوية، وعليه أن يقرأ أيضا كتب آداب الدعوة وأخلاق الدعاة، وأن لا يدع أبدا قراءة كتب آداب طالب العلم، لأنه ما زال طالب علمٍ، ولأن كثيرا من الآداب التي يذكرها العلماء في هذه المؤلفات لا يجد تطبيقها العملي إلا بعد التخرج والتصدر، كقول الحق والمجاهرة به والتحذير من المداهنة فيه والصبر على الأذى، فهذه آداب إنما يحتاج إليها في الغالب بعد أن يجلس إلى الناس، وآداب طالب العلم على العموم هي عينها آداب الداعية إلى الله تعالى لأن الداعية طالب علم ولا بد.

5 - وعلى الطالب أن لا يترك بابا من أبواب الدعوة يمكن ولوجه إلا ولجه، التدريس والصحافة والأنترنت والعمل الخيري وغير ذلك، وإننا نجد مجال الكتابة والتوجيه في الصحف مفتوحا، وبل وباب الفتوى وحل المشاكل الاجتماعية وأصبح كل من هب ودب يدلي فيها بدلوه، والمرجع في هذه الأمور إلى أهل العلم الذين حصلوا علم الكتاب والسنة، فعلى طالب العلم إذا وجدا سبيلا على جريدة من الجرائد أن يسد الباب على هؤلاء الجهال المرتزقة الذين جعلوا من هذه الكتابة سببا للرزق لا للدعوة إلى الله تعالى، حتى أن بعضهم أصبح يكتب ما يشتهيه الناس ويطلبونه.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير